قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان -في خطبة الجمعة-: إن المسارعة والاستعجال في أمر الطلاق بداية معاناة التفكك الأسري والشقاق، وهو أساس النفرة بين القلوب وتشتت شمل المحبوب، وضحيته هم الأبناء الأبرياء، الطلاق مفسد الصحبة ومفرق الأحبة ومخرب البيوت وممزق الأسر، الطلاق معيق لتربية الأبناء وسبب لضياعهم وضياع الحقوق، فرفقا بالقوارير فإن المرأة ضعيفة وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بها، فقال: "استوصوا بالنساء خيرا".
وأضاف: أيتها الأخوات المسلمات إن النكد والعناد وسوء الأدب مع الأزواج وإفشاء أسرار البيوت وعدم تحمل المسؤوليات والتأثر بما يعرض في وسائل التواصل من تفاهات فشل يخرب بيوتكن ويشتت شمل العيال ويؤثر سلبا في حياتكن، فاتقين الله في بيوتكن وأزواجكن، عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت"، إن التخبيب بين الزوجين وإفساد الألفة وزرع الفتنة بينهما، وتحريض أحدهما على الآخر والتسبب في الفراق والطلاق حرام يتحمل فاعله التبعات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها"، أيتها المسلمة: اتق الله فإن الزواج ميثاق غليظ، فلا تسألي الطلاق من غير بأس، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس حرم الله عليها أن تريح رائحة الجنة".
وقال: جعل الله تعالى عقد النكاح ميثاقا فرتب عليه حقوقا وواجبات وشرع فيه أحكاما وأنزل آيات بينات، فجعل أساس العلاقة الزوجية المودة والرحمة، وبهما تكون المحبة والألفة، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، وحث على حسن العشرة وبذل المعروف، وأنصف في الحقوق والواجبات، وجعل القوامة والولاية بيد الرجال، وحذر من الظلم والأذى والجور والبغي والعنت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمنا مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر.
وأضاف: إن الزواج مسؤوليته عظيمة، وحقوقه جسيمة، به تحصن الفروج ويحصل النسل وبه السعادة والاستقرار، أبرم عقده بميثاق غليظ، ووطدت أركانه بولي ومهر وشهود، ولقد أباح الله الطلاق لكن الأصل فيه الحظر، وإنما أبيح للحاجة ورفع الضرر. وأرشد الإسلام إلى حل المشاكل الزوجية قبل الفراق، فأذن حرصا على البقاء في الوعظ والهجر والتأديب، كما ندب إلى الصلح قبل الطلاق، فإذا تنافرت القلوب وأصبحت غير قابلة للالتئام وانقطع الأمل ويئس من الوئام فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فالطلاق آخر الحلول وأبغض الحلال، ولهذا رغب الشرع في الرد والمراجعة، وجعل العصمة بيد الرجل فيمتلك حق الرجعة مرتين، وتعتد المطلقة في بيت زوجها ثلاثة قروء لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فيتراجعا ويصطلحا.
وتابع: إن الطلاق فرج عند عدم الوئام والوفاق وتنافر الطباع والشقاق، قال تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته"، فاتقوا الله ولا تجعلوا الطلاق سببا في الشحناء وقطع المودة والصلات، قال تعالى: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، معشر الرجال أيها الأولياء كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته ألا وإن النساء أمانة في ذممكم، لا يكرمهن إلا الكريم ولا يهينهن إلا اللئيم، عن أبي هريرة رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة"