مصروف السيارة من عمّان من البنزين إلى قريتي الكرامة في الغور مع رجعة تريد عشرة دنانير على الأقل.. وبعد أن نظرتُ إلى مؤشّر البنزين لم أرتح لفكرة أن البنزين سيكفيني.. ما العمل وكلّ جيوبي تحلف أيمانًا غليظة أنها خاوية تمامًا..؟ لن أقول لكم كيف لملمتُ نفسي واستطعتُ بقدرة قادر أن أُجمِّع خمسة دنانير كل دينار على حدى وليست ورقة حمراء واحدة..!
حين صرتُ في "الكازيّة" فكرة خمسة دنانير "فراطة" كانت "طالعة من راسي" وأشعرتني بكثير من الأسى وصرتُ استسلم لحديث النفس الوسواسي وماذا سيقول عنّي عامل الكازية؟ خصوصًا أن الكثيرين يفاجئونني بمعرفتهم لوجهي التلفزيوني ويعتقدون أنّني أنام على ربوةٍ من الراحة المالية..؟! قلتُ للعامل بصوت متهدِّج: بخمسة بنزين تسعين.. وحين همّ بالذهاب للخرطوم وكأي متهم يريد الدفاع عن نفسه بسبب الخمسة الفراطة سألته: أكيد بمر عليك بليرتين وبثلاث.. ضحك وقال لي وهو يقسم بالله: والله جاءني من عبّأ بنزين بسيارته بنص ليرة..! وهنا أُسقط في يدي و انطميت وسكتت.. بل شعرتُ بالفخر.. فأنا رأسمالي واقطاعي و ما حدا قدّي.. عبّيت بنزين بخمس ليرات ولوكانت خمسة ليرات .. وأعطوني ألف ليرة الآن تعاريف وقروش وشلون وبرايز وأنا قابل .. فلن أخجل من الفراطة بعد اليوم..!