من مضارب الزعامة, وشموخ العشيرة الكبيرة, من بيادر القمح وميجنا الفلاحين وعلى مشارف الهوى, في عبين شمال المملكة الأردنية الهاشمية, وفي عام من اعوام الغضب عام 1944, ولد العقيد الركن المتقاعد محمد عواد المومني لعائلة عريقة مدججا بفروسية الشيوخ, حيث أنه أحد احفاد الشيخ علي باشا المومني. امضى سنواته الطفولة الاولى في بلدتة عبين وانتقل بعدها لاربد, تلقى علومه في مدرسة اربد الثانوية واشتهر بتفوقه الدائم وقوة شخصيته, كان منذ نعومة أظفاره ميالاً للجندية وروح التحدي وشديد الشغف بمطالعة سيرة أبطال التاريخ العسكري وبدراسة تاريخ المعارك الحربية الكبرى, حاصل على درجة الليسانس في العلوم السياسية والعسكرية من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة. ولأن الاردني يعشق التحدي, وتطويع الصعاب, التحق في اواخر نيسان حين كان زهر اللوز في اوجه وحين كان الدحنون قد اشتد إحمراره عام 1964, بصفوف كتائب الجيش المصطفوي والويته المظفرة, ولم يكن هذا التاريخ يؤرخ لدخول منتسب جديد فقط بل يؤكد على توجهات شاب توج حياته بالبطولة والفداء, مضى متسلحا بالصبر والشجاعة, في ميادين الكبرياء, ومعسكرات الجيش. وأنت حين تقف أمام محمد عواد فأنك تقف أمام عسكري ليس بالعادي, عمل خلال خدمته العسكرية على تطوير وتنمية الجيش العربي بكل كفاءة وإخلاص, وحاز على الكثير من الأوسمة العسكرية الرفيعة, امضى العمر ضابطا مخلصاً شجاعاً, خاض معارك 67 و 68 و73 وقد أقام الذبح في العدو, وقاد الكتائب باقتدار عسكري واحتراف متقن ووجه ناره باتجاه صلف إسرائيل وغرورها, وهو الوحيد في زمنه الذي أجبر الجيش الإسرائيلي وصحبه الأخيار من قادة الكتائب والسرايا حين كان صفير جنازير الدبابات يوم النار يلهب فيهم التكبير والتهليل, على أن يرفع أعلاما بيضاء في معركة العز و الكبرياء معركة الكرامة. حين يرفع العقيد محمد عواد شماغة المهدب تلمح في وجهه الصبوح, شمس صحرائنا الطيبة, وقد حفرت وساما لا يمحى فوق كتفيه, ومسدس يزين خصره, منتشيا برائعة الغناء الاردني القشيب, يدرك عذاب الدراسين إن هب الهوا, ويعرف وجع الحصادين إن قل الندى ويفهم جيداً مواسم الوطن, فقد تلظَّى في حر حزيران وذاق قر ثلج كانون, ومع ذلك يمضي هذا العسكري الأردني بصمت غاضبا على هذا الزمن غير مقتنع به...