عيسى الحربي
شيّعت الكويت، عصر اليوم السبت، في مقبرة "الصليبيخات"، الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر، الذي توفي مساء أمس، في مستشفى "جابر" بالعاصمة؛ إثر معاناة مع أمراض الربو والشرايين عن عمر ناهز 81 عامًا.
ويُعد "الصوت الجريح" أحد أعمدة الفن الخليجي، وغلَب على أغانيه طابع الحزن، وقدّم أغاني وطنية لبلده، وأخرى للمتذوقين والموجوعين والمحبين والمغتربين. وباتت أغنيتا "أجر الصوت" و"وداعية يا آخر ليلة تجمعنا"، من أشهر الأغاني في الوطن العربي.
وخلال مسيرته التي امتدت إلى نحو 60 عامًا، أثرى عبدالكريم عبدالقادر، الساحة الفنية العربية بالعديد من الأعمال الغنائية التي ستظل راسخة في وجدان الجمهور الخليجي والعربي.
style="box-sizing: border-box; font-weight: var(--arrow-fw-bold); margin: 0px; padding: 0.75rem 0px 0.5rem; font-family: var(--arrow-typeface-primary); font-size: var(--arrow-fs-l); line-height: var(--arrow-lh-3); font-stretch: normal;">مسيرة فنية وجوائز
وُلد الفنان الراحل عبدالكريم بن حمد بن عبدالقادر المزين عام 1941، في "الزهيرية" بمدينة البصرة، وبدأ حياته العملية موظفًا في وزارة الداخلية بدولة الكويت، ثم نقل خدماته إلى وزارة الإعلام- قسم الموسيقى إلى أن تقاعد.. وبسبب صوته العذب، تَبَناه أكثرُ من ملحن ومؤلف كانوا وراء معرفة الجمهور به، منهم الفنان يوسف المهنا الذي لحّن له أغنية دينية بعنوان "شوقي سعى إلى المدينة"، كما لُقّب بـ"الصوت الجريح" بعد أغنيته المشهورة "أجر الصوت" عام 1988.
وفي توثيقه لمسيرة الراحل؛ يروي الصحافي الكويتي صالح الغريب، أنه كان يجمع مصروفه المدرسي واليومي ويشتري الأسطوانات المتوافرة آنذاك، وقد بَنَت تلك الخطوة جسرًا متينًا بين "عبدالكريم" والغناء، وراح وقتذاك يردد الأغاني عند لقاء الأصدقاء دون تكلف وقصد، وكانت الأغنية تخرج من حنجرته تحظى بقبول مَن يستمع إليه.
حصل "عبدالقادر" على العديد من الجوائز من ضمنها جائزة الأسطوانة البرونزية عن ثالث أفضل أغنية وهي أغنية "جمر الوداع" في مهرجان القاهرة الغنائي في تسعينيات القرن الماضي، وجائزة أفضل أغنية عن أغنية "شخبارك" في مهرجان القاهرة الغنائي سنة 1998، كما فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة الرابع كأفضل فنان لعام 1998.
style="box-sizing: border-box; font-weight: var(--arrow-fw-bold); margin: 0px; padding: 0.75rem 0px 0.5rem; font-family: var(--arrow-typeface-primary); font-size: var(--arrow-fs-l); line-height: var(--arrow-lh-3); font-stretch: normal; font-style: normal; letter-spacing: normal;">المملكة هي العشق
وفي فبراير 2019، كان الفنان عبدالكريم عبدالقادر، على موعد مع تكريم بمذاق مختلف، جاء تلك المرة من المملكة، التي عُرفت بـ"معشوقته"؛ حيث تم تكريمه في الليلة الختامية لـ"شتاء طنطورة"، في ليلة شاركه فيها الغناء الفنانان ماجد المهندس وراشد الماجد.
