ظهر رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين ليلة رأس السنة الميلادية 2022 2023 عبر اعلام بلاده المتلفز ( 1 RT RTR) عابسا غير فرح، وحاملا الهم الوطني والقومي الروسي على اكتافه وهو يبارك رأس السنة لشعوب بلاده الواسعة والمترامية الاطراف البالغة مساحتها حوالي 18 مليون كيلومتر مربع، وبتعداد سكان يقارب ال 150 مليون نسمة تاركا مسرح العملية الحرب العسكرية فوق الاراضي الاوكرانية المحررة عبر صناديق الاقتراع والرقابة الدولية والحماية العسكرية الروسية من دون مخالفة معاهدة (جنيف) لعام 49 خلف ظهره، بينما وقف يخاطب اهله وناسه وسط جنوده وضباطه متجهما بحجم المؤامرة على بلادة وتمشيا مع حساسية المرحلة وسخونتها، وقالها بوتين بثقة واقتدار بأن الحق الاخلاقي والتاريخي لروسيا، وبأن بلاده تقاتل من أجل استقلالها.
وتحدث الرئيس بوتين بحزن واضح على ما اصاب بلاده روسيا وجارته اوكرانيا العام المنصرم 2022، وهو الذي اسس لمستقبل مشترك، ومن اجل استقلال حقيقي، وهو الذي يناضل وشعبه من اجله، ويعمل من اجل حماية شعبه على اراضيه، ومن اجل مصير روسيا، وشدد على ان الدفاع عن الوطن واجب مقدس، وعن مصير روسيا الدولة العظمى والقطب الكبير، ولفت الانتباه مكاشفا شعبه بحقيقة أن الغرب كذّب بشأن السلام بينما كان يستعد للعدوان ويعترف بذلك دون حياء وعلنا، وهو ما حصل على الارض ( والكلام هنا لي ) .
وقال بوتين بحرقة وطنية وقومية روسية واضحة بأن الغرب يستغل أوكرانيا وشعبها بوقاحة لتقسيم واضعاف روسيا، لكنه لن يسمح بذلك ابدا، وتعليقي هنا هو بأن الرئيس بوتين لمن لا يعرف لا يمكن تشبيهه بالرئيسين بوريس يلتسين أو ميخائيل غورباتشوف لاسمح الله، وانما تشبه شخصيته جيورجي جوكوف القائد الميداني البطل في الحرب العالمية الثانية العظمى (41/ 45)، واندروبوف الذي يتشابه معه امنيا، وانا هنا احلل فقط، ونوّه على أن جميع جنوده في العملية الخاصة ابطال، وبأن حرب عصابات شرسة شنها الغرب ضد روسيا غير مبررة، وتوقعوا تدمير كامل بلاده، لكن ذلك لم يحدث، ولن يحدث (والكلام هنا من جديد لي) ما دامت روسيا العظمى وشعوبها العظيمة يمارسون الاعتماد على الذات وطنيا وقوميا.
واوضح الرئيس بوتين بأن بلاده روسيا الاتحادية اصبحت مثالا لدول أخرى لاقامة نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب، وتعليقي المتكرر هنا هو بأن روسيا فعلا لا قولا فقط نجحت في قيادة عالم متعدد الاقطاب، واسقطت خيار احادية القطب تماما كما اعلن عن ذلك بوتين بنفسه بداية العملية العسكرية الخاصة بتاريخ 24 شباط 2022 والتي حولها الغرب الى حرب مفتوحة في زمن لم تعلن فيه روسيا عن تحول العملية الى حرب، وما يثبت ما اقول به هنا هو دعوتها للاحتياط الجزئي وليس الكامل، وكونها نأت بذاتها ولم تخطط لدخول العاصمة (كييف) حتى الساعة، ولم تعمل على قلب النظام البنديري – الأزوفي بقيادة فلاديمير زيلينسكي (الفنان) كاتب مسرحية الغرب بالتعاون مع الغرب.
