ها هو رمضان ، شهر الخير والبركات يعود علينا ومعه تعود لنا الفرحة باستقباله ، والتهيؤ لتأدية فـرائضه ، حيث يقبل ببركاته وحرماته ونفحاته ، فالحمد لله أن بلغنا شهر رمضان بنعمة منه وفضل ، ونحن في صحة وعافية ، وأمن وإيمان ، وأتم حال ، لا فاقدين ولا مفقودين ، وبارك لنا فيه ، واعنا على صيامه وقيامه ، واجعل قدومه علينا قدوم خير وبركة ، وتفريجا للهموم ، وبلغنا "يا الله" بالبدء حسن الصيام ، وبلغنا التمام وحسن الختام ، وأخرجنا من رمضان خروجاً يُغيّر حالنا إلى أحسنه ويُهذّب نفوسنا ويغفر كل ذنوبنا ويُطهّر قلوبنا، خروج رحمة ومغفرة وعتق من النار يارب ..
رمضان مزرعة العـباد يأتي ليطهر قلوبنا ويشمر روحنا وجهودنا ، فلنؤدي حقوقه قولا وفعلا ، فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد ، فخاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغـفر له ، فلنستغل هذا الشهر الفضيل ، فهو فـرصة ثمينة قـد لا تعـود ، ولا نعـرف إذا كنا نحن سنعوده العام المقبل ، فالننشر في النفوس روح التسامح والألفة والمحبة والرحمة ، فلا يوجد مثل المعروف والتواضع وسعة الصدر مع الناس ، ونعيش بروح تعلو على الضغينة والغضب ، ونُبقي صلتنا بخالقنا ممتدة، غير محصورة بزمان ولا مكان ، ولنجدد النية والعزم على استغلال أيامه ولياليه، لاغتنام فرصه وجني ثماره، ليرى الله فينا خيرا في شهرنا، ولتكن التقوى هي هدفنا وشعارنا، ولنتسابق للخيرات من أول أيامه، حيث النفوس مهيأة لذلك .
نعم .. رمضان .. فرصة ذهبية يجب مقابلته بالبسمة والصدقة والإحسان ولو بشق تمرة ، حيث من بين أسمى الغايات التي يجب أن نسعى لتحقيقها في هذا الشهر الكريم ، إصلاح النفس وتغيرها نحو الأفضل ، فرمضان فرصة عظيمة للتغيير ، فكل ما في رمضان يتغير ، سلوك وعبادة وخلق ، فهو يمضي بنا وتتغير فيه بعض أحوالنا، ونسعى جاهدين إلى تغيير أنفسنا، وما أن نودع آخر لياليه إلا ونرجع إلى ما كنا عليه قبل رمضان " إلا من رحم الله "، ندخل رمضان بعزم وجد على تغيير أنفسنا وأحوالنا وعلاقاتنا، ولكننا نفشل في الاستمرار بعد رمضان.
ولأن لهذا الشهر المعروف بأجوائه الإيمانية أهمية خاصة وصبغة إنسانية ملهِمة، فلنحرص على مواصلة المبادرات الانسانية الخيرية التكافليه ولنجعل من هذا الشهر الفضيل ، رمزًا لقيم التآزر والتضامن والتماسك المجتمعي، التي تتجسّد في الوقوف إلى جانب المعوزين ، وإمدادهم بكلّ ممكنات العيش الكريم ، إذ أن إدخال السرور في قلوب الآخرين هو خير اعمال الخير في رمضان والأوقات جميعها أيضاً، فمنها ما يعود بالأجر على فاعلها وينعكس على المجتمع ككل، ومنها ما يُدخل البهجة في قلوب العائلات ميسورة الحال ويرسم البسمة على وجوه أطفالهم .
بقي ان أقول .. لنغتنم شهر رمضان المبارك من أول أيامه، ولنستغل ساعاته ولحظاته، لننعم برضا خالقنا، ولنفوز بخيري الدنيا والآخرة.
فهذه دعـوة للجميع وأنا منكم لننهض ولنستهل من خيرات وبركات هذا الشهر الفضيل ، فهو ضيف جميل راحل قـريباً وأيامه ولياليه معـدودة.