نظمت جمعية خريجي الجامعات الأمريكية ندوة حوارية مع رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات بعنوان "كورونا وتداعياتها على القطاعين الصحي والتعليمي".
وأكد عبيدات خلال الندوة، التي حضرها رئيس الجمعية الدكتور مروان كمال ونخبة من الأكاديميين والخبراء، أن تجربتنا مع جائحة كورونا كان فيها كثير من الدروس والعبر، فقد تفوّقنا على كثير من الدول التي تتجاوز إمكانياتها أضعاف إمكانيات الأردن الكبير بقيادته وشعبه، فقد كان ترتيبه 42 على مستوى العالم في القدرة على التعامل مع الجائحة.
وفي حديثه عن مدى نجاح الأردن في هذا الملف، بين عبيدات وجود عوامل نجاح رغم كل التحديات، وذلك يعود إلى عدة أسباب، منها نجاح العالم في توفير لقاحات فعالة وآمنة في مدة قياسية غير مسبوقة بفضل الأموال الممخصصة لهذا الشأن تحديدا، فضلا عن التقدم المهول في التكنولوجيا.
كما أفصح عبيدات عن أسباب أخرى تسببت في نجاح الأردن في هذا الملف، تمثلت في استطاعته البدء آنذاك بالبرنامج الوطني للتطعيم المبكر، حيث جاءت الأردن في المرتبة 42 على العالم في سرعة التطعيم، إذ وفرت المطاعيم لكل من يقيم على أرض المملكة بغض النظر عن جنسيته، وعملت على بناء برنامج وطني للتطعيم وتنظيم العملية وأتمتتها كليًّا، كما امتكلت وفرة في أنواع المطاعيم، مع حرصها على إعطائها بشكل منظم ومدروس إلى أن وصلت نسبة التطعيم إلى أرقام مميّزة.
وأشار إلى أن الأردن كان مجبرا على اتخاذ قرار سريع للتخفيف من حالة الخوف والقلق عند المواطنين والحصول على ثقتهم إذا ما دعت الحاجة للعلاج في المستشفيات الميدانية، التي كان القرار بإنشائها إلى جانب المستشفيات الكبيرة مع تحقيقها لكل المعايير العالمية بهدف تأديتها للغرض المنشود منها من جهة وضمان جودتها والحفاظ على مستوى عالٍ من الكفاءة في نوعية العلاجات التي تقدمها.
وعن جاهزية هذه المستشفيات، أكّد عبيدات أن كل مستشفى ضمّ جهازي أشعة متحركين وجهازين لغسيل الكلى، ومختبرًا سريع العمل، وأن القدرة الاستيعابية كانت 248 سريرًا مجهّزة للعناية الحثيثة، كما عرّج على مسألة نقص الكوادر التي عولجت سريعا، إذ وُضعت خطة تدريبية شاملة مع توظيف 2000 طبيب وممرض وفني ضمن قرار واحد.
وقال عبيدات إن المطعوم يظلّ من أدوات ووسائل الوقاية الناجحة للتقليل من عدد الحالات وشدة المرض والتخفيف من عدد حالات الدخول إلى المستشفيات، والعبء الاقتصادي الناتج عن الإغلاقات وغيرها من توابع الجائحة، كاشفا عن بعض المبادئ المعتمدة وسبل التعامل فيها، والتي حتّمت التنويع في الاتفاقيات مع عدم الاعتماد على مصدر واحد والأخذ بالحسبان المغامرة في عقد اتفاقيات ثنائية مع شركات مختلفة.
وأشار عبيدات إلى أنه أُعيد النظر أيضا في عدد الجرعات المتعارف عليها ليُصار إلى مضاعفتها أكثر من مرة، لافتًا إلى أن ذلك القرار صاحبته مباحثات ومناقشات مضنية مع الشركات المُصنّعة.
ولفت إلى أنه كان لدينا تحديات حقيقية آنذاك، حيث إننا لم نعلم متى سيُوفَّر العالم اللقاح الفعال، ومتى سيوفر الأردن اللقاح للمواطنين، وما كمية المطعوم الذي سنحتاجه ونسبة من سيتلقون المطعوم، وأي نوع من المطاعيم سيكون أكثر فعالية ومأمونية.
وأوضح عبيدات أن العرب قصّروا في تطوير مطعوم واحد للفيروس، إذ كان لا بد من وجود فريق بحثي متكامل لحالات الطوارئ، مؤكدا أن تحقيقنا لذلك ممكن، حيث نمتلك المفكرين والباحثين والعلماء ذوي العقول النيّرة القادرة على النجاح في أي تجربة.
وفيما يخص الجانب الآخر من الندوة، أكد عبيدات أن التعليم تأثر بلا شك في هذه الفترة من الجائجة، وأن على الجامعات الاهتمام بتخريج طالب لديه مهارات تواصل مع الآخرين، وقادر على حمل المسؤولية وإعانة أهله وأسرته إلى جانب إكسابه المعرفة في مجال تخصصه.
وشدد عبيدات على ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي الحقيقي، والتركيز على عنصر الابتكار ووضع الحلول التي من شأنها أن تفرز طلبة وأساتذة متمكنين من اللغتين العربية والإنجليزية كتابة وقراءة ومحادثة، فموضوع اللغة مهم جدا وبات عليه تركيز كبير في سوق العمل.
وتطرق كذلك إلى التحديات التي تقع على عاتق التعليم العالي والتربية والتعليم أيضا في الجامعات والمدارس، والحلول التي لا بد العمل عليها على المورد البشري تحديدا، من تغيير للمناهج والبرامج بشكل يضمن تأهيل طلبة مميزين، إذ كلما كانت المدخلات مميزة كانت المخرجات أكثر نفعا ونجاحا وتميزا.
وفي ختام الندوة، التي أدارها عميد كلية الزراعة في الجامعة الأردنية وأمين سر الجمعية الدكتور صفوان الشياب، دار نقاش ثري وموسع، وأجاب عبيدات فيه عن أسئلة واستفسارات الجميع.