المرأة خميرة حب وحرية في عالم من العنف ومن رفض الإنسانية عالم مجرد تطغى عليه التقنية والاقتصاد والمفاهيم على النساء كافة يقع واجب ألّا يكُن مجرد عقول ليس إلّا ؛ بل كائنات حيوية وأفراد لهن انفعالات وحواس ومشاعر وقلب مفتوح لقد كانت النساء دومًا أكثر حبًا و أعمق حرية، لقد كانت المرأة أقل تأثرًا من الرجل بالأنظمة و الايدلوجيات والعوامل وأنماط الحياة الجاهزة ؛ على المرأة ألّا تحصر نفسها في وظيفة أسرية أو اجتماعية ولا في مجرّد علاقة .
أنني أؤمن بسيادة المرأة وقد ولّى زمن لم تكن فيه المرأة سوى التابعة والمساعدة و الخادمة الوديعة وكأنها خلقت فقط لكي تتعلم وتاخذ من الآخرين ومن الرجال خصوصًا ذلك كان العالم القديم البالي والمقعد الكسيح بروماتزماته .
أرجو أن لا يكون خطابي نصرة للحركة النسوية فأنا لم أنخرط يومًا في أي حركة نسوية ولكنها أقوال من أجل الحرية، يجب أن يعي العالم مستقبلًا أن المرأة لم تعد الطفلة الصغيرة التي تبحث عن معلم أو قائد أو عن أب عطوف أو استيادي يملي عليها ما يجب أن تفعله وتقوله وتعيشه فالمرأة هي الرحّالة الراوية القادرة على أن تحمل الكلمة و الرسالة و الجديرة بأن تحمل صوتًا ينبئ بالمستقبل إذا كان من النبل أن يكون رجلًا فمن النبل أيضًا أن تكون المرأة امرأة .
المرأة في الظاهر لم تدرك أو أنها لا ترغب في أن تدرك هذا النبل الذي يملي شروطه في خلق الحقوق والواجبات لأنه من الأسهل على المرأة أن تلعب دور الصبية المدللة من أن تلعب دور (العبد) الأقل شأنًا من الأسهل عليها أن تشعر بالحماية و المساعدة ومن أن تدعي أنها ضحية النظام الأبوي، من الأسهل عليها ألّا تكون لا مسؤولية ولا حرّة ... إنها لا ترغب في ذلك بدافع اللجوء أو الراحة أو الخوف !
الحرية لاتخلو من ضرورات ومقتضيات،النساء للأسف ما زالن تابعات خانعات فإذا كان الرجال عبر التاريخ البشري قد فرضوا سلطتهم وتفوقهم المزعوم فذاك في رأيي لأنهم لم يلتقوا بحريتهم ولم يواجهوها فأنا لست أقصد حين اتحدث عن حرية النساء أن يمارسن سلطة الرجال !
لا أقصد هيمنة النساء على الرجال بل القصد أن هناك كلمة أنثوية يحب أن تسمع ويكون لها صدى! فالنساء يتحدثن أقل بواسطة الخطابات الجاهزة وبالمفاهيم وإن كنا أحيانًا تراهن يحاكين الخطاب المهيمن .
من الأهمية بمكان أن تتحدث النساء وأن يخلقن وأن يعبرن عن كيفياتهن بعنف أو عن طريق الشعر أو بواسطة الدعابة و الفكاهة ... وبكلمات ملموسة ومليئة بالانفعالات وبالضحك أيضًا وبكل الكيفيات التي تجعلهن هن حقًا !
لتتجرأ النساء على أن يكن نساء حقًا ! لكن حذار! المرأة الحرة ليست هي المرأة المتحررة أو المحررة بالمعنى الذي كان في السبعينيات إنها المرأة التي تقارن بأي نموذج .
المرأة التي لا تتقيد بأي موضة ، المرأة التي لا تخضع لأي تبعية تجاه نظرة الغير لها... المرأة التي ترفض كل العناوين .
المرأة التي تعبر عن شخصيتها العميقة الحقيقية التي لا تقف عند حدود دورها الأمومي أو دورها كمجرد زوجة فهي أم و زو جة وعليها أن تضطلع بهذا الدور على الوجه الأمثل لكن حدود شخصيتها أبعد من ذلك بكثير .
المرأة الحرة هي التي تشق طريقها بنفسها تبني نفسها بنفسها لكن هذا يتطلب الكثير من الجهد والشجاعة ، المرأة الحرة بمعنى أفضل هي المرأة التي تتحرر أيضًا أي التي تفتح القلب والعقل معًا... إنها المرأة التي تمنح الرغبة والشهية للحياة والحب والدراسة واللقاء.
ونحن الآن مع الأسف تحت هيمنة التكرار الخطير المهدد. نحن الآن تحت سطوة معايير المطابقة والمظهر الخارجي والمحاكاة والاستنساخ .
وننسى ثمن كل وجه نتخفى وراءه وننسى قانون الغيرية استفادة مشاعر الابتهاج ومشاعر الغرابة والاختلاف أمام أي كان، حقل مغناطيسي لا بد منه اكتشافه على كل واحد أو واحدة أن يغذي خصوصيته وأن يفتش عنها في أعماق ذاته وأن يتلذذ بها عند الآخر.
استفادة طعم الكائن الفريد الذي لا بديل له ذاك هو البرنامج الذي اقترحه على الجميع ... لأنه برنامج جذاب وسحري وحقيقي .
بالنسبة لي لا وجود لأي تعارض أو انشطار قابين القيم الأنثوية حدس حساسية... الخ ،وقابين القيم الذكورية قوة وشجاعة...الخ . الكائن الكامل السوي عندي رجلًا كان أم امرأة هو كائن صارم وجريء في آن فاعل ومتفتح ومستقبل للآخرين وللعقل ، فالشخصيات التاريخية البارزة التي أنجزت أجمل الأشياء كانت في ذات الوقت شخصيات فاعلة ومتأملة معًا وكانت حساسة وشجاعة معًا ...
كل نساء العالم ليس كلهن كائنات عذبة وزكية وعطرة! وليس كل رجال العالم جبابرة ومستبدين ! فلنوقف الحرب إذن! ونوقف الأنماط الجاهزة إني لمحبطة وخائفة أمام الأنانية والحماقة التي تحيط بنا.
وفي ذات الوقت أحس أن العقل معنا لكي يقول لكل واحد فينا رجالًا ونساء وأطفالًا الكلمة الوحيدة القادرة على أن تفتح الأبواب وتذيب الجبال وتجعلها ترقص، كل شيء ممكن إلى مالا نهاية وهذا مرهون بي أنا.على الكائن البشري أن يولد إلى العالم وأن يتجلى على هذه الأرض .
إنه واجب عدم الاستسلام وإثبات الذات إنه واجب تجسيد الكرامة وإبداء اللطف والحسنى تجاه الآخرين إنه واجب السير في الحياة بدعابة وفكاهة وحرية ورقص وضحك ولا داعي أن نحس أننا أهم من هذا إنه واجب الخلق والإبداع لكي تختفي أشباح الواحد الأحادي لكي تختفي التفاهة المطمئنة لكي يولد في الأخير اللقاء البسيط الحقيقي المتعدد المغبط .
مع حب الحياة وحب الكائنات وحب كل ما هو حول الكائن البشري وخارج حدود الكائن البشري .