إحتفالُ يوم الأربعاء في الحادي والثلاثين من أيار لعام 2023 كان إحتفالاً مهيبا في مضارب بني هاشم في الديوان الملكي العامر بقصر رغدان لسمو ولي العهد المعظّم، أميرنا المحبوب الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، بحضور ومشاركة أربعة آلاف مدعو من الأردنيين، ممثلين عن كل قطاعات المجتمع الأردني وكل أطيافه وألوانه ومشاربه وتركيبته السكانية، عكست نسيج هذا الوطن العزيز الممتد في قلونا وفي دمنا بقول الشاعر الراحل حبيب زيودي ببيت الشعر القائل:
"وأيّها الوطن الممتد في دمِنــــــــــــــــــا ... حباً أعزّ مِن الدُّنيا وما فيهــــــــــــــا”
فعرس الحسين هو عرس الأردنيين جميعاً، هو عرس كل بيت، فقد شَعرنا بأنَّهُ يخصُّنا، ويخصُّ كلُّ واحد فنيا، وأنه أدخل الفرحة إلى بيوتنا وعائلاتنا حتى أضحى الحديث عن هذا العرس حديث الجميع لما تضمنه من معانٍ وترتيبات ومشاركات واسعة وإسهامات جمة فنية وثقافية أبرزت جمالية الهُوية الأردنية وإعلاء شأن المورث الثقافي الأردني في كل المدن والقرى والبوادي الأردنية، مما سيسهم في تعزيز الهُوية الثقافية والتراثية الأردنية على الساحة المحلية والعربية والعالمية، وقد لوحظ إهتمام عالمي بتغطية مراسم العرس الملكي لولي العهد المعظم "إبني وإبنكم"، كما جاء في كلمات الترحيب التي رحَّبَ بها صاحب الجلالة بالحاضرين، الذين إكمتلت الفرحة بهم وبحضورهم البهي في بيتِ كلِّ الأردنيين، مضارب الهاشميين التي كانت وستبقى عامرة بوجود الأهل والعشيرة الواحدة الكبيرة.
وفي هذه المناسبة السعيدة، ووسط فرحة الإحتفال بمناسبة زفاف ولي العهد المعظم سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني على الآنسة رجوة خالد السيف يوجه الآب الحاني سموه إلى أمرين هامين:
أولاً: أن يضع الله بين عينيه، ف- "رأس الحكمة مخافة الله"، فمن يخاف الله فلا خوف منه ولا يخاف عليه، لأنه يحمل قيم السماء ويكون الأقرب إلى قلوب الناس وإلى تحقيق قيم العدل والمساواة والإنصاف بين الجميع، فلا يستبد قوي بضعيف، ولا ظالم بمظلوم، ولا غني بفقير، ولا عالم بجاهل. فالعزيمة والطموح الكبير والتفاني لخدمة الوطن والأهل تنطلق من أن يضعَ الإنسانُ أولاً مخافة الله بين عينيه. وهذا ما طلبه صاحب الجلالة من ولي عهده في مستهل حياته الزوجية الجديدة.
ثانيا: أن يحملَ سيفَ العدل، ورمزاً لذلك قام صاحب الجلالة المعظّم بإهداء ولي العهد رمزَ بني هاشم وهو سيف العدل، وحديده مستخرج من الحجارة المحيطة بقلعة عجلون بدلالاتها ومعانيها، والسيف هو نسخةٌ من سيف جلالة المغفور له جلالة الملك المؤسس عبد الله الأول، المصنوع في الحجاز في العام 1916، وهو دلالة على أن ديدن الهاشميين على الدوام هو إقامة العدل والدفاع عن الأوطان، فلا يظلم أحد في ظلِّ الهاشميين، فما من صوتِ مظلوم إلا ونُصر وما من صوتِ مستجيرٍ إلا ولبُّي. فمسيرة الهاشميين وعلى رأسهم عميد آل البيت حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم هي مسيرة عطرة، صادقة، قريبة إلى القلب والوجدان، تحيي في النفوس روح العزم والأمل والثقة بالنفس للعمل الجاد والمخلص لبناء الوطن الأعز والممتد في قلوبنا وفي دمائنا، وقوَّتُه هو منعةٌ لفلسطين ومقدساتها، وقوة للعرب، ورسالة إنسانية تحمل أجمل قيم الإخاء والمحبة والتعاون على البّر والتقوى، وكذلك بناء عالم إنساني مبني على قيم العدل والمسامحة والحوار البنّاء وتحقيق المصالح المشتركة بما يسهم في الصالح العام.
نعم، ستحمل هذا السيف أيها الشبل الهاشمي في خطى آبائك وأجدادك، وها قد سَلَّمه لسموِّكم بمناسبة زفافكم أبُ كلِّ الأردنيين، لتكون حياتُك وعائلتُك الصغيرة منذورةً في سبيلِ تحقيق العدل والمساواة والكرامة الإنسانية والذوذ عن هذا الوطن الأغّر.