أستطيع أن أقول وأنا مرتاح البال والضمير أن "مريم العلي" تستطيع أن تشخّص لك أي حالة تقف أمامها عاجزًا عبر ضربها مَثَلًا مفاجئًا ولم يخطر على بالك..!
هي ابنة عمّي ولديها كمّية مهولة من الأمثال الشعبية التي لم يسمع بها أحد.. لدرجة أنني مرّات كثيرة أشكّ بأنها من تقوم بتأليف تلك الأمثال لو علمي الأكيد بأنها أمية لا تقرأ ولا تكتب ..!
في آخر جلسة عائلية جمعتني بها؛ ظلّت "مريم العلي" صامتة كعادتها وحين رأت أن النقاش احتدم ونحن نستعرض وننمّ على فلان وفلان وفلان وكيف أن كلّا منهم يرى نفسه أفضل من الآخر؛ قطعت "مريم العلي" صمتها وقالت بما يشبه الصاروخ: يعني أبو شرشحة شايف حاله على أبو مملحة..! توقّف النقاش وكأنّ على رؤوسنا الطير لهذا المثل الخارق وصرنا ننظر لبعضنا وانطلقنا سويّة في حالة ضحك هستيريّة..!
يا لهذا التوصيف.. الاجتماعي.. بل السياسي.. بل ينطبق على كلّ شيء.. يختصر وضعنا كلنا عربًا وأعرابًا .. لأن لدينا ملايين من "أبو شرشحة" وملايين أخرى من "أبو مَمْلَحة" وكل واحد منهم شايف حاله على الثاني..!
مشكلتنا أننا تسكننا عقد النقص ولكننا لا نرى إلّا عقد نقص غيرنا .. فـ"شراشحنا" سرقوا الأوطان نكايةً بـ"ممالحنا" و "ممالحنا" طوّبوا المسروق لهم كي لا يستقرّ لـ"شراشحنا".. وضعنا خمسين خريفًا بين الشراشح والممالح..!
يا "مريم العلي" هاتِ لي مثلًا عن طابور القهر الذي يتسابق للاصطفاف فيه كل العرب بلا استثناء..!