زعم تقرير أمريكي أن روسيا تسعى لتجنيد "قدامى المحاربين" في الجيش الأفغاني الذين تركتهم واشنطن خلال انسحابها الفوضوي من البلاد في أغسطس من العام الماضي.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" إن "الكوماندوز" المهجورين في القوات الخاصة الأفغانية "يحصلون على عروض عمل" لنوع مختلف تمامًا من ساحة المعركة، حيث تسعى موسكو لتجنيدهم ونشرهم في حربها مع كييف.
ونقلت المجلة عن أعضاء فيلق كوماندوز الجيش الوطني الأفغاني - الذين تخلت عنهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عندما سقطت البلاد في أيدي حركة "طالبان" العام الماضي – قولهم إنه يتم الاتصال بهم لتقديم عروض للانضمام إلى الجيش الروسي للقتال في أوكرانيا.
وقالت مصادر عسكرية وأمنية متعددة أفغانية إن قوة المشاة الخفيفة التي دربتها واشنطن، والتي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية وغيرها من القوات الخاصة المتحالفة معها لما يقرب من 20 عامًا ويتراوح عددهم بين 20 و30 ألفًا، "يمكن أن تحدث الفرق الذي تحتاجه روسيا في ساحة المعركة الأوكرانية".
وكان قد تم إجلاء بضع مئات فقط من كبار الضباط عندما انهارت الدولة الأفعانية، وفر آلاف الجنود إلى الدول المجاورة، بينما كانت "طالبان" تلاحق وتقتل الموالين للحكومة المنهارة. ويختبئ العديد من الكوماندوز الذين بقوا في أفغانستان لتجنب القبض عليهم وإعدامهم، بحسب "فورين بوليسي".
وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد أنفقت ما يقرب من 90 مليار دولار لبناء قوات الدفاع والأمن الأفغانية. وأوضحت أن فيلق "الكوماندوز" كان دائمًا يحظى باحترام كبير، بعد أن تلقى تعليمه من قبل مشاة البحرية الأمريكية والخدمة الجوية البريطانية الخاصة.
وذكرت المجلة: "والآن، هم عاطلون عن العمل ويائسون، حيث لا يزال العديد من الكوماندوز ينتظرون إعادة التوطين في الولايات المتحدة أو بريطانيا، مما يجعلهم صيداً سهلاً لأي جهة تسعى لتجنيدهم."
وقالت مصادر أمنية أفغانية – طلبت عدم الكشف عن هويتها - إن اندماج "الكوماندوز" في الجيش الروسي "سيغير قواعد اللعبة" في ساحة المعركة الأوكرانية، حيث يكافح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتجنيد في حربه المتعثرة.
وصرح مسؤول سابق، كان أيضا ضابط كوماندوز أفغانيا، للمجلة بأن روسيا تستخدم مجموعة "فاغنر" المرتزقة في عملية التفاوض لتجنيد القوات الخاصة الأفغانية.
وقال المصدر، الذي طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته: "أفراد فاغنر هم يجمعون الناس من كل مكان. الكيان الوحيد الذي يجند القوات الأجنبية لروسيا هو مجموعة فاغنر، وليس جيشهم. هذا ليس افتراض. إنها حقيقة معروفة".
وتعد "فاغنر" جماعة شبه عسكرية يزعم أن يفغيني بريغوزين، حليف مقرب من بوتين، يديرها ويباشر مهامها. وبحسب ما ورد، ظهرت المجموعة لأول مرة في شبه جزيرة القرم عندما ضمتها موسكو من أوكرانيا عام 2014، وظهرت منذ ذلك الحين في سوريا وليبيا وأماكن أخرى في إفريقيا.
ووفقاً لتقرير "فورين بوليسي"، أفاد بعض الكوماندوز السابقين أنه تم الاتصال بهم عبر تطبيقي المراسلة الفورية، "واتساب" و"سيغنال"، لتقديم عروض للانضمام إلى ما أشار إليه بعض الخبراء على أنه "فيلق أجنبي" روسي للقتال في أوكرانيا.
وقالت المجلة إن أنباء جهود التجنيد الروسية قد تسببت في إثارة القلق بالدوائر العسكرية والأمنية السابقة في أفغانستان، حيث قال مسؤولون سابقون إن ما يصل إلى 10 آلاف من الكوماندوز السابقين يمكن أن يخضعوا للعروض. وقال مصدر عسكري: "ليس لديهم بلد ولا وظائف ولا مستقبل. ليس لديهم ما يخسرونه."
وأضاف المصدر: "إنهم ينتظرون العمل مقابل 3 دولارات إلى 4 دولارات في اليوم في باكستان أو إيران أو 10 دولارات في اليوم في تركيا، وإذا أتت فاغنر أو أي جهاز استخبارات آخر إلى رجل وعرض ألف دولار، فلن يرفضوا ذلك."
وقالت المجلة: "منذ أن تحول الاهتمام العالمي إلى أوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي في فبراير، تُركت قوات الكوماندوز الأفغانية بدون اهتمام. وبدلاً من مساعدتهم على الهروب من فرق الموت التابعة لطالبان، ذهبت الولايات المتحدة وحلفاؤها وتركوهم وراءهم إلى حد كبير."
وتقول صيغة رسالة التجنيد الروسية، والتي اطلعت عليها "فورين بوليسي": "أي شخص يرغب في الذهاب إلى روسيا بمعاملة أفضل وموارد جيدة، من فضلك أرسل لي اسمك واسم والدك ورتبتك العسكرية". كما أفاد التلفزيون الأفغاني بأن عروض التجنيد تشمل الجنسية الروسية.