تعاني شريحة من المقترضين في الاردن من تبعات رفع أسعار الفائدة على مختلف أنواع التسهيلات الائتمانية. وقد تناولت مختلف وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي والصفحات الخاصة لبعض المقترضين هذه المعاناة بشتى الطرق، وتم مناقشتها مع مختلف الجهات المعنية.
وقد دافعت كل جهة عن وجهة نظرها بهذا الخصوص، إلا أن أصوات المقترضين المتضررين من عمليات رفع الفوائد لم تهدأ.
فماذا حصل على أرض الواقع وكيف عكست البيانات ما حصل لأسعار الفائدة السوقية وكيف استجابت البنوك لعمليات رفع الفائدة التي قام بها البنك المركزي لأغراضه الخاصة فيما يتعلق بمحاربة التضخم والمحافظة على الاستقرار النقدي والمحافظة على جاذبية الدينار؟
قمنا بتحليل البيانات الخاصة بأسعار الفائدة المنشورة في النشرة الاحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي، فتبين أن البنوك لم تعكس بشكل كامل الزيادات في أسعار الفائدة على جميع أنواع أسعار الفائدة على الودائع. وشهدت الودائع لأجل أعلى زيادة، حيث بلغت 151 نقطة أساس، أي 35.5٪ من إجمالي الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي خلال نفس الفترة. تلاه المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع تحت الطلب بزيادة قدرها 20 نقطة أساس، أي ما يقرب من 4.7٪ من الزيادة في أسعار الفائدة الرسمية التي يمثلها سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي الأردني.
وفي حين أن زيادة أسعار الفائدة على الودائع يمكن أن توفر مصدر دخل لأصحاب الودائع، إلا أنها تزيد أيضًا من تكاليف الأموال على البنوك، وهو عامل حاسم ينعكس في تسعير أنواع مختلفة من التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك للعملاء، بما في ذلك قروض الأفراد والشركات المتوسطة الحجم والشركات الكبيرة. لذلك، ونظرًا لأن الزيادات في أسعار الفائدة على الودائع لم تكن كبيرة، فمن المفترض أن الزيادات على أسعار فائدة أنواع مختلفة من القروض لن تكون كبيرة أيضًا خلال هذه الفترة. فما الذي تشير إليه البيانات؟
تشير بيانات الفائدة للفترة ما بين مارس 2022 ومارس 2023، ان الزيادات في أسعار الفائدة على القروض عكست جزئيًا التغيرات في أسعار السياسة. وكانت هذه الزيادات أكبر من تلك على الودائع، حيث تراوحت بين حوالي ثلث (35.3٪) إلى ما يقرب من نصف (45.2٪) الزيادات في أسعار الفائدة الرسمية على أدوات السياسة النقدية.
وقد كشفت منحنيات أسعار الفائدة للتسهيلات الائتمانية زيادات متفاوتة، حيث أظهر منحنى سعر فائدة افضل العملاء الزيادة الأكثر وضوحاً، حيث ارتفع المعدل من 8.37٪ في فبراير 2022 إلى 11.09٪ في مارس 2023، أي بزيادة مقدارها 272 نقطة أساس، وتمثل هذه الزيادة 61.1٪ من إجمالي الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي الأردني.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة على القروض والسلف، فقد ارتفع متوسطها المرجح من 6.93٪ في مارس 2022 إلى 8.85٪ في فبراير 2023، أي ما يعادل 192 نقطة أساس، وتشكل هذه الزيادة 45.2٪ من إجمالي الزيادة في المعدل الرئيسي للبنك المركزي الأردني. وهذا يعني أنه وبالرغم من أن استجابة أسعار الفائدة في السوق كانت جزئية ولا تعكس التغيير الكامل في أسعار أدوات السياسة النقدية، الا أنها هي المسبب الرئيسي وراء ارتفاع أصوات المقترضين الذين تضرروا من هذه الزيادة. حصل كل هذا بالرغم من أن غالبية المقترضين لم يشعروا بالزيادة على مبالغ أقساط قروضهم لأن غالبية القروض الفردية (63٪) التي تقدمها البنوك بمعدلات فائدة ثابتة ولا تتأثر بالتغيرات في أسعار الفائدة الرسمية. ولأن البنك المركزي طلب من البنوك تثبيت قيمة قسط القرض، ما لم يطلب المقترض خلاف ذلك، من أجل تخفيف عبء رفع أسعار الفائدة. علاوة على حقيقة وجود برامج إعادة التمويل للمشاريع والبرامج الحيوية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين بأسعار فائدة منخفضة لا تتجاوز 2٪ مضافا اليها هامش ربح معقول، ولن تتأثر هذه البرامج بالتغيرات في أسعار الفائدة الرسمية.