يبدو ان تزامن ثوران بركان تاناجا مع الانسحاب الروسي من معاهدة ستارت قد اشعل التكهنات حول حقيقة ما يجري في ولاية ألاسكا الأمريكيه .
ومع استمرار الحرب الأوكرانية وبعد زلزال تركيا ٢٠٢٣ المدمر بات العالم بأسره في ريبة من حدوث زلزالٍ مدمرٍ هنا وزلزالٍ كارثيٍ هناك والاخطر في ذلك دخول نظرية المؤامرة من خلال مشروع هارب الامريكي كمسبب محتمل لحدوث زلزال تركيا حسب ما يعتقده البعض.
في خضم سيطرة المنجمين والعرافين على وسائل الإعلام و وسائط التواصل الإجتماعي بات العالم بأسره يعيش هاجس الخوف حتى أن بعض الأسر في إسطنبول وجنوب شرق تركيا ولبنان والشمال السوري يقضون لياليهم في الخلاء خشية وقوع زلزال.
لقد سيطر هولاء المنجمين والعرافين على عقول العامة من الناس بينما احتار الخبراء والمختصين وأصحاب الحكم والقرار في كل دول العالم حول حقيقة ما يجري.
بعض النشطاء في علم الجيولوجيا كانوا أكثر واقعيةً في تقييمهم للاحداث التي تلت زلزال كهرمان مرعش المدمر إلا ان ثلةً آخرى لحقوا بركب المنجم الهولندي "فرانك" والذي ثبت كذب تنبؤاته الاخيرة، حيث كانت آخر تنبؤاته بحدوث زلزال مدمر يومي 7 او 8 من شهر آذار الجاري 2023 ولم تحدث.
نشطاء الواقع الجيولوجي والتكتوني لصفائح اللوح العربي والأوراسي وطبيعة وسلوك حركة الصفيحة الأناضولية ومنهم الباحثة والجيولوجية "سلام التميمي" وهي طالبة دكتوراة مقيمة في تركيا كانوا قد شاركوني في الرأي والتحليل (كاتب هذا المقال د. ثابت المومني) حول أن ما جرى ويجري على طول فالق شرق الاناضول - حيث حدث زلزال كهرمان مرعش - لهو أمر طبيعي متوقع وأن إمكانية حدوث زلازل جديدة أمر وارد ولكنه بدأ يتراجع كثيراً، حيث أثبتت السجلات الزلزالية للهزات الأرضية التي تعرضت لها منطقة شمال وشرق البحر المتوسط بدءا من الاسكندرون هاتاي، مرورا بلبنان وصدع اليامونه، وصولا للأردن وفلسطين حيث صدع البحر الميت التحويلي، تراجع عدد الهزات وشدتها.
هذه السجلات أشارت لبدء استقرار تكتوني على طول هذا الخط الصدعي، ما اثار دهشة المراقبين الجيولوجيين هو ما أوردته الناشطة الجيولوجية الدكتورة "التميمي" حول سجلات الرصد الزلزالي في منطقة ألاسكا في الايام الاخيرة والملفتة للانتباه حقا، وما أشارت إليه هذه السجلات الجديدة للأيام الماضية لمنطقة ألاسكا - وتحديدا في جزيرة "تاناغا" المرفقة في هذا المقال - هو بدء نشاط زلزالي كثيف وغير معتاد عدديا (هزات خفيفة).
فمن المعروف ان منطقة ألاسكا منطقة شبه مستقرة تكتونيا الى حد كبير حسب ما بيّنته سجلات الرصد الزلزالي الاخيرة في الاسكا وجزيرة تاناغا على وجه التحديد ( الصورة المرفقة 2020).
الامر الغريب في هذه المنطقة هو رصد عشرات الهزات الارضية الخفيفة في فترة وجيزة تمثلث في الايام الاخيرة بعد انسحاب روسيا من معاهدة ستارت للحد من انتشار وسباق التسلح النووي.
السجلات الزلزالية أشارت إلى حدوث اكثر من 50 هزة خلال اليومين الماضيين بقوة قليلة تتراوح بين الواحد إلى الأربعة حسب مقياس ريختر، أي أن هذه الهزات قد لا يشعر بها الانسان وانما ترصدها اجهزة الرصد الزلزالي.
الملفت للانتباه ان الهزات الطبيعية في منطقة ألاسكا كانت قليلة وهو أمر اعتيادي وكانت تحدث على اعماق كبيرة يصل بعضها الى عمق 100كم حسب ما اشارت له السجلات القديمة، بينما تشير السجلات الحديثة للأيام الماضية (الصورة المرفقة لجزيرة تاناغا (2023) إلى تعرض منطقة ألاسكا لعشرات الهزات الارضية التحت سطحية الضعيفة.
ومن التحليل لهذه السجلات الزلزالية، فمن المتوقع ان ما حدث في ألاسكا يعود لأحد السينايوهات التالية:
اولا: ان الامواج الزلزالية التي تم تسجيلها ربما يكون سببها ثوران بركان (تاناغا) الذي يبدو انه بدأ ينشط من جديد منذ يومين وتسبب في مثل هذه الهزات، حيث ان هذه الجزيرة يقبع فوقها بركان من نوع طبقي "stratovolcano" وكان آخر نشاط له عام ١٩١٤ ولوحظ في عام ٢٠٠٥ ان هناك نشاط بسيط للبركان في الجزيرة، يبدو انه اليوم عاد البركان لينشط مجددا وكان أوج نشاطه فجر السبت 11-3-2023.
الملفت للانتباه أن سجلات الرصد الزلزالي ليوم الاحد 12-3-2023 سجلت تراجعا كبيرا في اعداد وقوة الهزات رغم استمرار ثوران بركان تاناجا
وقياسا عليه فإن تراجع عدد الهزات وقوتها بينما لا زال البركان في ثورته المتواضعة يدل على احتمالية وجود مصدر اخر لهذه الهزات بات واردا وهو ما سيتحدث عنه هذا المقال في السيناريو الثاني.
السيناريو الثاني: ربما يرتبط تزايد وقوة الهزات في ألاسكا في الايام الماضية ارتباطا مباشراً بالحرب الروسية في أوكرانيا وصمودها في وجه الآلة العسكرية الأمريكية والغربية وتكرار التهديدات الروسية بإستخدام الأسلحة النووية وانتهاءاً بانسحاب روسيا من معاهدة ستارت اضافةً للتفوق الروسي النووي، كل ذلك جعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها للبدء بمحاولة اللحاق بالركب الروسي والتكنولوجيا الروسية في المجال النووي تمهيدا لأي حرب نووية محتملة، حيث تعلم واشنطن بأن روسيا تتفوق عليها كثيرا في هذا المجال وهنا لابد من التنويه ان مركز إجراء التجارب النووية الامريكية يقع في جزيرة مجاورة لموقع جزيرة تاناغا التي يقبع فوقها البركان، وبالتالي فهناك احتمالية واردة وكبيرة بتأثير التفجيرات النووية التي تُجرى على التصدعات والصخور الضعيفة التي يقبع تحتها البركان مما جعله يجدد نشاطه ويستيقظ من سباته.
خلاصة القول، إن ما يجري من حراك زلزالي في ألاسكا يمكن أن يكون بركان "تاناغا" سببا فيه، ولكن ما اخشاه أن تكون الولايات المتحدة قد بدأت بسلسلة تجارب وتفجيرات نووية كمقدمة لسباق نووي أيقظ البركان النائم وأتمنى ألا يكون ما تقوم به أمريكا هو بداية نهاية للعالم من خلال حرب نووية لا زلت شخصيا استبعدها.