يعتبر من الرعيل الأول القديم جدا، وأحد أبرز أعلام الطفيلة القدامى ذو الصيت الذائع في التعليم والإدارة ، خاصة أنه كان مفوها ذا هيبة و وقار ، من المعلمين الأوائل جدا ، حيث عين عام ( ١٩٤٦) جنوب الأردن معلما لمادة الرياضيات ، أي قبل زهاء ( ٧٦ ) عاما وسوف نتطرق لهذا المجال ضمن سياق المقالة، و تربوي مخضرم من الطراز الرفيع لا سيما أنه يعد من مدراء المدارس القدامى في الطفيلة ، ويعسوب قومه وعشيرته سيما أنه من مواليد الطفيلة عام ( ١٩٣٠) .
طافَ الراحل قرى الجنوب معلما ، فقد كان يتمتع بالرزانة والدقة أثناء عمله معلما و مديرا ، فقد كان معلما ذا صيت وهيبة و مدير مدرسة في قمة عطائه صاحب شخصية قوية جدا .
عام (٢٠١٨ ) غيب الموت هذا العلم الفاضل من الرعيل الأول القديم في التعليم و الإدارة و الذي ترك بصمة واضحة على بعض تلاميذه من الذين نشاهدهم اليوم قيادات في كافة المؤسسات و يمتلكون المهارات في العمل والتعامل مع المجتمع .
يعتبر قامة رفيعة وإرث كبير من الشخصيات القيادية الحكيمة والمتميزة وهو من الذين عاصروا الراحلين سلامة العودات وفؤاد العوران - رحمهما الله - كان الراحل فؤاد العوران يتحدث عنه كثيرا و يذكره بعدة روايات ويمتدح حزمه و صلابته في التدريس والإدارة وحكمته في إدارة المدرسة الإبتدائية و الإعدادية .
ولد الراحل سيف الدين العطيوي - رحمه الله - عام (١٩٣٠) في قرية الطفيلة، حيث درس الصفوف الأولى في الطفيلة حتى عام (١٩٤٠) وأكمل دراسته الإعدادية في الكرك ، ثم دراسة الثانويه في كلية الحسين في عمان .
عام (١٩٤٧) عين معلما للرياضيات وتنقل في مدارس الجنوب في قرى النعيمات وإيل وبسطه، ثم في قرى جنوب الكرك، مثل أم حماط و ذات راس في الكرك ، حيث كان يتنقل ما بين هذه المناطق على فرس كان يمتطيها خلال ذهابه للمدارس .
في عام (١٩٤٩) انتقل للطفيلة معلما لمادة الرياضيات في المدرسة الإبتدائية ، وكان والده الراحل عبدالله العطيوي مديرا للمدرسة ، ثم بعدها انتقل معلما لمدرسة عيمة من عام (١٩٥٢ ولغاية ١٩٥٦ ) وكان مدير المدرسة في ذلك الوقت الحاج سلامة العودات - رحمه الله - حيث كان يذهب إليها مشيا على الأقدام وفق ما قاله الشيخ عبدالرحمن العكايلة أحد طلبته في الصف الأول الإبتدائي، بعدها رجع معلما لمدرسة الطفيلة الإبتدائية، ثم عين مديرا لها ، حيث كانت المدرسة مستأجرة من عدة مبانٍ متفرقة منها المسجد الحميدي و دور الباشا ، حيث تسلم الإدارة من الأستاذ شريف القبج ، ثم بعدها انتقل مديرا للمدرسة الإعدادية في البقيع مدرسة الطفيلة الثانوية للبنات حاليا ، حيث استلم الإدارة من الأستاذ عارف المحاسنة وكان كما يقول الأستاذ سليمان العمايرة وهو طالب في الثالث إعدادي ( المترك ) آنذاك قد درسه مادة الحساب بالإضافة إلى عمله مديرا وكان الأستاذ ابراهيم الجرابعة يدرس الهندسة والجبر ، و في عام ( ١٩٧٢) انتدب من التربية مديرا لمكتب الاتحاد الوطني فرع الطفيلة ، ثم بعدها رجع مديرا للمدرسة الإعدادية حتى تقاعده بداية (١٩٨٠).
ويسرد الأستاذ سليمان العمايرة أطال الله في عمره مراحل دراسته في المدرسة الإبتدائية و الإعدادية زمن الراحل سيف الدين العطيوي على النحو الآتي
*١٩٧٤ - ١٩٧٥ ثالث ثانوي*
*١٩٧٣ - ١٩٧٤ ثاني ثانوي*
*١٩٧٢ - ١٩٧٣ أول ثانوي*
*١٩٧١ - ١٩٧٢ ثالث اعدادي(مترك) مدير مدرسة الطفيلة الإعدادية (درسني مبحث حساب)*
*١٩٧٠ - ١٩٧١ ثاني إعدادي*.
*١٩٦٩ - ١٩٧٠ أول إعدادي* .
*١٩٦٨ - ١٩٦٩ سادس ابتدائي .(في بداية (١٩٦٩) نقل ٣شعب سادس و شعبة خامس ، و من الثانوية شعبتان (زراعي و صناعي)* .
*١٩٦٧ - ١٩٦٨ خامس ابتدائي* .
*١٩٦٦ - ١٩٦٧ رابع ابتدائي* .
*١٩٦٥ - ١٩٦٦ ثالث ابتدائي* .
*١٩٦٤ - ١٩٦٥ ثاني ابتدائي* .
*١٩٦٣ - ١٩٦٤ أول ابتدائي* .
ويضيف العمايرة: أنه عاصر الراحل العطيوي في المحطات الثالوثية الزمنكانية: ١- طالبا من الأول حتى السادس الإبتدائي والراحل مديرا ٢- طالبا والراحل مديرا ومعلما لمبحث الحساب ٣- معلما تحت إدارته في الإعدادية .
كان - رحمه الله -خبيرا في تدريس مادة الرياضيات للمرحلة الإبتدائية و الإعدادية ، حيث أنه قائد في زمانه من المستوى الرفيع للغاية ، ذات الشخصية القوية جدا ، و يمكن أن نطلق عليه ( الرجل المتمكن )، و من الذين تتملكه جرأة في الحزم و الشجاعة و الإصرار و العزيمة التي لا نظير لها في تربية الأجيال ، فقد كان حازما في إتخاذ القرارات الصائبة لا يتهاون في تحصيل الحق للمظلوم ، فهو يمزج بين الشدة و اللين في تعامله مع تلاميذه و مجتمعه ووجوه العشائر و شيوخها في ذلك الزمان، فلا هو صلب فيكسر و لا لين فيعصر و يمكن أن نطلق عليه (المربي الحكيم القوي) .
تتلمذ على يديه آلاف الطلبة من قطاعات شتى أصبحوا فيما بعد مسؤولين و معلمين و قيادات تربوية وسياسية ، فقد اتصف بأنه شديد في الحق لين في المعاملة ، حيث أمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع طلبته ومجتمعه لا يضيع الحق عنده ، فهو يقف مع صاحب الحق حتى يحصل على حقه ، فقد كان شديدا في قول الحق لا يحب الإعوجاج و لا يخشى في الله لومة لائم ، تشعر بالوقار و الهيبة عند مجالسته .
رجل تربوي مخضرم ، تشهد له ميادين التربية والتعليم في الأردن وفي الطفيلة خاصةً أنه قدوة يحتذى في الإخلاص والتفاني ، يتميز في فهمه للرسالة الحقيقية لصاحب العلم ، فقد كان حكيما في أسلوب إعطائه وتقديمه للمعلومة .
امتازت شخصيته بالحكمة والدراية و إلمامه بأساسيات أدب الحوار و النقاش ، خصوصا أنه أمتلك شخصية على مستوى عال من الثقافة أهلته أن يكون من الذين استطاعوا إثبات قدرته على قيادة العملية التعليمية في مدرسته بكل جدارة و استحقاق ، حيث كان يُضرب به المثل في إدارته القوية للمدرسة ، فهو شخصية تربوية قدمت للقطاع التربوي والمجتمع ككل .
كان المربي الأستاذ سيف الدين العطيوي صاحب حضور كبير ملفت للنظر في أربعينيات و خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن العشرين خلال انخراطه في التعليم والإدارة ، حيث تتملكه جرأة في قول الحق و شجاعة في الأقدام في تحصيل حقوق المظلوم و صاحب الحق ، فهو فصيحٌ في اللغة ، سريع البديهة ، كان ينظر له عندما يتوسط الجلسة كالمربي الكبير ، نظرا لما كان يمتلكه من الفراسة و الجرأة ، فيما أكد البعض على امتلاكه البصيرة و الحكمة و فنون الرد و الإقناع والمحاورة خلال حديثه و مناقشاته مع كبار و وجوه وشيوخ العشائر في عصره ، و له من المواقف الإنسانية الأخرى ما لا حصر لها مما أدخل محبته في قلوب الناس .
