العلاقات الأردنية العراقية، لم تكن يوما سوى بأعلى درجات التنسيق والتناغم، والدعم غير المقطوع للأشقاء في العراق، بقيادة ومتابعة جلالة الملك عبد الله الثاني، وفي أي سرد تاريخي لهذه العلاقة تستوقفنا محطات كثيرة وعظيمة لعمق هذه العلاقات واستثنائيتها، فلم يترك العراق الأردن يوما كما لم يترك الأردن العراق يوما بأي ظرف وأي حال.
بالأمس، ونحو مزيد الدعم الأردني للعراق، والعمل الجاد لعودته للحضور العربي وحتى الدولي، بدأت أعمال «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية»، الذي تستضيفه المملكة في منطقة البحر الميت بدعوة من جلالة الملك عبدالله الثاني، وبالتنسيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وبحضورهما، وبحضور عدد من قادة وممثلي الدول والمنظمات العربية والإقليمية والدولية.
المؤتمر الذي انطلقت أعماله في الأردن أمس يأتي بناء على قرار صدر عن المؤتمر الأول الذي عُقد في شهر آب 2021 في بغداد، لينعقد تأكيدا على دعم العراق وسيادته وأمنه واستقراره، ولتطوير آليات التعاون معه بما يعزز الأمن والاستقرار، ويسهم في عملية التنمية في المنطقة، وحتما يشكل أهمية كبرى للعراق وللأردن الذي يؤكد باستضافته هذا المؤتمر الهام على أهمية دوره المحوري في المنطقة ودوره النموذجي في الإقليم وعلى مستوى العالم، وترسيخا للعلاقات مع الشقيقة العراق.
مؤتمر مهم على صعد كافة، بداية يأتي في الوقت المناسب، والهام لأن تجتمع (12) دولة لصالح عودة العراق للصف العربي والدولي بصورة قوية، اضافة لما تتضمنه أجندة المؤتمر من ملفات غاية في الأهمية، للمنطقة وللعراق وللأردن، وعلى مستوى دولي، الأمر الذي سيجعل من آخر شهر بهذا العام يسجّل مسك ختام لعام مليء بالتحديات، وذلك من خلال المخرجات التي سيضعها هذا المؤتمر من أخفض بقاع الأرض للعالم لأعلى درجات الانجاز والتنمية تحديدا الاقتصادية منها، ومواجهة التطرّف والإرهاب، والتغيّر المناخي، والأمن الغذائي، وغيرها من الملفات الهامة التي ستحدث تغييرات جذرية على عدد كبير من قضايا المرحلة.
جلالة الملك وفي كلمته بمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية، عبر «عن اعتزاز الأردن باستضافة المؤتمر، والذي يعكس المكانة الخاصة للعراق الشقيق بالنسبة للمملكة»، ولفت جلالته إلى «دور العراق المحوري والرئيسي في المنطقة وفي تقريب وجهات النظر لتعزيز التعاون الإقليمي، مبينا أن انعقاد المؤتمر يؤكد تصميم الجميع على العمل مع العراق حكومة وشعبا من أجل مزيد من الازدهار والتكامل»، وفي ذلك رؤى ملكية هامة وواضحة لعودة العراق إلى حضوره الهام عربيا ودوليا، لتنطلق رسالة واضحة من الأردن، أن هنا بغداد تستعيد ألقها.
المؤتمر الذي يحمل أبعادا سياسية هامة جدا، يحمل كذلك أبعادا تنموية واقتصادية، حيث اعتبر جلالة الملك «أن المؤتمر يمثل فرصة للبناء على مخرجات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي انعقد العام الماضي، ويعيد التأكيد على دعم المشاركين لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته» وفي اشارة لجلالته حول أهمية توقيت المؤتمر بقوله «المؤتمر ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة الأزمات الأمنية والسياسية، وتحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، بالإضافة إلى الحاجة لتأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي»، في رسائل ملكية هامة لجهة ملفات المؤتمر التي ستنعكس بالإيجابيات على المنطقة.
هو الصوت الأردني يدوّي للعالم من أخفض بقعة به، من الأردن.. هنا بغداد، يقولها الأردن بقيادة جلالة الملك حيث تعود بدعم أردني لحاضنتها العربية وحضورها الدولي، الى جانب بطبيعة الحال ما يحققه المؤتمر من خدمة المصالح المشتركة، فهو مؤتمر هام بحرفيّة المعنى.