الأحداث الأخيرة صبغت العام 2022، خسر فيها الوطن كوكبة من الشهداء الأبرار، ضمن أحداث خرج بعض منها عن جادة الوطن اعتدت على الأملاك وقطعت الطرق واستهدفت فرسان الأمن العام.
2022 كان أفضل من سابقه اللئيم 2021، لكنه أيضا مليء بالتحديات، ففيه مأساة اللويبدة، وفيه تعرض سيدنا لتحد طبي أخاف الأردنيين، وفي هذا العام تجلت المعاناة الاقتصادية، التي أجلت للأشهر الخمسة الأولى بتثبيت أسعار المحروقات، ما كبد الخزينة مئات الملايين، وأجبر على العودة لعكس أسعار النفط على التسعيرة الوطنية. اللااستقرار الاقتصادي يبقى تحدينا الأكبر، والدرس المستفاد المرتبط بموضوع تسعيرة المشتقات النفطية يملي ضرورة إيجاد حل إستراتيجي، فنحن الآن نضع ضريبة خاصة مرتفعة، تحتاجها الخزينة بالتأكيد لدفع الرواتب والتقاعد، ولكننا نضعها على سلعة يتعامل معها الناس يوميا، يعانون ويقارنون بدول أخرى، والحل الإستراتيجي يكمن بإيجاد بديل ضريبي، يحقق نفس العائد ولا يكون على تماس يومي مع الناس.
المحروقات يجب أن تتحرر أسعارها ولا بديل عن ذلك، إلا إذا أردنا للأردن أن يصبح لبنان اقتصاديا، وأن توزع الضريبة الخاصة على بدائل أخرى يعد مخرجا معقولا. ملفا الطاقة والمياه أصبحا مهددين للاستقرار الوطني، ويحتاجان أساليب قوية للتعامل معهما، ولا بد على طريق فعل ذلك أن نخبر الناس، أننا بالفعل نسير بإصلاح اقتصادنا بالطريق الصحيح، وليس أدل على ذلك ارتفاع تصنيفنا الائتماني من مستقر لإيجابي بشهادة المجتمع الاقتصادي الدولي.
في حدث آخر مهم في العام 2022 وقف سيدنا مدافعا عن القضية الفلسطينية وشعبها، أقواها كان الدفاع عن الوجود المسيحي بالقدس في الأمم المتحدة، مفجرا قنبلة قضت مضاجع قوى كثيرة، سيدنا أعلنها مدوية أن مسيحيي القدس في خطر وتناقص، وهذه حقيقة لا ينكرها عاقل، فعددهم الآن لا يتجاوز 1 % من السكان بعد أن كانوا 20 % عام 1948. هذا التفنيد الموضوعي من ملك صاحب حضور دولي مهيب، استنفرت صناعة ايفانجيلية تقدر بعشرات المليارات تدعي أنها تحافظ على الوجود المسيحي بالقدس. قلة شدت من أزر سيدنا بهذا الموقف الديني والعروبي الكبير، لكن مزيدا من التقارير والباحثين عن الحقيقة ينتظمون خلف طرحه.
في العام 2022 شهدنا ولادة رؤية اقتصادية ساهم بها حوالي 300 خبير، وخطة تحديث إداري كتبها 8 خبراء، وكلاهما جهد طيب، ولكنه لم يرتق للمستوى المطلوب، ولو أن المرحلة تحتمل رأيا موضوعيا، لقلنا فيهما الكثير، ولكن المرحلة يشوبها بعض من ضيق الصدر والحساسية والبروج العاجية، لذلك فقول رأي موضوعي بهذه الخطط مؤجل إلى حين. ما يمكن أن يقال الآن، أن هاتين الخطتين أخفقتا بخلق حالة من الأفق وربما بث أجواء إيجابية وطنية بين الناس، رغم قدرتهما على فعل ذلك، وقد خلقا أيضا حالة من التلاوم المؤسسي بين مفاصل دوائر صناعة القرار. يكفي القول أن من كتبهما، وهؤلاء بالمئات، يحجمون عن الدفاع عنهما، في دلالة سياسة مهمة، ودع عنك كل الأرقام الترويجية المضللة حولهما، فالناس لا تعرف عنهما شيئا بما في ذلك خبراء اقتصاديون صف أول.
نطوي العام بما له وما عليه، والأردن ماض في التقدم والبناء ومنازلة التحديات والتغلب عليها.