الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تحية طيبة ريحها من عبير دم الشهداء الأبرار وبعد ...؛
لقد سجل المجد والتاريخ نصراً سريعاً فرض واقعاً جديداً لأبطال قواتنا المسلحة الأردنية، وبُرهن للقاصي والداني بأن هناك نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي، وحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر ومني بهزيمة على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية والعسكرية، نعم هذا اليوم الذي أجمع فيه الأبطال بقلوب طاهرة و إرادة قوية ونية وطنية صادقة صلبة متوكلين على الله لتحطيم الأعداء ونيل شرف الشهادة في سبيل الله والوطن.
صبيحة يوم الحادي والعشرين من شهر آذار قبل ٥٤ عاماً هذا التاريخ يذكرنا بمعركة أعادت الإعتبار للأمة العربية و ثقتها بنفسها وأعادت الأمل بالقدرة على دحر وهزيمة جيش خيل إليه أنه لا يهزم، حيث سطر جنودنا البواسل النشامى أسمى معاني التضحية والفداء والإخلاص والبطولة في معركة الكرامة الخالدة مكبرين بكلمة الله أكبر (المنيه ولا الدنيه) وذلك عندما حاولت قوات الكيان الصهيوني احتلال نهر الأردن لأسباب استراتيجية وعبرت النهر تحت غطاء جوي كثيف وكانت الأسود أبطال الجيش الأردني تريط بالجنبات وعلى طول جبهة القتال وتصدوا بقتال شرس ضد قوات الكيان الصهيوني في معركة دامية قرابة ١٦ ساعة متواصلة مما اضطرهم إلى الإنسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها، وتمكن أبطال الجيش الأردني من الإنتصار وطرد العدو الإسرائيلي آنذاك دون تحقيق أهدافه.
ولا يسعني في هذه الذكرى العزيزه على قلبي وما يزيدني فخراً و اعتزازآ و أنا أكتب هذه الكلمات المعبرة هو أن والدي مصدر فخري واعتزازي الشهيد البطل عبدالرحمن محمد كساب الفروخ أحد شهداء الوطن الحبيب الذين ضحوا بدمائهم الزكية فداء للوطن الغالي في معركة الكرامة الخالدة التي سطرت أجمل معاني الإخلاص والتفاني ضد العدوان الإسرائيلي.
وهذه مقتطفات من قصة استشهاده:
عندما ينجلي الظلام يفتقد البدر ... أبي الشهيد البطل مصدر فخري واعتزازي على مر الزمان غبت بجسدك عنا قبل اربعه وخمسون عاماً لكنك باقي بالوجدان وبذكريات البطولة ... أتحدث اليوم عن شخصية عسكرية مميزة بنظري رغم أنها لم تحمل الرتب العالية ولكنها حملت حب الوطن والإباء والعزة والشهامة والكرامة وترسخت فيها شيم الكرام والنبلاء لتضحي بالروح من أجل الوطن الحبيب وثراه الغالي وما هذه إلا شيم الكرام والنبلاء .. هذه الشخصية التي أفتخر بها أنا وكل أردني حر أضعها وسام عز وفخر على صدري ما حييت وتاج عز وفخار على جبيني يزهو ويتلألأ بالبطولات الفردية التي رويت على لسان رفقائه في معركة الكرامة حيث كان والدي الشهيد البطل عبدالرحمن محمد كساب الفروخ أحد أفراد فئة دبابات البتون التي كانت تتمركز بالقرب من مثلث المصري واستطاعت هذه الفئة تدمير آليات العدو التي بلغت آنذاك حوالي ٢٤ آلية مدمرة عدا عن الجرحى والقتلي وفوق ذلك تأخير هجوم العدو، وورد على مسامعي من أحد زملائه بأنهم كانوا يتنافسون مع المدفعية لتدمير قوات العدو المتقدمة وفعلاً تحقق لهم ذلك من خلال صد قوات العدو المتقدمة ... وأضاف بأن الموقف أصبح دقيقاً بعد ذلك واشتدت رماية العدو على مواقعهم وبدأت طائرات العدو تقصف جميع مواقعهم على طول المحور واستشهد والدي الحبيب رحمه الله "وكان يردد الله أكبر الله أكبر ... المنيه ولا الدنيه"
هكذا تبقى السيرة العطرة للرجال الرجال الذين ضحوا بأرواحهم وعطروا بدمائهم تراب أرض وطني الحبيب وسنبقى نذكر هذه القامات من الشهداء الذين شكلوا لنا علامة فارقة في تاريخ الأمة وكانوا صخرة منيعة تحطمت عليها أطماع اليهود
رحمة الله عليكم وعلى أرواحكم الطاهرة ...
