لم تكن مسيرة الحاج سلام الرواحنه ( ابو علي ) مسيرة رجل عادي بل مسيرة مفعمة بالتضحية والفداء والعطاء ، فهو ابن بيئة بدويه مشبعة بقيم الرجولة واخلاق الفرسان ، ولد في لواء ذيبان وفي قرية عراعر تحديدا ، وما أن أزهر شبابه حتى التحق بالخدمة العسكرية ( الجيش العربي ) ليكون جنديا في خندق الشرف مصنع الرجال مدافعا عن الاردن الوطن الارض والانسان ، نال شرف الدفاع عن فلسطين في حرب حزيران وقاتل في معركة استرداد الكرامة في يوم الكرامة ، فكان مثالا لشرف الجندية خلال خدمته العسكرية ،
لم يوقفه التقاعد عن مواصلة رحلة العطاء
حيث استقر في مدينة مادبا كان لماحا ذكيا سجل له العديد من النجاح الخدمي والاجتماعي والعشائري وهو المبادر الاول في تلبية احتياجات المحافظة من الخدمات ، فهو اول من انشأ مركز لتدريب وتعليم السواقة والمدربين وسمي انذاك ( مركز الرواحنه ) جعل منه مدرسة تخرج منها مئات السواقين ، مزودين بالمهارة والشرف المهني .
ومع زيادة اتساع مادبا كان أول من أسس خطوط نقل داخل المدينة لتربط كافة احياء و مناطق مادبا وقراها ، وكان اول من سير حافلة بين مادبا و مدينة الحسين الطبية ، واتسعت دائرة نجاح الرجل وبادر بتأسيس اول مكتب ( تكسي ) في مادبا ليخدم مدينة عشق أرضها وأحب إنسانها ، وكان الرجل يد العون التي تمتد لطالبها دون تردد ، كان بيته مقصدا مشرعة ابوابه لكل اطياف النسيج الاجتماعي في مادبا و ذيبان يلجأ اليه عابر السبيل ويطرق بابه السائل والمحروم ، كان شخصية عامه ، وبيت خبرة ومشوره ، زاره امراء ووزراء ووجهاء وشيوخ عشائر ، لم تقيده جهوية ضيقه ولم تمنعه فئوية محدوده عن اصلاح ذات البين و فض المنازعات والإصلاح وحل الخلافات والاختلافات ، حكما عادلا وقاضيا نزيها طالما كان سببا في إحلال الوئام بدل الخصام والوحدة بدل الانقسام .
لم يكن حبه للخير مجرد عنوان بل ترجمه الى واقع معاش في المساهمة بانشاء عدد من الجمعيات الخيرية ، وكفالة الأيتام ومساعدة الفقراء والمساكين متفرغا لعمل الخير والخير فقط ،
كان إيمانه حد اليقين بأهمية الزراعة وفي تعزيز الإنتاجية وتشغيل الأيدي العاملة ، يردد مقولة ( لاخير بمن لا يأكل مما يزرع ، ولا يلبس مما يصنع ) .
لم يبخل في اعداد ابنائه للحياة في تعليم نافع وخلق كريم . تحقق بهم حلمه الوردي يحملون إسمه ويدعون له بظهر الغيب ، على دربه سائرون وعلى اسمه يحافظون
كان سمحا لطيفا في التعامل متصالحا مع نفسه ، مدركا لرسالة وجود الإنسان ، وأنه لا بد من الرحيل وان طال المقام حين قرر تصفيه جميع اعماله التجاريه متفرغا لعمل الخير والعبادة ، حينها
أعلن تنازله عن عشرات الآلاف من الدنانير من ديونه في مسامحة كريمه عن المدينين المتعثرين ، وسد رمق الجائعين وعونا للمحتاجين مبتغاه رضى الله تعالى وراحة الضمير .
انه من خيرة الخيرة من رجال الزمن الجميل
المرحوم الحاج الشيخ سلام العلي الرواحنه الحمايدة.
رحمك الله أبا علي كم كنت ملاذا لمن ارهقت الحياة خطاهم فكنت لهم العون والسند . رحمك الله رحمة واسعة واسكنك فسيح جناته ...