توجد حلول عدة تساعد طفلك على إتقان العربية مع لغة أجنبية أخرى من دون دفع مبالغ باهظة لمدرسة دولية. والأهم من ذلك، أن تضمن تلك الحلول إجادته مفردات وقواعد اللغتين، وانتباهه المبكر للفرق بينهما، وتفادي مشكلات اللغة عند أطفال الأسر المهاجرة.
بداية مبكرة
ناقشت أوراق بحثية سابقة احتمالية تأخر إتقان الأطفال ثنائيي اللغة للغتهم الأصلية، عند مقارنة عدد مفرداتهم بما تعلمه أحاديو اللغة، لكن باحثي جامعة "كامبريدج" أرجعوا ذلك التأخر إلى قلة سماع الطفل اللغتين، وإهمال الوالدين ممارستهما معه، أو تأخر سماعه للغة الثانية.
وأكد الباحثون تلاشي هذا العيب في حالات الأطفال الذين علمهم آباؤهم تعبيرات لغوية من لغتين مختلفتين، في الوقت نفسه، وزودوهم بمفردات ومعانيها من اللغتين، لبناء ذاكرتهم المعجمية قبل سن الولوج إلى الروضة.
كما توصل أساتذة علوم النطق والسمع في جامعة "واشنطن" إلى أن أفضل مرحلة عمرية لتعلم لغة ثانية بحسب دماغ طفلك هي الفترة بين سن شهر و3 سنوات.
أما الانتظار حتى سن الروضة، لتعليمه لغة ثانية، فسيكون سببًا في تخلفه عن أقرانه في مجتمع يتحدث تلك اللغة.
وحددت دراسة لاحقة بالشراكة بين جامعتي "كامبريدج" و"ستانفورد"، عام 2021، سن 7 أشهر، لبدء التحدث أمام الطفل، بلغتين مختلفتين، لتحسين انتباهه إلى الفارق بينهما، وربط الكلمات بتعبيرات الوجه وحركة اليدين.
استخدام لغة فصيحة
وجهت فيوريكا ماريان، أستاذة اضطرابات التواصل -في تقرير على موقع "سيكولوجي توداي"- نصائح لتعزيز تعلم الطفل لغتين في الأسر التي تتحدث لغتين، أو في مجتمع يتحدث بلغة تختلف عن لغة الطفل الأم.
ونصحت ماريان الوالدين برفع جودة المدخلات اللغوية للطفل، لتحسين النتيجة النهائية، عن طريق قراءة كتب تعليمية، يجمع بعضها نصوصًا بالعربية جنبًا إلى جنب مع اللغة الثانية.
وحذرت من الاعتماد على التلفاز بسبب مفرداته الفقيرة، وانعدام تفاعل الطفل معه، لكن لا يزال من الممكن اختيار قناة تقدم أفلامًا وأغنيات بلغة فصيحة في حالة انشغال الوالدين.
اختيار منهج مناسب
هناك عدة مناهج لتعليم الطفل لغتين، تختلف وفق وضع أسرتك، وعليك اختيار الأنسب من بينها، لضمان الاستمرارية، وهي:
إذا كان الوالدان من ثقافتين مختلفتين، فسيناسبهما نهج يتحدث فيه كل منهما مع الطفل بلغة واحدة، كما يمكن اتباع النهج نفسه في حالات أخرى، يختار الوالدان فيها شخصًا أو مجموعة تتحدث لغة واحدة مع الطفل.
يشيع استخدام النهج الثاني بين أسر عربية تعيش داخل أو خارج الوطن العربي، ويتعرض معه الطفل إلى لغة واحدة بالمنزل، ولغة ثانية بالمدرسة.
تختار أسر نهجًا مختلفًا يتمثل في التحدث مع الطفل بلغة مختلفة كل يوم من أيام الأسبوع، فإذا كان الجمعة إجازة أسبوعية، تتجمع فيه العائلة، فيمكن اعتباره أحد أيام العربية مثلا.
اللعب يوميًا
طور الباحثون في معهد التعلم وعلوم الدماغ، بجامعة "واشنطن" منهجًا لأسر لا يتحدث فيها أحد الوالدين لغة أجنبية، أو يلتحق أطفالها بمدارس لا تدعم تعلمهم لغة ثانية.
استهدف المنهج أطفالًا إسبانيين، تراوحت أعمارهم بين 7 و33 شهرًا، واعتمد على التفاعل المباشر واللعب باللغة الإنجليزية، طوال ساعة، يوميًا، لمدة 18 أسبوعًا، بينما خضعت مجموعة أخرى من الأطفال لبرنامج تعليم ثنائي اللغة بإحدى رياض الأطفال.
اختبر الباحثون كلتا المجموعتين من الأطفال، قبل وبعد التجربة، كما ارتدى الأطفال سترات مزودة بجهاز تسجيل خفيف الوزن، لإحصاء عدد الكلمات التي تعلموها.
استخدم الأطفال، الذين تعلموا اللغة الثانية من خلال اللعب، معدل 74 كلمة أو عبارة إنجليزية في الساعة لكل طفل، في حين نطق أطفال المجموعة الأخرى 13 كلمة أو عبارة إنجليزية، في الساعة، لكل طفل.
عند بلوغ طفلك سن المدرسة ينبغي التفكير في إلحاقه بمدرسة تجمع أطفالًا من عرقين مختلفين لإتقان اللغات الثانية (شترستوك)
تنوع المصادر
ينصح أطباء الأطفال باستخدام الهواتف في السنوات المبكرة لمحادثة العائلة والأجداد والأصدقاء، من أجل مساعدة الطفل على اكتساب مفردات جديدة.
ويمكنك الاستفادة من ذلك، وطلب المساعدة من أفراد عائلتك الذين يتحدثون لغة عربية سليمة، لإضافة مفردات جديدة وفصيحة أثناء الحديث مع طفلك.
كما يمكنك تحفيز التفاعلات المباشرة بإحدى اللغتين مع طبيب طفلك، أو معلمه، أو أصدقاء تثقين في قدراتهم اللغوية، ولا يجمعون بين لغتين أثناء الحديث.
بمجرد بلوغ طفلك سن المدرسة، ينبغي التفكير في إلحاقه بمدرسة تجمع أطفالًا من عرقين مختلفين، أو توفر مواد دراسية بلغة ثانية، لكن إذا كنت تعيشين في بلد أجنبي، فيمكن الاشتراك في الدروس الدينية في مسجد المدينة، لتعليم طفلك العربية، من خلال حفظ القرآن الكريم، وتعلم الآداب الإسلامية.