ترتكز الفكرة الأساسية لكتاب "في السماء جنة" للكاتبة الأردنية نسرين الأفغاني، على فكرة الفقد التي عانت منها الكاتبة بعد رحيل والدتها، والتي طبعت نصوص الكتاب جميعها بطابع الحنين واستذكار الزمن الجميل الذي شكلت فيه الأم معنى الحياة، وتركت في كل ملمح من ملامحها أثرا لا يزول.
وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 162 صفحة من القطع المتوسط، ونجحت الكاتبة في إيصال الغاية منه إلى القارئ عبر عتبتي الإهداء والنص الاستهلالي، إذ أهدت عملها إلى أمها وروحها ووصفتها بأنها: "زهرة الياسمين النائمة تحت التراب". أما النص الاستهلالي فجاء كاشفا، وحرصت فيه الكاتبة على الدعاء لوالدتها قائلة: "رحمة الله عليكِ يا غاليتي، ستبقين محفورة بين القلب والأضلع. تنبض عروقي بحبّك، ويسري دمي في قلبي ليتنفس ياسمينك".
وامتلأت النصوص بالصور الفنية التي نجحت في تجسيد مشاعر الكاتبة، تقول الأفغاني في أحد النصوص:
واتسمت لغة الكاتبة بالعفوية والبساطة اللتين لا بد منهما في هذا النوع من النصوص التي تتدفق فيها المشاعر حارة وصادقة. تقول الكاتبة في نص تواجه خلاله حقيقة الموت:
"وظل الفقد يؤلمني وما زال، والذكريات في عقلي وقلبي ووجداني ولم أعش لولا ذكرى ذكرتني بهما؛ فكل ذكرياتهم تفوح عطرًا كما الياسمين (العبهرة) ياسمينة البيت. كانت أمي تحب رائحتها وكلما نسَّم هواء الربيع والصيف وفاحت رائحة الياسمين تقول لي تعالي شمي ما أحلى تلك الرائحة"..
وضم الكتاب كذلك مجموعة كبيرة من التأملات في حقائق الوجود والحياة، فجاءت منسجمة مع فكرته الأساسية وشكلت وحدة موضوعية مكتملة الأركان.. ومن هذه الأجواء:
"التنازل يبدأ بخطوة؛ بالضبط مثل مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.
لا تتنازل لإرضاء من حولك فإرضاء الناس غاية لا تدرك
لا أحد يعجبه أحد والعقول تختلف والقلوب أيضًا.
لا أحد مثل أحد.
اختلافك عني يميزك عني كما اختلافي عنك يميزني عنك. نختلف في الآراء، في اللباس والأناقة، في الألوان، في المبادئ والعادات والأعراف، وحتى في الأديان والطوائف وفي المزاج"..
ومن الجدير ذكره أن نسرين الأفغاني كاتبة أردنية اشتُهرت بنصوصها المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي اجتذبت أكثر من 100 ألف متابع. وهذا الإصدار هو الأول في مسيرتها الأدبية.