نظم الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة عبر تقنية الاتصال المرئي بعنوان "واقع وآفاق الترجمة بين اللغتين العربية والفيتنامية" شارك بها عدد من الباحثين والأكاديميين والمشتغلين بالترجمة، وذلك في إطار فعاليات الموسم الثامن للجائزة الذي أُدرجت فيه الفيتنامية ضمن اللغات الخمس المختارة في فئة الإنجاز لعام 2022.
وأكدت د.حنان الفياض، المستشارة الإعلامية للجائزة، أهمية فعل المثاقفة والدور الذي تلعبه الترجمة في التواصل بين الحضارات ونقل المعارف، وأوضحت أن الجائزة اختارت في هذا الموسم خمس لغات جديدة في فئة الإنجاز، تضم: بهاسا الأندونيسية، والكازخية، والسواحلية، والرومانية، إلى جانب الفيتنامية.
وشكرت رئيسة قسم اللغة العربية بجامعة هانوي الوطنية "لي ثي خوين" الجائزة لإتاحتها الفرصة للّغة الفيتنامية للمشاركة في هذا الموسم، وعدّت هذه الخطوة "هدية كبيرة لترويج صورة فيتنام بلداً وشعباً للعالم العربي، ولإطلاع العرب على الثقافة الفيتنامية وواقع الترجمة في فيتنام"، آملةً أن تحفز الجائزة المشتغلين بالترجمة ليقدموا بعض المنجزات الفكرية والمعرفية والأدبية مترجمةً من إحدى اللغتين إلى الأخرى.
وقالت الأستاذة "فان ثي ثو فونغ" إن العلاقات الثنائية بين فيتنام والدول العربية شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يدل على الأهمية الاستراتيجية لتعليم اللغة العربية وتطوير أدوات المترجمين منها وإليها في فيتنام.
وعرضت "فان ثي ثو فونغ" تجربتها في الترجمة من العربية إلى الفيتنامية، وجهودها في تحسين جودة تعليم اللغة العربية في فيتنام، وتقديم الثقافة العربية والمعارف حول الدول العربية للفيتناميين من خلال الكتب والمقررات الدراسية، والمشاركة في عدد من المشاريع المتعلقة بالترجمة بين اللغتين. وأشارت إلى تجربتها في تقديم الكتب المترجمة المشتركة ومجموعة من الأفلام الفيتنامية في معرض إكسبو 2020.
وعن التجربة الفيتنامية في الترجمة بين اللغتين، قالت الأستاذة "فام ثي ثوي فان" إن الجهود الرسمية والفردية في هذا المجال ما تزال في بواكيرها، بسبب قلة عدد الأشخاص الذين يعرفون اللغة العربية في فيتنام؛ إذ بدأ تدريس اللغة العربية في عام 1996، والجهة الوحيدة التي تدرّب المترجمين للّغة العربية في فيتنام هي كلية اللغات الأجنبية بجامعة هانوي الوطنية، إذ يبلغ عدد الطلبة فيها حوالي 25 طالباً سنوياً.
وأشارت إلى أنه لا يوجد الكثير من أعمال الترجمة بين اللغتين حتى الآن، وأن حركة الترجمة موجّهة أساساً للأغراض التعليمية، مثل ترجمة الوثائق العربية لأغراض البحث، وترجمة القصص القصيرة العربية إلى الفيتنامية لأغراض خدمة مادة الأدب العربي في البرنامج التدريبي.
وأوضحت "فام ثي ثوي فان" أن هناك عمليَن رئيسيَن أُنجزا ضمن جهود الترجمة في الجامعة؛ وهما مجموعة قصص قصيرة ليوسف إدريس، اختارها أساتذة قسم اللغة العربية وترجموها إلى الفيتنامية؛ والقاموس العربي-الفيتنامي صغير الحجم للاستخدام داخل الجامعة.
وقالت إن أعمال الترجمة خارج الجامعة نادرة، وتخدم بشكل أساسي أنشطة وزارة الخارجية والأسابيع الثقافة الفيتنامية في الخارج؛ مثل ترجمة المطبوعات للتعريف بالثقافة والسياحة والأفلام الفيتنامية. وكذلك الحال بالنسبة لترجمة الكتب العربية، ومنها "ألف ليلة وليلة" ورواية "بنات الرياض" للسعودية رجاء الصانع التي تُرجمت من الإنجليزية لسهولة ترجمتها وقلة كلفتها. وأشارت إلى كثرة الأخطاء الواردة في الترجمات بسبب افتقار المترجمين إلى معرفة طبيعة المجتمعات العربية وخصوصية الثقافة واللغة العربيتين.
واقترحت "فام ثي ثوي فان" لتعزيز حركة الترجمة بين اللغتين؛ ترويج أنشطة تسويقية للثقافة العربية من خلال السفارات العربية، والتعاون مع ناشرين عرب يتعهدون بنشر الأعمال الأدبية الفيتنامية المترجمة إلى العربية.
من جهتها، قالت الأستاذة "هوانج ثو منه" إن الترجمة تمثل جسراً بين الكاتب والقارئ بلغة أخرى، وإن هذا يستدعي أن يكون المترجم قادراً على فهم ما يقصده المؤلف بشكل صحيح ونقله بدقة إلى القارئ، بمعنى أن "يقرأ" المترجم باللغة المصدر وأن "يكتب" باللغة الهدف.
وأوضحت "هوانج ثو منه" أن المترجم يواجه تحديات عدة في أداء الترجمة، مما يتطلب منه اكتساب مهارات لتجاوزها. واستعرضت بعض التحديات التي تواجه المترجم من الفيتنامية إلى العربية، على المستويات الثقافية والاجتماعية واللغوية، ومنها اختلاف ترتيب الجملة العربية عن الفيتنامية، ومشكلة الروابط والمصطلحات الخاصة بالمناصب والمنظمات القانونية والطبية والمالية وغيرها. كما أشارت إلى صعوبة تقديم ترجمات لنصوص عربية توظَّف فيها اللهجات المحكية العربية التي تختلف من بيئة عربية إلى أخرى.
ودعت "هوانج ثو منه" إلى اختيار نصوص عربية للترجمة تكون منسجمة مع الثقافة الفيتنامية، وتكثيف قراءة الصحف العربية لتحسين الفهم والاستماع إلى اللغة من مصدرها.
أما د.مصطفى هليل، أستاذ اللغة العربية في قسم اللغة العربية بجامعة هانوي الوطنية، فأشاد خلال إدارته للندوة بمحاولات مدرسي اللغة العربية من الفيتناميين نقلَ صورة الإبداع العربي بما ينسجم والثقافة الفيتنامية.