ولقد قالها بوتين وبصوت الواثق والمحارب المحترف بأن بلاده العظيمة روسيا ستنتصر، وبأنها ماضية في مساعدة أسر القتلى العسكريين الشهداء، وبأن العام الجديد 2023 سيكون افضل، وهو محتاج لتعاون الجميع، وبدأ الرئيس بوتين بتوزيع الاوسمة على قادة الميدان من العسكريين وفي مقدمتهم القائد العسكري الجنرال سيرجي سوروفيكين الذي حقق ورفاقه الجنود والضباط نصرا ملاحظا، وهو من سبق له أن حقق نصرا روسيا مشابها في الحرب السورية كذلك، وهو مؤشر نصر لا هزيمة .
والان والحديث لي انا كاتب هذا المقال التحليلي الموضوعي، روسيا اصبحت بعد نصرها الأكيد باحثة عن سلام الشجعان بشروطها، بمعنى سلام يتجاوز الاقاليم الخمسة المحررة مثل (لوغانسك، دونيتسك " الدونباس "، زاباروجا، وجانب من خيرسون )، وسلام يفصل بين اوكرانيا وزحف حلف (الناتو) العسكري تجاهها، ولن تسمح روسيا بعد اليوم للغرب بالعبث بأمن أوكرانيا وسيادتها واستقلالها واستقرارها واقتصادها، ولن تتعافي ( كييف ) العاصمة بوجود نظام سياسي حالي قرر التغريد خارج سرب منظومة العمل الروسي والسوفيتي السابق، ولن يصلح العالم بمحاولة القطب الواحد البقاء في صدارته، ونعم لعالم متعدد الاقطاب، عادل، ومتوزان، ونعم لاحترام حقوق الانسان في الحرب وفي السلم، والالتفاف على روسيا واخراجها من منظمة حقوق الانسان خطيئة، وتجيير الامم المتحدة للتصويت اكثر من مرة لادانة روسيا بسبب ضمها للاقاليم الخمسة، وفقط لان الشعوب الاوكرانية شرقا وجنوبا رفضت قبول نظام ( كييف ) أو الانضمام اليه قسرا خطيئة مكررة أيضا.
وفي المقابل من يعتقد بأن روسيا ممكن أن تخسر الحرب، أو يضمر لها ذلك فهو مخطيء، ومطالبة زعيم حاخامات اليهود السابق في روسيا بينخاس قولدشميدت اليهود الروس مغادرة روسيا اليوم قبل غد بسبب عمليتها العسكرية في غير مكانها، وهو موقف غير حصيف لاسرائيل راعية اليهودية المرتبطة مع الصهيونية في العالم، وربما نسيت اسرائيل الزيارة الاخيرة للرئيس بوتين لتل – ابيب عام 2019 وتشييده لمجسم حصار ليننغراد حيث قضى اليهود والسوفييت حتفهم جوعا وقته، والمحرقة الهتلرية (الهولوكوست) التي اصابت اليهود كما غيرهم من شعوب اوروبا في الحرب العالمية الثانية، وتسببت في مقتل الملايين منهم.
لقد اصبحت روسيا مدعوة اليوم قبل اي يوم مضى، وبعد تبيان خيوط المؤامرة الغربية التي بدت واضحة قبل وبعد انقلاب ( كييف ) وعبر الثورات البرتقالية عام 2014، وبعد الشروع بإنتاج قنبلة نووية وأخرى مخفضة، ونشر مراكزا بيولوجية، واغتيال الصحفية الروسية داريا غودينا، وتفجير خط الغاز ( نورد ستريم ) وجسر القرم، وتفريغ الاسواق الروسية من الانتاج الغربي، ودعوة اليهود لمغادرة روسيا، ومواصلة قصف القرى والمدن الروسية الحدودية، وتسيير طائرات صغيرة الى وسط العمق الروسي، وغيرهم من الاساليب اللوجستية الملاحظة، اصبح مطلوبا من روسيا وهو الحاصل الاعتماد على الذات، والتوجه لمواصلة بناء الداخل الروسي، ومواصلة تطوير السلاح الكبير تماما كما صرح حديثا الرئيس بوتين نفسه ضرورات وطنية روسية وقومية الى جانب البحث عن حلفاء جدد في شرق العالم وجنوبه .