تعتمد شركة أبل منذ سنوات طويلة على حِيلة نفسية تُعرف باسم «سيكولوجية الرف الفارغ». تهدف من خلالها إلى خلق حالة من التلهُّف والقلق لدى العميل من عدم قدرته على الحصول على نسخة من المنتج الجديد بسبب شُحّ الكمية أو تأخر موعد إطلاقه في الأسواق العالمية.
وفقاً لدراسة من جامعة ألبيرتا الكندية، سيستجيب المتسوقون بشكل طبيعي للأرفف الفارغة بمزيد من الهوس أكثر مما لو رأوا وفرة في السلعة التي يريدونها. وهي نقطة بيع حقيقية لشركة أبل أيضاً.
إذ تشير الشائعات إلى أن iPhone 14 Max الجديد يواجه احتمال عدم توفّره بالكامل عند الإطلاق، ما سيعطي دفعة مضاعفة للمستهلكين الذين يتطلعون إلى استبدال هواتفهم القديمة بأُخرى جديدة: بينما قد ينتظر الكثيرون الموديل الجديد المثير للاهتمام (والذي سيكون أرخص، لكن أقل في المواصفات مقارنةً بجهاز Pro Max، ومع ذلك سيوفر شاشة أكبر وبطارية أطول عُمراً)، وقد ينشغل الآخرون في إثارة «يوم الهاتف الجديد» لدرجة أنهم سيختارون أياً من الموديلات المتاحة.
ويرى بول ميسينجر، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعة ألبيرتا، الذي تناولت دراسته بيع العديد من السلع أنه: «قد يُوحي نقص مخزون السلع الشائعات لدى المستهلكين إلى أن المتجر لا تتم إدارته بشكل صحيح لأنه لم يتم طلب التوريد بشكل كافٍ. ولكن بالنسبة للسلع الأحدث، يمكن للمتاجر استخدامها كرسالة: لم يكن الأمر أنهم لم يطلبوا ما يكفي منها، بل ربما كان المنتج يُباع بسرعة كبيرة بحيث لا يُمكن لأحد توقعه، لذا قم بشرائه عندما تستطيع فعل ذلك».
لذلك إذا كان لدى أبل نقص في المنتج عند إطلاق آيفون 14، فمن المحتمل أن يضمن بيع المخزون بسرعة أكبر، ويخلق شعوراً بالإلحاح لدى من اعتقدوا أنهم قد يرغبون في ذلك، ولكن لم يقرروا ذلك من قبل.
تعطينا الدراسة أيضاً فكرة عن سبب كون آيفون 13 رائجاً إلى هذا الحد، على الرغم من عدم كونه متقدماً بشكل حاسم على الموديلات السابقة. وأضاف ميسينجر: «تخلق المنتجات التي تنفذ من الأسواق إحساساً باللهفة لدى العملاء؛ فهم يشعرون أنه في حال اختفاء أحد المنتجات، يمكن أيضاً أن تنفذ السلعة التالية».
وبحسب موقع Tech Radar فإن مسألة تأجيل شركة أبل إطلاق سلسلة هواتف آيفون 14 المتوقعة هذا العام، فلن يشكّل ذلك بالضرورة أية مشكلة لدى أبل في حال تأجيل هواتفها، خصوصاً مع تعطل بعض سلاسل الإمداد والتوريد بسبب القيود المفروضة في الصين نتيجة لتفشّي فيروس كورونا مجدداً، خصوصاً في مدن مثل شنغهاي.
ومنذ العام الماضي، أشارت الشائعات باستمرار إلى أن شركة أبل ستكافح من أجل إصدار سلسلة آيفون 14 الجديدة في الوقت المحدد، خصوصاً أن تفشّي فيروس كورونا في شنغهاي تسبب في توقف بعض الشركات المصنعة لهاتفها، مثل Pegatron، عن الإنتاج لفترة قصيرة.
ومن الواضح أن هذا سيكون له تأثير غير مباشر على أي شخص يأمل في الحصول على وفرة من أجهزة آيفون الجديدة في يوم الإطلاق – وستكون فرص ذلك أقل إذا لم يتم صنعها بسرعة في الوقت الحالي.
لكن هل هذا سيئ؟ ضع بعين الاعتبار حالة آيفون 13، التي تم إطلاقها العام الماضي. وأدّت التأثيرات المتتالية لفيروس كورونا ونقص الرقائق إلى أن سلسلة آيفون 13 العام الماضي لم يتم تصنيعها بكامل طاقتها حتى فبراير 2022، ومع ذلك كانت واحدة من أكثر سلاسل الهاتف مبيعاً على الإطلاق.
كيف يمكن أن يكون هذا هو الحال عندما لم يكن الإنتاج بكامل طاقته؟ حتى في ديسمبر 2021، بعد أشهر من الإطلاق، ظل المستهلك يكافح للحصول على بعض موديلات آيفون، ومع عدم توفر iPhone 13 Pro وiPhone 13 Pro Max باستمرار للاستلام في المتجر وكذلك استغراق أوقات طويلة قبل التسليم. وعلى الرغم من استبعاد احتمال أن تكون أبل قد تعمدت التقليل من توفير الأجهزة، فإنه يتعين علينا فقط النظر إلى الحماس الناتج عن عدم توفر أجهزة بلايستيشن 5 في الأسواق لرؤية الهوس الذي يحدث عندما يبدو أن هناك شيئاً ما قد نفذ من المخزون. وهذا ما جعل البعض راغباً بشراء بلايستيشن 5 حتى وإن لم يكن متحمساً لذلك. ويعطي الأشخاص الذين نجحوا بالحصول على ذلك الجهاز شعوراً بأنهم حققوا إنجازاً وفازوا بمنافسة مهمة.