وفي هذا الوقت، وصل الفنان الراحل إلى مدينة العلا؛ للاحتفاء به تكريمًا لما قدمه من فن أصيل على مدى عقود ماضية، ونشر الشاعر خالد البذال مقطع فيديو للفنان الكويتي وهو يترنم بأغنية "ألا واعذابي" من وسط الطائرة التي أقلته من الكويت؛ معلقًا عليها "إلى العلا بالمملكة العربية السعودية مع الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر؛ لتكريمه، شكرًا للمملكة وشعبها على هذا التكريم، وما شفت بو خالد بطول رحلتي معه بهذه الفرحة، وأطربنا في أغنيته (ألا وعذابي)؛ لأن المملكة عشق أبو خالد وعشقنا".
style="box-sizing: border-box; font-weight: var(--arrow-fw-bold); margin: 0px; padding: 0.75rem 0px 0.5rem; font-family: var(--arrow-typeface-primary); font-size: var(--arrow-fs-l); line-height: var(--arrow-lh-3); font-stretch: normal;">إشادة من الفنانين
وقد حَظِيَ تكريم عبدالقادر في المملكة بإشادة واسعة من كبار نجوم الخليج، إذ قال ماجد المهندس عبر حسابه في "تويتر": "فنان وأستاذ كبير، وقامة من قامات الفن والإبداع. يستحق التكريم".
أما عبدالله الرويشد فغرد: "كل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية الشقيقة بمبادرتها الرائعة بتكريم الصوت الجريح الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر"؛ فيما علقت الفنانة "أصالة" بقولها "تكريم الكبار هو عيد للفن، وتكريم لنجاح باقٍ كما ولد، فالموسيقى الأصيلة هي إرث الحياة، ويستحق كبيرنا التكريم".
style="box-sizing: border-box; font-weight: var(--arrow-fw-bold); margin: 0px; padding: 0.75rem 0px 0.5rem; font-family: var(--arrow-typeface-primary); font-size: var(--arrow-fs-l); line-height: var(--arrow-lh-3); font-stretch: normal; font-style: normal; letter-spacing: normal;">سر الارتباط بالسعودية
وفي حديث عام 2017، لبرنامج "الليلة" على قناة الكويت، تَحدث "عبدالقادر" عن لمحات من حياته، وكشف عن سر المكانة التي تحظى بها المملكة في قلبه، حينما تحدث عن الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، الذي التقاه لأول مرة غنائيًّا في السبعينيات، وقدّم معه عددًا من الأعمال مثل "ظماي إنت" و"يطري عليه الوله".
وخلال اللقاء، قال الراحل: "بعيدًا عن الألقاب، أبو خالد بدر بن عبدالمحسن فنان جميل في كل شيء، طلعت من الغزو رحت إلى المملكة، وأظن أن الدكتور عبدالرب إدريس، قال له هذا رقم الفنان عبدالكريم.. دق عليّ ورحّب فيني وفاجأني بكلام طيب، رحّب فيني وبالكويت وتحريرها بأغنية وقلت له هذه الأغنية راح تسجل، وهي من أجمل الأغاني وسجلتها".
style="box-sizing: border-box; font-weight: var(--arrow-fw-bold); margin: 0px; padding: 0.75rem 0px 0.5rem; font-family: var(--arrow-typeface-primary); font-size: var(--arrow-fs-l); line-height: var(--arrow-lh-3); font-stretch: normal;">تدهور صحي وقلق الجمهور
وخلال السنوات الماضية، تعرض الراحل عبدالكريم عبدالقادر، لبعض الأزمات الصحية، فقبل سنوات خضع لعملية قسطرة في القلب، وتحسنت حالته الصحية.
وفي العام الماضي، أثار عبدالكريم عبدالقادر، قلق متابعيه، بعدما ظهر في مقطع فيديو من داخل أحد مستشفيات أبو ظبي، وهو يجلس على كرسي داخل غرفته بالمستشفى؛ إلا أنه طمأن محبيه على حالته الصحية.
وأكد -حينذاك- أن أحواله الصحية جيدة"؛ فيما أكد نجله خالد عبدالكريم عبدالقادر، أن والده يحرص بين الحين والآخر على إجراء بعض الفحوص الطبية الروتينية.
وخلال الأيام الماضية، نُقل إلى "مستشفى جابر" وهناك أعلن عن رحيل صاحب القلب المتصالح مع الكل الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر، لتفقد الكويت أحد رموزها، ويفقد اللون الخليجي أحد أركان الفن بروائعه "تخيل لو تفارقنا"، و"رد الزيارة" و"آه يالأسمر يا زين" و"كل عام وجرحي بخير"، و"أقول في نفسي وأنا أعايد الناس".