حدث تاريخي هام اليوم السبت السادس من أيار لعام ألفين وثلاثة وعشرين في المملكة المتحدة بريطانيا بتتويج الملك الأربعين على عرش التاج الملكي البريطاني الملك تشارلز الثالث وزوجته الملكة القرينة كاميلا في كاتدرائية "وستمنستر أبي".
سيحضر هذا الحفل مائتي قائد ورئيس دولة، من بينهم حضرة صاحبي الجلالة المعظمين جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وجلالة الملكة رانيا العبدالله. وقد سبق وأن حضر الأمير تشارلز مؤخراً إلى الأردن في تشرين الثاني ٢٠٢١ وزار أهم موقع ديني مسيحي مقدس لدينا وهو الموقع التاريخي لعمّاد السيد المسيح- المغطس، وتبارك بمياه نهر الأردن الخالد، واستمع إلى شرح وافٍ عن رسالة الأردن في ظل قيادته الهاشمية المباركة في تعزيز حالة الوئام الديني وفي الرعاية الملكية السامية للمقدسات الإسلامية والمسيحية وخصوصاً في القدس الشريف، وفي تثبيت الوجود العربي المسيحي في الشرق، وفي الحفاظ على الهوية والتراث العربي المسيحي المشرقي، وفي ترسيخ قيم الأخوة الإسلامية-المسيحية إنطلاقاً من النهج الهاشمي ومبادئ الثورة العربية الكبرى وصولاً إلى إعمار الكنائس ورعايتها وتطوير أهم معلم ديني مسيحي مقدس في الأردن وهو موقع عمّاد السيد المسيح على الضفة الشرقية لنهر الأردن.
واليوم في حفل التتويج هذا سوف يكون جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله حاضرين في هذا الإحتفال الضخم، مما يظهر عظمة حضور الأردن على الساحة الدولية وأهمية وجوده وتأثيره على كل الصعيد المحلية والإقليمية والدولية.
وأهم ما يَلفتُ الإنتباه في هذا الإحتفال هو حضور مدينة القدس فيها برمزية حضور الزيت المقدسي، هذه المدينة المقدسة التي تحظى بالرعاية الهاشمية المباركة على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم صمود أهلها المقدسيين والمرابطين فيها، ودعمها سياسيا وديبلوماسيا وماليا، الأمر الذي لمسناه في نهج السياسة الأردنية الموصول، وفي تبرع جلالته السخي في ترميم قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة، مما يعكس دور جلالته في تعزيز حالة الوئام الديني والإحترام المتبادل بين الديانات التوحيدية الثلاثة وبين جميع الأديان.
واليوم في حفل التتويج هذا والذي لن يكتمل فيه حفل تتويج الملك تشارلز الثالث وزوجته الملكة القرينة كاميلا بدون مسحة الزيت المقدس الآتي من مدينة القدس الشريف، من كروم جبل الزيتون وبالتحديد من دير مريم المجدلية حيث ترقد جدة الملك تشارلز من طرف والده ( الأميرة أليس اليونانية)، ومن كرم دير الصعود. هذا الزيت المقدس كان قد جرى تقديسه والصلاة عليه في القبر المقدس في كنيسة القيامة في شهر آذار من العام الماضي.
فالقدس اليوم حاضرة في المملكة المتحدة وبالتحديد في كاتدرائية "وستمنستر أبي" في لندن برمزية وجود هذا الزيت المقدس من كروم بساتينها وأرضها المقدسة وترابها المقدس الممزوج بالآلام والجراحات والموت أملاً في تحقيق قيامتها كقيامة السيد المسيح من بين الأموات. فلا يمكن للقدس أن تبقى أراضٍ محتلة، ولا يمكن أن تبقى كنائسها ومساجدها أسيرةَ الإحتلال وقيوده وعراقيله، بل أن تتحقق المساعي الدولية والجهود الأردنية بإقامة الدولة الفلسطينية على الرابع من حزيزان لعام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وأن تبقى الوصاية الهاشمية عنوانٌ عزٍ وتاجٌ مجدٍ ومصدرُ فخارٍ لما تقوم به هذه الرعاية وهذه الوصاية في الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، لتسودَ حالة الوئام الديني والسلامَ المنشود وعودةَ المفاوضات التي تُفضي إلى إنهاء أطول نزاع وإحتلال في العصر الحديث.