ومن هنا أقول ستبقى ذكرى معركة الكرامة الخالدة ناقوس يدق في التاريخ العسكري الذي نفخر به وستظل ذكرى الراحل العظيم صانع النصر قائد معركة الكرامة الخالدة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في قلوب جميع الأردنيين الأحرار ...
وفي هذا المقام وذكرى هذه المعركة الخالدة أرفع إلى سيدي ومولاي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم أطال آلله في عمره وأدام ملكه أجمل معاني الإخلاص والتفاني والإنتماء والولاء المطلق المخلص الصادق مؤكداً بأن أبناء الشهداء دائماً ديدنهم الوفاء والإخلاص للدولة والقيادة الهاشمية ... أغنياء من التعفف يؤثرون الوطن على أنفسهم نبلاء في المواقف عصيين على الإختراق لم يكونوا يوماً إلا عنواناً للفخر والإعتزاز والإنتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية ... وهم الذين يؤثرون الوطن على أنفسهم كيف لا وهم يقتدون برجال الوطن الذين ضحوا بدمائهم الزكية فداء لثرى الوطن الطهور ولم يقولوا يوماً
"إذا متُّ ظمآنا، فلا نزل القطرُ!!"
ولكن يقولوا ...
"فلا هطلت عليَّ، ولا بأرضي غمائم ليست تنتظم البلادا"
وما تلك المسافة الشاسعة بين القولين إلا عنوان الشمم والكبرياء في عيون أبناء الشهداء ... كلمات كبيرة تحمل في طياتها أنبل معاني الوفاء للوطن الغالي *نعم* هكذا هم أبناء شهداء الوطن تعلموا ورضعوا الإنتماء والولاء للوطن مع حليب أمهاتهم ...
اللهم ارحم والدي الحبيب الشهيد البطل ... عبدالرحمن محمد كساب الفروخ ... شهيد الكرامة الخالدة التي سطرت أنبل معاني التضحية لوطني الغالي والرحمة مقرونة بالشهداء الذين ضحوا بدمائهم الزكيه فداء للوطن الحبيب في معارك الشرف والبطولة وشهداء اللطرون .. وباب العامود .. وباب الواد ومعارك أبواب الأقصى وفلسطين الحبيبة ... ونستذكر أيضاً جميع شهداء الوطن الحبيب كيف لا وأولهم شهيد الأقصى الشهيد عبدالله الأول قضى شهيداً على عتبات القدس مسرى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وما زال في ذاكرتنا ... هزاع ... ووصفي التل ... وأسد القلعه سائد المعايطة ... ومعاذ الدماني ... وراشد الزيود ... ومعاذ الكساسبه وشهداء الواجب جميعاً ... دون استثناء وهم الذين سطروا أروع معاني الإخلاص والتفاني والإنتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية.
وأخيراً أقول اللهم أدم نعمة الأمن والأمان على الأردن قيادة وشعباً آمنين مطمئنين في ظل الراية الهاشمية جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ... داعين المولى عز وجل رفع الوباء والبلاء عن الاردن وأهله والأمتين العربية والإسلامية ورحم شهداء الوطن الحبيب الذين ضحوا بدمائهم الزكية فداء للوطن الغالي ...
ابن شهيد معركة الكرامة الخالدة شهيد الوطن والواجب
العميد الركن المتقاعد الدكتور فايز عبدالرحمن محمد كساب الفروخ