في مقابلة على إحدى الفضائيات العربية عَلّق أحدهم أن سبب نجاح الدول المتقدِّمة هو العمل الجماعي كفريق واحد يُكمِّل بعضه بعضاً وتصبُّ إنجازاته في خانةٍ واحدةٍ بعيدةٍ عن الشخصنة والإحتكار. طبعاً هذا لا ينفي الجهودَ الفردية والإبداعات الفردية والقدرات والمواهب الفردية، لكنها لا تكون حكرا بل يتم مشاركَتُها ويتم البناء عليها مما يسهمُ في إكتمال الأفكار وتراكم الإنجازات وتحقيق أفضل النتائج.
يقال أننا في عالمنا العربي لا نُتقن فنَّ العمل الجماعي بل هو غريب عنّا، لذلك لا نحقق إلا نجاحات فردية وتكريماً فردياً، ونادراً ما يكون هناك نجاح يعزى لجماعة أو مؤسسة ما. وهذا يَعني غياب مفهوم العمل والجهد الجماعي وتراكمية الإبداعات والإنجازات، الكفيلة بالنهوض بالمجتمعات وتقدمها. إن صحَّ مثل هذا الطرح فإنه يتوجب علينا أن نُعيد مفهوم تربيتنا وتنشأتنا لأولادنا على حُبِّ وضرورةِ العمل الجماعي كفريق واحدٍ، مما يعزز القدرات الفردية ويعلّيها، ويسهم في نهاية المطاف على معالجة مواجهة التحديات ومعالجتها من كافة الجوانب وبالتالي تحقيق إنجازات واختراعات قادرة على النهوض بمجتمعاتنا للأعلى.
حاليا نتابع مونديال قطر 2022 وأهم ما يُلفِت إنتباهَنا هو قدرة الفريق الواحد المتجانس المتعاون الذي يعمل بروح الفريق الواحد ويضع نصب عينيه هدف واحد وتطلّع واحد وهو تحقيق فوز الفريق، الذي ينعكس على كل فرد من أفراده، وما كان ليتم هذا الفوز لولا الجهود المشتركة معاً. فنجاح الفريق هو نجاحٌ لكل لاعب تدوس رجلُهُ أرضُ الملعب، فصرارةٌ صغيرة تسندُ صخرةً كبيرة، وصدَّةٌ واحدة قد تكون سبباً في تحقيق جول الفوز والتميّز.
فهلا تعلمنا من لعبة كرة القدم معنى وأهمية الروح الجماعية وأهمية التعاون والعمل الجماعي المنظم المنضبط؟ بإفتقادنا لمثل هذه الروح لن نستطيع أن نحقق الكثير وستبقى النزعَات الفردية والنزاعات هي سيدة الموقف مما يُدمّر أيَّ إنجازٍ وأيَّ نجاحٍ لأننا لا نرى فيه نَجاحاً للجميع وإنجازاً ممكن أن ينعكس على المجتمع بأسره، بل على العكس نحارب الناجح ونعاديه.