هكذا انا المولود في "عروس الشمال" يحاول أن يلتقط "بعضاً" من ذكرياته في الحارات والشوارع والازقّة ودور السينما المُعتمة ومن على ارصفة وسط المدينة التي شكّلت طفولتي الاولى.
وهنا، الجأ لما قالته عني جدّتي لأُمّي (رحمهما الله)، والتي رافقت والدتي إلى الطبيب العلاجي من مرض قال الطبيب انه " لا علاج له "..ولم تبالِ أُمّي بكلام جارتنا التي قالت لها " روحي اقبريه "..
وهكذا تنبّات المرحومة جدتي لي بأن اتجاوز محنة المرَض.. وكان الالتصاق بها حتى اخر ايامها، بمثابة " رد جميل " لها.
فكنتُ اذهب في "العطلة المدرسية وحتى الجامعية" إليها حيث كانت "تضمن" مساحة من الأرض في سهل على مقربة من منطقة "حنينة".. وكانت تزرع فيها "بامية وبصل ومكانس (من القش).. وفقّوس ويقطين وبندورة وغيرها".
وكنت اساعدها خلال الأسبوع الذي كنت اقضية معها وفي بينها القديم في آخر "المخيّم".
ارتبط الفتي الذي "كُنتًه" في سنوات عمري المبكّرة "بقضاء" اربد "الوسيع"..
فكانت علاقتي الأولى بالسينما من خلال "سينما الجميل" التي شاهدت فيها فيلم عبد الحليم حافظ "الخطايا" مع النجمة ناديا لطفي.. وكانت بداية تعلقي بأغاني وأفلام العندليب الأسمر.
وكذلك افلام "وحش الشاشة" الفنان فريد شوقي.
ومن أرصفة "اربد" التقطتُ أولى المجلاّت وكتب الأطفال من " مكتبة عطيّة "...
وكانت مكتبة عمي ، الدكتور يونس في بيت جدّي لابي "مصطفى" الملقّب ب "الباشا" .
حيث كنتُ اذهب الى بيت جدي الذي لا ببعد عن دارنا بضعة أمتار قليلة... وأعبث بكتب عمي الذي كان وقتها يدرُس الطب بالجامعة الأمريكية في بيروت.
وعلى امتداد سهول "اربد"، كانت "كرة القدم" لعبتنا المفضّلة ( مع اولاد المخيم ).
وكنا نشجّع " النادي العربي " و " نادي الحسين "...
وكنا نجلس على الأرض.. فلم تكن هناك مدرجات..
وهكذا وجدتُ نفسي "رومانسيّاً" بفضل افلام عبد الحليم وثانيا للثقافة والمطالعة بفضل "مكتبة عطية" وعاشقاً لكرة القدم لارتباطي ومحبتي للنادي العربي.
كنا أطفال وقد درستُ الصفّين "الأول والثاني ابتدائي "في مدرسة" وكالة الغوث " كوننا " لاجئين من 48 ".
قبل أن يقرر والدي رحمه الله ان نرحل ونلتحق به حيث يعمل بشركة مناجم الفوسفات في مدينة "الرصيفة".
واستمر حنيني إلى " اربد " رغم عملي ومعيشتي في العاصمة.. فهناك اهلي ونسايبي وأصدقائي.. وكان ( مِسك الحنين ) اختياري لزوجتي "النابلسية / الاربدية" ليظل حبي لها ولمدينة طفولتي ممتدا الى ما يشاء الله.