إنّ كتاب "المحاكمة المهزلة كما يرويها النائب المحامي صالح عبد الكريم العرموطي" للمؤرخ الدكتور عمر العرموطي ليس فقط وثيقة تاريخية هامّة تروي مجريات أهم قضية إعدام مرّت علينا لشخصية مهمة وسياسية وهو الرئيس صدّام حسين رحمه الله. فهذا الكتاب عينٌ راصدةٌ وموثّقة لمرحلة مهمة من حياتنا كشعوب عربيّة وإسلامية، وحتّى عالميّة، يُثبت من خلاله النائب المحامي صالح العرموطي المسرحية المهزلة التي جرت أمام العالم للنيل من كرامتنا وحريتنا وقيمنا وإنسانيتنا، فصدّام حسين لم يمثل العراق فقط فوق ما رأينا ووفق ما سرد العرموطي فإن لصدّام حسين في كل مكان أثر لا يُمحى، كما أنه كان سبّاقًا مع كل الدّول يضرب بيد من حديد ويُساعد في إعمارها ونهوضها ومقاومتها للاحتلال ولعلّ من أبرز الأمثلة على ذلك مساندته القضيّة الفلسطينيّة ولربما هي من جعلتهم يكيدون له هذه المكيدة ويسعون للخلاص منه بالإضافة للعديد من الأمور التي أتى على ذكرها النائب المحامي صالح العرموطي.
ولا يخفى علينا ومما قرأت في هذه الوثيقة المهمة مساندة صدّام حسين للأردن ودعمه وتقديمه القِدر العراقي الذي أتى على ذكره النائب صالح العرموطي وتقديمه النفط بأسعار تفضيلية والكثير الكثير مما قدّمه للشعوب ولشعبه تحديدًا مما جعلهم يكيدون له، ويفترون على أرض العراق ويتآمرون عليه وعلى صدّام وتحديدًا بوش الذي كان لابدّ من محاكمته وفق العرموطي؛ لأجل الجرائم التي ارتكبها والتي يندى لها الجبين والتي لم يُفكر حتى صدّام بالاقتراب منها.
إنّ قيمة هذا الكتاب "المحاكمة المهزلة" لعمر العرموطي والتي يرويها النائب صالح العرموطي/ محامي الدّفاع عن صدّام حسين تتجاوز عدد صفحاته الثلاثمئة. فهذا الكتاب "مفخرة" لنا كأردنيين فقد وثّق عمر العرموطي من خلال موقف النائب المحامي صالح العرموطي نخوة وشجاعة وإقدام الأردنيين، فقبول المحامي صالح العرموطي الدّفاع عن صدّام حسين كاد يكلفه حياته لكنه لن يتوانى لحظة فكما قال إنه لا يخشى في الحق لومة لائم فبقي مدافعًا عن الرئيس صدّام حسين رحمه الله بالرغم من كل المخاطر والتحذيرات، وبقي شامخًا صامدًا حتى في وجه هيئة المحكمة التي كانت تحاول النّيل منه.
كما يكتسب الكتاب أهميته من طريقة العرض التي لم تركز فقط على صدّام حسين الرئيس ولحظات إعدامه بل تناولت تفاصيل حياته وجوانب إنسانية منها وسلطت الضوء على ما حلّ بشعبه بعد إعدامه وكيف غدت العراق مجزأة مكلومة ضائعة، بل ما حلّ بالشعوب العربيّة لاسيما وأنّ العراق كان حصنًا منيعًا في وجه الأمريكان.
ويعرض عمر العرموطي في هذه الوثيقة التي أسميها "العين الشاهدة" أحداث غُيّبت عنّا ووقائع مهمة وتفاصيل مخفية في قضية إعدام الرئيس صدّام حسين رحمه الله وذلك في المقابلات التي وردت بينه وبين النائب صالح العرموطي محامي الدفاع عن صدّام حسين. كما يُورد في كتابه كلمة رغد صدّام حسين المؤثرة في ذكرى استشهاد والدها، وقصيدة نظمها الرئيس صدّام حسين، وبعض الصور وملحق به بعض الوثائق والمقتطفات من الصحافة والإعلام والمواقع الإلكترونية، والسيرة الذاتية لصدّام حسين.
وقد أوصى معد الكتاب عمر العرموطي بالاطلاع عليه لاستخلاص العبر والدروس وإني أشدد على ذلك لاسيما وأنني قد اطلعت عليه، وبالنسبة لي فقد كشف هذا الكتاب كثيرًا مما خفي عليّ وتناقلت ما هو مخالف له الوسائل المختلفة دون مرجعيّة موثّقة. كما أنه بيّن حقيقة ما جرى في تلك المحكمة المهزلة الصوريّة ووضّح حقيقة قضاة تلك المحكمة وسلّط الضوء على حقيقة لا تخفى عنّا بأن بوش هو مجرم الحرب لا صدّام حسين كما ادعوا، وأن الأسلحة التي ادعوا وجودها في العراق لم تكن إلا غطاءً لاستباحة العراق وحُرمته ثم استباحة الدول الأخرى.