أنا مع التركيز والاهتمام في إبراز الهوّية الأوكرانية: التاريخية والشعبية والدينية والسياسية، وهذا يقع بالدرجة الأولى على عاتق ومسؤولية الحكومة الأوكرانية.
ولابد من الاستقلال المطلق في صناعة الهوية الأوكرانية وإبرازها عالمياً بشكل يُقدم تاريخ أوكرانيا وشعبها العظيم، والأمجاد التي حققوها عبر الزمن من دون أن نربط أوكرانيا وشعبها في تاريخ روسيا والشعب الروسي والتاريخ الخاص بحقبة الاتحاد السوفياتي.
تأسيس العاصمة الأوكرانية كييف أقدم بكثير من نشأة موسكو العاصمة الروسية، حيث تأسست كييف في 395 ميلاديا بحسب ما ذكره أولكسندر بالي في كتابه (الموجز في تاريخ أوكرانيا). وموسكو تأسست عام 1147 ميلاديا، أي أن العاصمة الأوكرانية كييف سبقت بالتأسيس العاصمة موسكو الروسية بـ 752 عاماً! وهو رقم صعب في عُمر التاريخ وحياة الشعوب.
ومن الأخطاء العميقة التي مست سيادة الهوية الوطنية الأوكرانية لوقت طويل هي تبعية نسبة كبيرة جداً من الأوكرانيين للكنيسة الأرثوذكسية الروسية والقساوسة الروس، وكأن أوكرانيا لا تستطيع أن تستقل دينياً عن خضوعها لروسيا في إيجاد كنائس وقساوسة أوكرانيين وطنيين، بدل أن يُسلموا أمن بلادهم للمخابرات الروسية التي جندت الكنائس الروسية والقساوسة الروس الذين في الأراضي الأوكرانية في نقل المعلومات والأخبار الخاصة عن الدولة وعن كل كبيرة وصغيرة تخص أفراد الشعب الأوكراني، وبالذات موظفو الدولة الذين يعملون في الأماكن الحساسة، ومحاولة جذبهم وإغوائهم للعمل السري لصالح الروس!
وبالمناسبة، أتذكر في هذه السطور ما قاله مجند الاستخبارات الروسية ميخائيل فاسيليف، القس الروسي الأرثوذكسي في أوكرانيا، في أكتوبر 2022، حيث قال: «إنه عندما يكون لدى المرأة العديد من الأطفال فليس من المؤسف أن يموت أحدهم في الحرب». وهو بهذا الكلام كان يُسوّغ ويُبرر ويُروّج للتعبئة العسكرية الروسية التي أعلنها الرئيس فلاديمير بوتين!
والسؤال هُنا: كم يوجد في الأراضي الأوكرانية قساوسة من أشباه ميخائيل فاسيليف، غرستهم روسيا منذ سنوات طويلة من أجل تمزيق جسد الوحدة الوطنية الأوكرانية؟!
منذ يومين أرسل لي صديقي الدكتور أليكسي فولوفيتش مقطع فيديو قصير، يبيّن إزالة النُصب التذكاري للإمبراطورة كاثرين الثانية الواقع في أوديسا، وهذا الفيديو رغم أنه قصير لكنه مهم جداً، لأنه يتطرق لحق أوكراني أصيل لا ينازعهم فيه أي أحد، وأنا مع الدولة الأوكرانية في إزالة كل شيء يرون أنه يطمس أو يؤثر على إبراز واستقلالية الهوية الوطنية الأوكرانية، التي يحاول الروس منذ سنوات طويلة أن يلغوا سيادتها إلى درجة منع الأوكران من النطق بلغة بلادهم اللغة الأوكرانية!
لذا على الدولة الأوكرانية ترسيخ انتشار لغتهم الأم في كل شبر من أوكرانيا وليس فقط في المعاملات الرسمية، وعلى الدولة الأوكرانية التخلص من التبعية الدينية في الكنائس والقساوسة الروس في أوكرانيا، وعلى الدولة الأوكرانية أن تهتم تاريخياً وسياسيا وثقافياً وإعلامياً في العظماء من الشعب الأوكراني الذين قدموا الكثير لأوكرانيا بدل من تمجيد وتلميع العظماء الروس أكثر من المعدل المقبول!