من طبيعتنا البشرية التي وجدنا عليها أننا معرضون للخطأ في أي وقت، فليس هناك إنسان معصوم عن الخطأ إلا الله وحده. وكثيراً ما نخطئ بحق أنفسنا أولاً، ونخطئ بحق الخليقة فنتسبب فيما آلت إليه البشرية من مشاكل بيئية كان لها إنعكاس كبير على حياتنا البشرية وعلى كوكبنا كإرتفاع حرارة الأرض، والتصحر، وثقب الأوزون، وذوبان الثلوج وإرتفاع مستوى مياه البحار، مما تسبب في كوراث طبيعية ضخمة كان ضحيتها الآلاف المؤلفة من بني البشر ودمار وخراب قرى ومدن بأكملها.
كذلك نحن نخطئ بحق الله سبحانه عندما نَحيد عن درب الصواب ونتجاوز الوصايا والتعاليم الإلهية التي تنير العينين وتفرح القلب وتجعل الجاهل حكيماً وترد النفس أيضاً. وخطأنا أيضاً قد يتسبب في إيذاء غيرنا عن قصد أو عن غير قصد، والطامة الكبرى أنّ خطأنا قد يتسبب في دمار حياة الآخرين وحرمانهم من حياتهم الطبيعية ومن سعيهم نحو تحقيق طموحهم وآمالهم، لا وبل قد يتسبب في قتلهم جسدياً أو معنويا.
فمن منطلق أننا معرضون للخطأ وللإساءة لغيرنا هذا يتطلب منّا الإستعداد لترميم هذه الأخطاء والرجوع عنها ومحاولة إصلاح ما أفسده العطّار. صحيح أنّه قد يكون من الصعب جمع ما تكسّر من قطع الآنية الفخارية وتجميعها ثانية لتعود تماماً كما كانت مهما كنا مَهَرَةً في الترميم، لكن لا بدّ من الرجوع عن الخطأ ومصارحة الذات والإعتراف بالذنب، لأنه مهما قمنا بالتعويض فإن ذلك لن يَشفِي القلوب ولن يَشفِي الجراح أكثر من التوبة الصادقة والغفران.
وتعلّمنا أدياننا السماوية السمحة أنه علينا أن نتعلم أن نعيش مع بعضنا البعض كإخوة في الإنسانية، ولا شيء يجب أن يُفسد علينا إنسانيتنا وأخوتنا ومحبتنا تجاه بعضنا البعض، ولكن علينا أن نتسلح بالجرأة والشجاعة لمصارحة من يخطأ إلينا، ومعاتبه بيننا وبينه بطريقة لائقة مهذبة وليس بلغة التهديد والوعيد، بل بالإشارة الواضحة والصريحة إلى الخطأ المرتكب تجاهنا. فكثيراً ما تُسفر مثل هذه المعاتبات النابعة من روح المحبة والحكمة والرزانة إلى إصلاح ذات البين وإلى الرجوع عن الخطأ وإلى المصافاة والعناق وعودة الأمور إلى مجاريها.
ويبقى السؤال، ماذا لو لم يتم الرجوع الخطأ؟ يطول الجواب لكن أبداً لا يجب أن نتعلم روح الإنتقام ..