يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي ،حيث خصصت الأمم المتحدة متفقة مع أهل الأرض كلهم على تخصيص هذا اليوم تكريما للمراة.
وإن حال القلم يُحار في ذلك ،كيف يكون لجنس البشر الآخر يوما وحياة البشرية قائمة على نصفه الذي لا يكتمل إلا بنصف آخر ،ولا ضير فالقلم كان رمزا للحق منذ الأزل ،وإنني في هذا المقام استذكر قوله عزوجل: ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)) البقرة .....
وفي ذلك بيان واضح صريح بأن الحقوق تقابلها الواجبات والواجبات مناطة بنيل الحقوق تؤامان متلاصقان لا ينفكان حتى تقوم الساعة،وإنما حل بواقع المرأة في المجتمعات على اختلاف أصولها من التهميش والإقصاء كان بسبب جملة من العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي وكلها قلدت الذكر الأولوية وجعلته دون غيره محط الإهتمام .
أما الإسلام الحنيف فالمرأة عنده مكرّمة مصونة، فهي الأم الواجب برها ووضعها على رأس قوائم الإهتمام ،بل إن خدمتها والوقوف على حاجاتها النفسية والبدنية يُدخل الجنة ويلزم منه رضى الله عزوجل ،كما كُرمت المرأة ابنة فكان الإحسان لها وتربيتها على القيم والوقوف على تأديبها وإصلاح حالها ستر من النار وبذلك صار الرجل المسلم يتمنى انجاب الفتيات على حين كان العربي الجاهلي يتوارى من القوم إن بُشّر بأنثى بل ويدسها في التراب أحيانا
ولم يقف الأمر هنا بل وصّى الدين بالأخت والخالة والعمة وجعلهن أرحاما تجب صلتها ليس أي صلة ،بل صلة حب وشوق توصل إلى الله وقطعها يقطع مدد السماء،وأضاف الدستور الإسلامي للمرأة حقا في الميراث وامتلاك الأموال المنقولة وغير المنقولة ،وجُعل حق عيشها عيشة كريمة على الرجل الذي ولّاه الله القوامة عليها ليرعاها ويقوم على سقايتها حبا وعطفا فتنشئ بذلك ملكة في مجتمعها مُصانة من كل أذى ومُزال عنها هم وهذا غيض من فيض تكريم الاسلام للمرأة فشكرا للإسلام الذي جعل السيدات محورا هاما وقضية مركزية تدور حولها الأحداث، شكرا للإسلام الذي اهتم بنا قبل كل دساتير الدنيا ، فحين أُقصيت السيدات وانتُهكت الحقوق وأُرديت المجتمعات بسبب ذلك المهالك تفطّنت حينئذ لدور السيدات وأنهن لبِنات البناء في المجتمعات خرجت المواثيق الدولية والأعراف العالمية تُطالب بتغيير النهج ،كيف لا ؟ فأخذت على عاتقها تطوير الواقع وبناء القدرات فنهضت المراة طبيبات ومهندسات ومعلمات بل وجنديات تُساند الرجل وتقود معه المسيرة، فطوبى للعملاقات ،طوبى لتلك الأيدي التي هزت المهد باليمين والعالم بالشمال.
وإني لا أنسى جدتي سيدة منزلها ،خابرة الخبز وجالبة الماء والحطب والحليب وراعية الأغنام ،تلك المفعمة بحب الطبيعة وعشق الأرض منكّهة بهدوء الفطرة وسلامة السليقة ،التي كانت تنام بسلام وملؤ أحلامها سيرها بين سفوح الجبال وقيعان الوديان ،واستذكر قريناتها المُمَكنات دون برامج تمكين واللواتي أنجبن الأساتذة والعلماء وهن لا يُدركن رسم الخط ولا فك التهجئة، بل وأرسلن مع ضوء البنورة حبا ونظاما صارما حين كانت مجتمعاتنا بخير لا مخدرات ولا ازمات نفسية ولا حالات انتحار نقية لا هواتف نقّالة ولا انترنت .
استذكر أمهات الشهداء ومهدبات السلك الأحمر واللواتي أرضعن أولادهن حب الوطن وعشق الوصول لله دون نظريات مرهقة ولا جمود تربوي .
استذكر أمهات الأسرى وهن يحملن الحنين لإحتضان ولد غيبته القضبان وابعده الأسر في غيبات الظلام ولا تزال أشواقهن تعانق شمس الدنيا كل يوم فتحية لصبرهن.
استذكر الأسيرات والثكالى والأرامل والمطلقات والمعنفّات في بيوت بعض الأباء والأزواج وهن يتوقن لحياة أفضل وعيشة أكرم .
استذكر الجنديات الباسلات ورقيبات السير المخلصات والمعلمات المتفانيات والممرضات الساهرات صاحبات الصباحات الباكرة واللواتي يقمن على إنجاح معركة يومية صعبة مع الوقت والمتطلبات.
ولا أنسى القارات في البيوت صاحبات الأيدي الماهرة والأشواق الملتهبة لعودة الزوج والأبناء صانعة الجلسات الأسرية الهادئة وأقول في حقهن إن أوراق الشجر لا تنسى فضل الجذور وإن كانت الجذور غائرة
تحية لكل زوجات العسكريين اللواتي يقفن على ثغور الوطن ويحفظن المال والشرف وينتظرن بشوق عودة الزوج حامل الشعار ،تحية لجميلات الوجوه والقلوب اللواتي يصفن لمر الحياة عسلا ،تحية لكل سيدات الأرض رموز الحب والإخلاص والبذل المكتويات بوهج التضحية في سبيل طفل وبيت عامر بأم