احتفل الأوكرانيّون والروس السبت، بعيد الميلاد الأرثوذكسي فيما انتهى وقف إطلاق النار الأحادي الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دون أن تتوقّف المعارك على الأرض.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالة فيديو نُشرت مساءً "استطاع العالم أن يرى مجدّدًا اليوم مدى عدم صدق كلّ الخطابات التي تُلقى على أعلى مستوى في موسكو".
وأضاف "تحدّثوا عن وقف مزعوم لإطلاق النار... لكنّ الحقيقة أنّ القذائف الروسيّة استمرّت في قصف باخموت (شرق) والمواقع الأوكرانيّة الأخرى"، مشدّدًا على أنّ الحلّ الوحيد هو "طرد الروس من الأراضي الأوكرانيّة".
وانتهى عند منتصف ليل السبت (21.00 بتوقيت غرينتش) وقف إطلاق النار الذي أعلنته موسكو اعتبارًا من ظهر الجمعة. واتّهمت أوكرانيا الجيش الروسي بعدم احترامه، فيما اتّهمت روسيا في المقابل الأوكرانيّين بمنع تطبيقه، مستنكرةً استمرار القصف المدفعي الأوكراني على مواقعها.
وقالت القوّات الروسيّة إنّها صدّت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية عددًا من الهجمات التي شنّها الجيش الأوكراني في شرق أوكرانيا، وإنّها قتلت العشرات من الجنود الجمعة.
واعتبرت أوكرانيا الهدنة الروسيّة "ضربًا دعائيًّا" لكسب الوقت. وندّدت واشنطن وباريس ولندن وبرلين والاتّحاد الأوروبي بإعلان تلك الهدنة.
وسمع مراسلو وكالة فرانس برس في مدينة تشاسيف يار في شرق أوكرانيا دويّ قصف متواصل طيلة فترة قبل الظهر.
وفي باخموت مركز المعارك شمالًا من هذه المدينة، سجّل مراسلو فرانس برس الجمعة، تبادلًا للقصف المدفعي من جانبَي الجبهة في الساعات التي تلت بدء سريان وقف إطلاق النار الأحادي. غير أنّ قوّة الضربات كانت أخفّ مقارنةً بالأيّام السابقة.
وأفادت النيابة العامّة الأوكرانيّة بأنّ شخصَين قُتِلا وأُصيب 13 آخرون الجمعة، في باخموت التي أصبح جزء كبير منها مدمّرًا بسبب القتال وحيث مُنِي المعسكران بخسائر كبيرة.
وقالت السلطات الأوكرانيّة إنّ القوّات الروسيّة قصفت أيضًا منطقة خيرسون (جنوب) الجمعة، ما أسفر عن مقتل مسعف وإصابة سبعة أشخاص آخرين.
في منطقة زابوريجيا (جنوب شرق)، قالت الإدارة المحلية إنّ بعثة للأمم المتحدة كانت توزع مساعدات إنسانية في أوريخيف قد تعرّضت "لنيران العدو".
كنيسة أوكرانية مستقلة
احتفل البلدان السبت، بعيد الميلاد حسب التقويم الشرقي. ويشكّل المسيحيّون الأرثوذكس الغالبيّة في روسيا كما في أوكرانيا.
في روسيا، وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحيدًا خلال قداس منتصف الليل في كنيسة في الكرملين.
وهنّأ بوتين في رسالة نشرها الكرملين السبت، المسيحيّين الأرثوذكس بالعيد قائلًا إنّ المناسبة مصدر إلهام "للأفعال والتطلّعات الطيّبة".
وقال إنّ جمعيّات كنسيّة "تدعم جنودنا المشاركين في عمليّة عسكريّة خاصّة"، مستخدمًا تسمية الكرملين الرسميّة للهجوم.
وفي أوكرانيا، شارك المئات السبت، في قداس في دير كهوف كييف الذي كان يخضع سابقًا لسلطة بطريركيّة موسكو لكنّه أصبح في كانون الأول/ ديسمبر تحت سيطرة الكنيسة الأرثوذكسيّة الأوكرانيّة المستقلّة.
وأحيا القداس المتروبوليت إيبيفاني، رئيس هذه الكنيسة التي استقلّت عن بطريركيّة موسكو بين 2018 و2019.
وقالت قائدة الجوقة فيرونيكا مارتينيوك (19 عامًا) لوكالة فرانس برس "انتظرنا وقتًا طويلًا قبل أن يتمّ تسليمنا هذا المكان. إنّه حدث تاريخي بالفعل، كان ينتظره جميع الأوكرانيين".
من جهتها، قالت المصلّية أوكسانا سوبكو (47 عامًا) "لكلّ بلد كنيسته. ونحن لدينا كنيستنا الخاصّة - هذا جيّد جدًا، كنيسة أوكرانيّة، هكذا يجب أن تكون".
إرسال أسلحة
في تشاسيف يار، قرب جبهة القتال، تجمّع سكّان محليون في قبو بدلًا من الذهاب إلى الكنيسة، خوفًا من القصف. ولم يبقَ من المجموعة الذين كان يزيد عددهم على المئة في هذه المدينة إلّا تسعة.
وتقول زينايدا أرتيوخينا (62 عامًا)، وهي العضو الوحيد المتبقي في جوقة الكنيسة، "الحمد الله، نحن مجتمعون. هذا يكفي".
وحتى لو احتُرم وقف النار الذي أعلنه بوتين، لم يكن ليوفّر إلّا 36 ساعة من الراحة في صراع شديد الحدة ومستمرّ منذ قرابة 11 شهرًا.
والجمعة، أعلنت الولايات المتحدة مساعدات عسكريّة لأوكرانيا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، في حزمة قال البيت الأبيض إنّها ستتضمّن مدرّعات من طراز "برادلي" وناقلات جنود مدرّعة ومدافع هاوتزر ذاتيّة الدفع.
وقالت الرئاسة الأوكرانية إن "عام النصر هذا قد بدأ للتو"، مضيفة أن "الحزمة" الأميركية تشمل أيضًا صواريخ هيمارس الدقيقة وصواريخ سي سبارو المضادة للطائرات.
وجاء هذا بعد إعلان متحدّث باسم الحكومة الألمانيّة الجمعة أنّ بلاده ستُرسل 40 مدرّعة من طراز "ماردر" إلى الجيش الأوكراني في الربع الأوّل من 2023، في أوّل إعلان لعمليّة تسليم ملموسة لهذا النوع من المعدّات.
وتعد إمدادات الأسلحة الغربية ضرورية لكييف وقد مكنتها خصوصا من تنفيذ هجوم مضاد فعال أبعد القوات الروسية من منطقة خاركيف في الشمال الشرقي ومن مدينة خيرسون في الجنوب.
وتجمّدت الجبهة إلى حد كبير بفعل فصل الشتاء، لكن أوكرانيا عبّرت عن خوفها من هجوم روسي جديد.
في الغضون، أعلنت الحكومة البريطانية السبت أن المملكة المتحدة ستستضيف اجتماعا لوزراء العدل في آذار/ مارس لمناقشة سبل دعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المفترضة في أوكرانيا.
وتُجري المحكمة الجنائية الدولية ومقرّها في لاهاي حاليًا تحقيقًا في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قد تكون ارتُكِبت في أوكرانيا.