لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، بالتعبئة العسكرية الجزئية، في خطوة عدها محللون ضمن سيناريوهين إما "محاولة للضغط على الغرب" لإنهاء الحرب بمكاسب وشروط، أو أنها "تتبع سياسة الأرض المحروقة".
وأمر بوتن، يوم الأربعاء، بالتعبئة العسكرية الجزئية، مؤكدا أن روسيا ستدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة في ترسانتها الضخمة إذا واجهت تهديدا من الغرب.
يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان 4 مناطق موالية لموسكو في أوكرانيا عن استفتاءات خلال الفترة من 23 -27 سبتمبر الجاري بهدف الانضمام إلى روسيا أثارت غضبا وانتقادات غربية واسعة.
بوتن في كلمة وجهها صباح اليوم للشعب الروسي:
• النظام في كييف هو من بدأ هذه الحرب وبدأها عام 2014
• النظام في كييف ارتكب إبادة جماعية ومارس الإرهاب والحصار تجاه الذين رفضوا الانقلاب عام 2014
• نؤيد سعي جمهورتي دونيستك ولوغانسك الشعبيتين ومقاطعتي خرسون وزاباروجيه للانضمام إلى روسيا
• لم يعد الأمر مجرد سماع مسؤولين غربيين مستهترين بشأن إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية بعيدة المدى، وإنما بدأت القوات الأوكرانية بالفعل في قصف إرهابي حدود مدننا في القرم وبيلغورود وكورسك
• وقعت أمر التعبئة الجزئية من قوات الاحتياط وممن يمتلكون الخبرة في القتال
• ستبدأ أنشطة التعبئة بدءا من اليوم 21 سبتمبر 2022
• لقد تجاوز الغرب في سياساته المناهضة لبلادنا كل الحدود الممكنة
• لم يعد سرا الحديث عن تدمير روسيا بالكامل في ساحة المعركة باستخدام كل الوسائل الممكنة، بما يتبع ذلك من تداعيات لنزع سيادتها السياسية والاقتصادية والثقافية وكل أشكال السيادة والنهب الكامل لبلادنا
• لمن يطلق مثل هذه التصريحات، أود تذكيرهم بأن بلادنا كذلك تملك أسلحة دمار شامل وفي بعض أجزائها أكثر تطورا من نظيراتها لدى دول "الناتو"
أمام أي تهديدات لوحدة أراضينا أو سيادتنا نحن قادرون على استخدام هذه الأسلحة وهذا ليس خداع
يتضمن نص مرسوم التعبئة العسكرية الجزئية:
• الإعلان عنالتعبئة الجزئية في روسيا الاتحادية اعتبارا من 21 سبتمبر 2022
• القيام بدعوة مواطني روسيا الاتحادية للخدمة العسكرية من خلال التعبئة في القوات المسلحة لروسيا الاتحادية
• يتمتع مواطنو روسيا الاتحادية الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية عن طريق التعبئة بوضع الأفراد العسكريين المتعاقدين الذين يخدمون في القوات المسلحة الروسية
• إثبات أن مستوى الأجور لمواطني روسيا الاتحادية الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية بالتعبئة في القوات المسلحة الروسية يتوافق مع مستوى أجور الأفراد العسكريين المتعاقدين العاملين في القوات المسلحة الروسية
• يستمر سريان عقود الخدمة العسكرية التي يبرمها العسكريون حتى نهاية فترة التعبئة الجزئية، باستثناء حالات فصل العسكريين من الخدمة العسكرية على الأسس التي يحددها هذا المرسوم
ردود فعل دولية:
• حثت الصين الأطراف على الدخول في حوار ومشاورات وإيجاد طريقة لمعالجة المخاوف الأمنية لكل طرف
• ألمانيا اعتبرت أن التعبئة الجزئية للجيش هي تصعيد إضافي للصراع في أوكرانيا، وتدرس الحكومة في برلين الرد عليه
• وزيرة الخارجية البريطانية: خطاب الرئيس الروسي "يمثل تصعيدا مقلقا ويجب أخذ التهديدات التي وجهها فيه على محمل الجد"
• سفيرة الولايات المتحدة في أوكرانيا بريدجت برينك: التعبئة الجزئية التي أعلنها الرئيس بوتن تشكل "مؤشر ضعف"
• ليتوانيا نرفع مستوى جاهزية قوة الرد السريع في جيشها "لمنع أي استفزازات من الجانب الروسي"
سيناريوهان للأزمة
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية، ميتشل بيلفر، إن التعبئة الجزئية لروسيا تأتي في وقت تفقد فيه الزخم في أعقاب الهجمات المضادة الناجحة للغاية التي شنتها أوكرانيا في شرق البلاد.
وأضاف بيلفر، وهو مدير مركز أبحاث في روما، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "القرار يحمل معنيين إما أن روسيا استنفذت أوراقها بعد الخسائر التي منيت بها وتسعى إلى تعجيل المحادثات عبر زيادة الضغط على أوكرانيا والغرب للخروج بأفضل المكاسب، أو أنها تتبع سياسة الأرض المحروقة وهو ما يزيد من مخاوف استخدام أسلحة نووية في ظل دعم الغرب اللامحدود".
"روسيا تخشى من الغضب الداخلي" وفق بيلفر، الذي أكد أنه "من المحتمل أن يأتي هذا بنتائج عكسية، لأنه بمجرد قيامك بإلزام المدنيين بمنطقة حرب، عليك أيضًا مواجهة احتجاجات أسرهم وأحبائهم، وكلما زاد عدد أكياس الجثث التي ستعود إلى روسيا نتيجة للتعبئة، سيتزايد الضغط على الكرملين لإنهاء هذا الصراع الخاطئ".
وأوضح أن "توقيت التعبئة يتوافق مع ذكرى سبعة أشهر لبدء الأعمال العدائية. تخسر روسيا قواتها وعتادها في أوكرانيا وتريد محاولة إنهاء الصراع بشكل إيجابي في أقرب وقت ممكن. الأوكرانيون سيفوزون في حرب الشتاء ضد روسيا".
وأشار إلى أن "التزام القوات الروسية بأوكرانيا معنويا ضعيف للغاية. إنهم يتراجعون، إما لأن القيادة معطلة، أو أنهم يريدون ببساطة الحفاظ على حياتهم، بغض النظر عن التكاليف السياسية للتراجع".
واعتبر أن "إجراء استفتاءات عبر دونباس ولوهانسك يهدف إلى محاولة توفير درجة من الشرعية لغزو النخبة الروسية في الكرملين. لكن لا توجد شرعية في الغزو كانت بلا مبرر على الإطلاق".