يتساءل العديد من المهتمين والمتابعين للشأن الأكاديمي عن مدى التزام الجامعات الأردنية بتطبيق مبادئ الحوكمة بإعتبارها مؤسسات تحكمها قوانين وأنظمة وتعليمات ترمي إلى مأسسة العمل الأكاديمي والإداري والمالي ضمن منهج يحكمه عدد من الأسس والقوعد الحاكمة لإدارة الجامعات كالشفافية والأفصاح وترشيد القرارات وغيرها، وجميعها مرهونة بفكر ووعي وتطلعات حاكمية الجامعات بغية ترجمتها قولاً وعملاً لتوجيه بوصلتها ضمن مسارات استراتيجية تخدم مصالحها في ظل رؤيتها ورسالتها وأهدافها التعليمية.
يسمع المتابعون بإن هناك تجاذبات في مجالس حاكمية الجامعات فيما يتعلق بمستوى الالتزام بتطبيق مبادئ الحوكمة والتي وأصبحت تأخذ حيزاً واسعاً في أحاديث الوسط الأكاديمي وخاصة في ظل غياب الافصاح المؤسسي لأداء الجامعات كأحد المؤشرات الهامة والدالة على مدى التزامها بمبادئ الحوكمة والتي يراها العديد بإنها العنوان الحقيقي والدال على نوعية وكفاءة تلك المجالس في إدارة ملفات الجامعات.
وقد شهدنا في السنوات الأخيرة خطوة جرئية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مفادها تقييم أداء رؤساء الجامعات فقط كأحد أطراف الحاكمية دون شمول مجالس الحاكمية الأخرى والتي يراها العديد بإنها الأكثر أهمية باعتبارها المطبخ الفعلي في صناعة القرار والمعنية برسم خارطة الطريق لأداء الجامعات من حيث التوجهات المستقبلية للسياسات التعليمية والتطويرية، وبنفس الوقت مازلنا لا نعرف ما هي الأسباب المانعة لذلك بالرغم من وضوح مبادئ الحوكمة والتي لا تستثني أحد إنطلاقاً من أهمية وغايات المجالس في تصويب وترشيد قرارات وتوجهات البيت الداخلي للجامعات.
أن ما يتم تداوله في الوسط الأكاديمي يشير إلى وجود حاجة ماسة لمراجعة الألويات وأهمها الالتزام الكامل بتطبيق مبادئ الحوكمة في الجامعات مروراً بمجالسها لرفع سوية التناغم المشترك في إدارة الجامعات وضمن إطار عمل استراتيجي يفرز رؤية مستقبلية تكون بمثابة خارطة طريق قادرة على تحقيق التغيير والتطور النوعي في ظل مستجدات التعليم الجامعي وملفاته وتحدياته الراهنة.
نحن ندرك تماماً حكمة وحرص مجالس الحاكمية في جامعاتنا لكن ما زال هناك ما يستوقف العديد في ظل غياب الأفصاح لأداء وإنجازات مجالس حاكمية الجامعات بمختلف ملفاتها والذي يراه المختصون بإن الأفصاح لهو الدليل الحقيقي عن شفافية ما يجري في المجالس، ومدى التزام مجالس الجامعات بمبادئ الحوكمة ؟ وشفافية الإجراءات الضابطة لأداء مجالس الحاكمية وبعيداً عن تمثيل الأدوار؟ وأسس تقويم وقياس رؤى وتوجهات وقرارات مجالس الحاكمية؟ ومعايير أختيار صانعي القرار وأعضاء مجالس الحاكمية في الجامعات؟ والتي بمجملها تُعد مفاتيح حوكمة الجامعات لبناء خارطة طريق تؤهلها لكسب رهان المستقبل في ظل ترقب الجميع.
أن إيمان الجميع بالالتزام الكامل بتطبيق مبادئ الحوكمة في جامعاتنا يتطلب مراجعة شاملة لأداء مجالس الحاكمية وأدوارها للتأكد من قدرتها على ترجمة تطلعاتها المستقبلية بالمقارنة بمثيلاتها الأقليمية والعالمية وخاصة في ظل حجم الملفات الجديدة والكبيرة كالأعتمادات الدولية والتصنيفات والجودة الأكاديمية وغيرها، مما يجعل غيابها عملية صعبة لكسب رهان المستقبل وإبعادنا عن ما نتطلع اليه جميعاً وخاصة في ظل رؤية صاحب الجلالة الملك عبدالله أبن الحسين المعظم وولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهم.