في غمرة كوميديا الهبل والتهريج والسخف في رمضان ، وفي ظل إنتشار تجار وأبطال التيك توك ، يطل علينا أشخاص ليس لهم تاريخ إلا الوهم وعدد المشاهدات واللايكات ، لهم ذلك ما داموا في أماكنهم ، بعيدين عنا في قنواتهم ، وفي ميادينهم الإفتراضية.
لكن أن تصل الجرأة بهم تحويل مكان بحجم متحف الدبابات الملكي إلا برنامج تسخيف وتهريج ومسابقات يتنافس بها الهواة ومشاهير الهبل بين دبابات لها تاريخ يمثل تاريخ بلادنا وجيشنا .
لا أعرف القائمين على ذلك البرنامج ، ولكن ما أعرفه أن في المتحف الذي حولوه مسرحا وساحة للعبهم وضحكاتهم ونبحهم ، فيه تاريخ معارك جيشنا العربي ، وفيه دبابات صنعت مجدا ونصرا ، وعلى ظهورها رفع الأبطال والشهداء رايات النصر في الكرامة ووادي التفاح ومثلث المصري وفي القدس وباب الواد .
تلك الدبابات الواقفة في أجنحة المعرض ، يعرفها فاضل علي فهيد حيث سال دمه على برجها ، والشهيد سالم الخصاونة ، والشهيد محمد هويمل الزبن ، والشهيد صالح شويعر وكل شهداء وجرحى معارك الدبابات ، وكل دبابة تروي تاريخا ناصعا من حكاية جيشنا العربي ، وما زال صوتهم فيها وبقية من رصاصهم وبارودهم عندما صعدوا للسماء.
هل يعرفون تاريخ اللواء المدرع ٤٠ وبطولات اللواء المدرع ٦٠ ، هل سألوا هؤلاء عن أسماء القادة والأبطال ، وأن أعمار دباباتها تقارب عمر بلادنا .
نحن مع الإبداع والريادة ، الإبداع الذي يوثق تلك البطولات وليس ببرامج السخافات بأشخاص لا يقدرون قدسية المكان وطهر من كانوا هنا يوما .
مؤسف جدا أن يتم المتاجرة بهذا الإرث ، ولا نجد جهة تدافع عن هذا المكان وتجعله مسرحا وديكورا للفن الهابط والتفاهات وميدانا لجمع المشاهدات واللايكات .
أتمنى على متحف الدبابات الملكي أن يوقف تسجيل البرنامج إكراما لتضحيات جيشنا وأبطاله ، وإكراما للأردنيين الذين ما زالوا يؤمنون بقدسية تاريخ بلدنا .