يُقدم قاضي القلطة على سن قوانين جديدة في الحالات التالية: الحد المقبول (أي المتعارف عليه ) عتيقا في بعض الحالات. - عندما يصبح عندما تبرهن الممارسة العملية بأن الإجراءات التي تتضمنها العادات المتعلقة بالموضوع ليست كافية.
حينها يقع عليه عبء تجاوز هذا المأزق أو العقبة الكأداء، وذلك بإيجاد قوانين جديدة، ليتجنب الانقسام أو عدم الاتساق والتناغم الذي قد يحدث بين أقاربه وقومه، وبالتالي، فإن هدفه تحقيق وحدة القبيلة وتماسكها وتحقيق العدالة بين أفرادها. يقول الباحث في الشؤون البدوية د. أحمد عويدي العبادي في اجتهادات الشيخ حمد بن جازي" ، وعنه أخذ قضاة القلطة في القبائل الأخرى، ما يلي: "... وقد سنّ قاضي القلطة عند قبيلة الحويطات، وهو الشيخ حمد بن جازي ، عدة مبادئ عشائرية في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي، والتي ناقض فيها وغير (العوايد) والمفاهيم القضائية التي كانت سائدة سابقاً. أما هذه المبادئ القضائية فكانت تتعلق بما يلي: -الزواج - العقر - -التخريب - العداية (وهي أخذ مواشي أو رؤوس أغنام تعود لشخص آخر لغايات إكرام الضيف وتعتبر هذه الحالة على سبيل الإعارة ويشترط ألا يوجد لدى العادي المستعير أية مواشي في ذلك الوقت يُقري بها ضيوفه...
وإذا كان الشيخ حمد بن جازي قد غيّر مفاهيم الزواج القصرية والخاصة بزواج ابن العم من ابنة عمه في عام ١٩٤٠م .
فإن قبيلة "بني صخر " أخذت بهذا المبدأ الديمقراطي القيمي في حوالي عام ۱۹٥٠م ، عندما اجتمع قضاة القلطة في القبيلة، وهما القاضي الشيخ المرحوم محمد بن زهير ، والقاضي الشيخ عضوب الزبن ، وأعادا النظر في سوادي الزواج المتبعة لدى هذه العشائر ، واتخذ القرار الذي ينص على تحريم" جيزة ابن العم لابنة عمه وقد وضع الشيخ حمد بن جازي مفاهيم جديدة حول شرعية "العداية"، أي متى تكون في دائرة المسموح، ومتى تصبح في دائرة السرقة والنصب والتحايل، فالعداية مسموح بها في البادية: "إذ لكل بدوي نزل عنده ضيف ولم يجد لديه ما يمكنه من إكرامه به أن يأخذ رأس ماشية ( ذبيحة) من أقرب غنم يلقاها على أن يعيد بدل رأس الماشية فيما بعد خلال مدة معينة.
وقد يعتبر صاحب الغنم فعل ذلك الشخص من نوع السرقة، لأنه ينبغي للعداية أن تتقيد بأصول وشروط معينة، أما إذا لم يتم مراعاة تلك الأصول والشروط في " العداية"، فإنها تتحول إلى سرقة.
وفي حالات أخرى، تتحول العداية إلى جريمة ( عوج ) ، وذلك حيث يتعسف الشخص العادي على الغنم باستعمال حق العداية فيلجأ إلى أخذ كبش الغنم أو أخذ نعجة معشرة حامل ) في حين توجد خراف في الغنم ، حيثُ يُعد فعله هذا خروجا عن حدود العداية المتعارف عليها ، ويصبح جريمة ( عوج ) ... ويلاحظ أن الفعل الواحد هنا تتجاذبه ثلاثة اتجاهات، أحدها شرعي هو العداية، والآخران جرميان هما السرقة والعوج ...
وهنا نجد أن الشريعة الإسلامية قد أثرت على قرارات الشيخ حمد بن جازي في التشريع العشائري، فتجده أيضاً قد وظف مبدأ البينة على من أدعى واليمين على من أنكر مرات عدة في أحكامه (٢). وكذلك عندما يقال ( عوايد العرب) ، فإنما يعتبر هذه المبادئ مشتقاً بوضوح من الشريعة الإسلامية، فنجد الشيخ "حمد" قد أقر حكما في إحدى القضايا بقيمة الدية للمرأة بنصف قيمة دية الرجل، ومثل هذا النوع من الدّية، لا يكون إلا عندما يكون القاتل من نفس مجموعة القتيلة، وذلك عندما يقع القتل في ظروف طبيعية، وفي الإسلام نجد أيضاً أن دية المرأة تحسب بمقدار نصف دية الرجل...