يمارس الكثير من الأشخاص سلوكيات لا تتطابق مع قيمهم ورغباتهم، سواء بوعي أو بدون وعي، يدمرون فيها ذواتهم أو ذوات من حولهم، وهو ما يعرف في علم النفس بالتدمير الذاتي، يعمل كوسيلة دفاعية من العقل اللاواعي للشخص لتجنب الألم النفسي، أو لحمايته من خطر ما، أو تخويفه من الخروج من منطقة الراحة الخاصة به.
وتوضح صاحبة كتاب"أوقفوا التخريب الذاتي"، الأخصائية في علم النفس الإكلينيكي، جودي هو، بأن السلوك المدمر للذات يحدث كرد فعل بيولوجي، عندما نحصل على زيادة في الدوبامين، الذي يشعرنا بالسعادة أثناء تحديد الأهداف، ولكن عندما يحين وقت إنجازها فإن الخوف من الفشل يؤدي بنا إلى سلوك "التجنب"، من أجل تفادي "التهديد"، ومن هنا نبدأ لا شعوريا في الابتعاد عن أهدافنا.
كما تشير الدكتورة هو إلى تشابك الأسباب النفسية، التي تدفع الأشخاص لاعتماد آليات التدمير الذاتي، كالخوف من التعرض للأذى، وقضايا الثقة التي ترتبط غالبا بالتجارب السلبية السابقة، ناهيك عن تدني احترام الذات.
ماهي أعراض التخريب الذاتي؟
يمكن أن تكون علامات التخريب الذاتي خفية للغاية، لكنّ علماء النفس استطاعوا حصرها في الأعراض التالية:
● رفض طلب المساعدة.
● السيطرة أو الإدارة الدقيقة للسلوك.
● إثارة الشجار أو بدء الخلافات مع الزملاء والأحباء.
● تحديد أهداف منخفضة جدًا أو عالية جدًا ثم تقويضها.
● التجنب أو الانسحاب من العلاقات.
● الحديث السلبي عن النفس والنقد الذاتي الشديد.
● اختلاق الأعذار أو إلقاء اللوم.
● الإدمان بكافة أشكاله.
● عدم الرغبة في التحدث عن النفس.
خطوات للتخلص من التدمير الذاتي
حدد ممارسو الصحة العقلية أساليب تساعد على التخلص من تدمير الذات، في الخطوات الآتية:
معرفة الأسباب الجذرية
يرجح الخبراء أن السبب الرئيسي وراء التدمير الذاتي، قد يكون في الغالب صدمة مر بها الشخص في تجربة سابقة، أو سلوك نابع من مرحلة الطفولة، ويستوجب ذلك القيام بالآتي:
▪ تحرير مشاعر تلك الصدمة، باستخدام واحدة من تقنيات تحرير المشاعر في العلاج السلوكي المعرفي او العلاج النفسي.
▪ تعلم كيفية التعامل مع المشاعر الصعبة، لأننا في حقيقة الأمر لا نتجنب الهدف، بل نتجنب النتائج السلبية المُتصورة عنه، ويتضمن ذلك المشاعر السلبية التي نربطها به.
▪ ممارسة التنفس اليقظ والتأمل، وكلاهما يساعدان على تطوير التعاطف مع الذات، وكسر الأنماط بشكل أسرع.
توقف عن التسويف
غالبا ما يكون التسويف حجر الزاوية في السلوكيات المدمرة، فإذا واصل الفرد تأجيل هدف مهم بالنسبة له، فقد يكون ذلك أسهل له من الناحية العاطفية، من محاولته الوصول إلى هدفه، الذي يبدو صعب المنال.
وينصح للتخلص من عادة التسويف تعلم مهارات "التنظيم الذاتي" باتخاذ الإجراءات، لأن البدء باتخاذ إجراء يساعد الذات على تقليل الخوف، وإعادة بناء الإحساس بالقيمة الذاتية.
الابتعاد عن التفكير الكمالي
غالبا ما يكون الأشخاص الذين يقومون بتخريب أنفسهم كماليين، يبالغون في التفكير في أدق التفاصيل، ومهووسون بأن يكون كل شيء على ما يرام، وعندما يحدث خطأ ما، وهذا واردٌ جدا، يتراجعون لينتهي بهم الأمر إلى الشعور بالخجل والغرق في الاكتئاب.
ولمعالجة ذلك، ينصح بالسعي لتحقيق التميز وليس الكمال، من خلال إجراء تحسينات صغيرة، أثناء التقدم في الطريق، نحو تحقيق الهدف المنشود.
التواصل مع الآخرين
من المفارقات أن الأشخاص الذين يقومون بالتدمير الذاتي، سيفعلون أي شيء تقريبا، لتجنب لفت الانتباه إلى مخاوفهم، غير أن التواصل يمكن أن يكون مفيدا جدا، لأن التعبير عن الخوف يقلل من إثارته، ومن ناحية أخرى، تساعد مشاركة الأهداف مع الآخرين على الالتزام بها، والحصول على الدعم.