رغم دخول الدولة الأردنية المئوية الثانية من عمرها المديد، إلا أن أصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة والاهتمام بهم وبمتطلباتهم واحتياجاتهم ما زالت دون الطموح والحاجة، وحياتهم الخاصة والعملية تواجه الصعوبات من الدولة والمجتمع.
في الأردن تأسس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كمؤسسة عامة يرأسها سمو الأمير مرعد بن رعد بن زيد، وهو الجهة الحكومية المعنية برسم السياسات ومتابعة تنفيذها وتقديم الدعم الفني والمعرفي للجهات التنفيذية لإعمال برامجها وخططها، ولدى المجلس رسالة لقيادة التغيير لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في شتى نواحي الحياة من خلال متابعة ورصد أوضاعهم بشكل مستمر، واقتراح السياسات الخاصة بهم ومن خلال التشبيك مع الجهات ذات العلاقة وتقديم الدعم الفني اللازم لها لإنفاذ قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم وضمان جودة الخدمات المقدمة لهم، ورغم الجهود الكبيرة التي يقوم بها المجلس إلا أن الخدمات المقدمة من بقية الجهات الرسمية والخاصة دون الطموح وبقيت العراقيل والتحديات في طريقهم.
بداية الأسبوع الحالي، تشرفت بتلبية دعوة كريمة لحضور فيلم وثائقي عن الصعوبات والتحديات التي يواجهها ذوو الإعاقة، وحمل الفيلم اسم «على الطريق» فكرة وإعداد الشاب عون عمر مشهور الجازي، الذي استلهم فكرة الفيلم من خلال متابعته لأحد الشباب يدعى أحمد يعيش في منطقة تل الرمان بالقرب من جرش، وخلال متابعاته له والاحتكاك به تعرف على أبرز القضايا التي تواجه هذه الفئة، حينها قرر عون الجازي متابعة البحث عن التحديات والمعيقات والقضايا التي يواجهها صديقه أحمد ومن هم مثله من هذه الشريحة العزيزة علينا كما قال الجازي.
انطلق عون الجازي بعدها بإجراء مقابلات عديدة مع هؤلاء الأشخاص وجعلهم يتحدثون بكل حرية دون أي تدخلات، وأسهبوا بالحديث عن معاناتهم اليومية والتي تقف دون الحيلولة في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، مثلما تطرق الجازي للقوانين الناظمة لحياة ذوي الإعاقة، وكذلك تطرق للحلول الممكنة في مساعدتهم ومساندتهم لممارسة حياتهم ونشاطاتهم بشكل طبيعي ومعتاد، بعيدا عن حجم الألم والحزن الذي شاهدناه على وجوههم وفي كلماتهم خلال الفيلم.
الفيلم الوثائقي على الطريق، قد يكون أول فيلم من نوعه أردنيا يقوم بالتعريف عن احتياجات وقضايا ذوي الإعاقة بهذا الشكل، بصورة مباشرة وحقيقية، وتتبع قضاياهم بصورة سلسة وبسيطة، وقد تنبه الجازي في فيلمه إلى وضع المشكلات والحلول، وهذه الحلول طالب فيها ذوي الإعاقة فهم من يعرفون احتياجاتهم ومعاناتهم.
الفيلم يعتبر أفضل عمل وثائقي لاطلاع كافة الجهات الرسمية والخاصة والمجتمع على مطالب ذوي الإعاقة وقضاياهم التي باتت تقف شبه تعجيزية في طريقهم لممارسة حياتهم، واقترح أن يتم تعميم الفيديو على الجهات ذات العلاقة، مثلما أتمنى على وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي توزيع هذا الفيلم على المدارس والجامعات لما يحتويه من مضمون رائع ويحمل رسائل مهمة مجرد وصولها والتفاعل معها من قبل المجتمع سيكون لها أثر إيجابي والتخفيف على أبنائنا من ذوي الإعاقة، مثلما أتمنى على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة تبني هذا الفيلم وبثه على وسائلنا الإعلامية، مثلما أتمنى على المجلس الأعلى لذوي الإعاقة أن يتبنى هذا الفيلم وترويجه على أوسع نطاق.
شكرا عون عمر الجازي على هذا العمل الإبداعي والخير، الذي يحمل هموم فئة منا قد تكون غابت عنهم العين من قبل البعض ولم يلتفتوا لهم في قراراتهم وقوانينهم وحياتهم، مثلما أتمنى مزيدا من هذه الأفلام لخدمة أبنائنا والمجتمع ككل.