كان بيته مفتوحا للجميع كوالده الراحل عبدالله العطيوي خاصة في الأيام الصعبة في زمن الأربعينات والخمسينيات عندما كانت الطفيلة تعاني من ظروف صعبة ، فلم يكن هنالك فنادق أو مطاعم ، فكان الناس يطرقون الأبواب التي لا تصد في وجوههم ، حيث سار على نهج والده الراحل عبدالله العطيوي في إستضافة العائلات الميسورة في تلك الفترة تحديدا .
كان لا يجامل و لا يداهن في كشف السلبيات و انتقاداها موهوبا في الإقناع والحوار رغم صمته الذي يخفي أشياء عن شخصيته التي تميزت بالرزانة والكياسة ، تميز بسرعة البديهة و الفهم و الإدراك تجلى ذلك واضحا في تدريسه لمادة الرياضيات .
يرى البعض أن الراحل العطيوي لم يتكرر شخص بصفاته في عصره ، حيث يوصف - رحمه الله - ببراعته في تدريس الرياضيات و معرفة القوانين الرياضية، فهو جمع بين عدة جوانب الإجتماعية و التربوية وفهمه للمسائل الرياضية .
كان علما معروفا في حكمته و بصيرته حيث يعتبر أحد أبرز أعمدة عشيرة الحميدات في الطفيلة و أحد أبرز رجالات التربية القدامى ، فهو مرجعية لمعلمي المدارس التي كان فيها مديرا ؛ لخبرته الواسعة التي تزخر بالمعرفة والثقافة في المجال التعليمي و الإجتماعي ، فهو الأب التربوي للطلبة و الأب التعليمي للمعلمين ، حيث كان ينظر له كالأب في المدرسة ، و خارجها لما يتمتع به من خبرة غنية في المجالين التربوي والإجتماعي .
اتصف - رحمه الله - بالموضوعية و بشخصيته الثابتة المتزنة فلم يعرف التزلف و المداهنة و كان يشار إليه بالبنان ، نظرا لعلمه و مواقفه وتواصله الإجتماعي مع أفراد مجتمعه في ظل ظروف كانت صعبة للغاية .
يوصف بأنه مبدع في هزله و جده ، صادق في تعبيره عن أحاسيسه و معاناته، كان صريحا لا يحب التزلف و النفاق و هذه الصفات سكبها خلال خدمته في القطاع التربوي و كان لديه القدرة على الإدارة في مختلف الظروف ، وفيا مخلصا للبيئة التي عايشها و ترعرع فيها و تجلى هذا الإخلاص و الحب من خلال حرصه على طلبته والمحافظة عليهم .
كان نظاميا - رحمه الله - لا يتهاون مع الأخطاء ، حازمٌ في تصحيحها ، عازمٌ في إقرارها ذات هيبة و وهرة في إتخاذ القرارات لمصلحة العملية التعليمية و المدارس التي درس فيها ، حيث إن هذه الوهرة و الشدة و الحزم كانت دوما لمصلحة طلبته مما شكلت منظومة متكاملة عملت على إنتاج قيادات تربوية و وطنية و سياسية و إجتماعية ، يشار لها بالبنان في مجتمعاتنا و مؤسساتنا الوطنية و الخاصة و أصبحنا نشاهد ثماره و نتاج غرسه على مجتمعنا في المحافظة بعد هذه العقود من الزمان .
تكللت مسيرته التعليمية بالنجاح المثمر ، فقد كان له تأثير إيجابي كبير على من تتلمذوا على يديه، فقد استفادوا كثيرا من خبرته الغنية و المتنوعة في التعليم و الإدارة .
رحم الله فقيد الاردن أبا عبدالله و أسكنه فسيح جناته و جزاه الله جزيل الجزاء على ما قدم من علم و إنجازات وسيرة عطرة مليئة بالإنجازات ، ورحم الله والده المربي عبدالله العطيوي وجميع المربين الراحلين رحمة واسعة .