هل تمخض الأسد فولد فأراً أم أن في النتائج تكمن الحلول!
عقدت قمة المجموعة السياسية الأوروبية ببلدة بالبوكا، المحاذية شمالاً لإقليم ترانسنيستريا التي أعلنت عن استقلالها عن مولدوفا من جانب واحد، وعلى بعد أقل من ثلاثة كيلو مترات عن الحدود مع أوكرانيا، والخاضع لحماية القوات الروسية التابعة للأمم المتحدة.. الإقليم الذي يحتوى على أكبر مستودعات الذخيرة الموروثة عن الاتحاد السوفييتي السابق، مستودع كوباسنا والذي في تقديري لو تم استهدافه لنهبه من قبل الجيش الأوكراني وتعويض ما خسره من الذخائر سيتم تفجيره "وكأنك يا أبو زيد ما غزيت".
وهدد زيلينسكي بأنه إذا لم تتم الموافقة على مطالب بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فلن يحضر قمة الناتة في يوليو المقبل
مع تشديده المطالبة بتكثيف الدعم العسكري، لبلاده التي تواجه حرباً واسعة منذ فبراير 2022، حيث تضمنت مطالبه المقاتلات الجوية الغربية.
ويرى مراقبون أن أوضح رسالة يرغب الأوروبيون في إرسالها إلى بوتين، عبر اختيارهم مولدوفا لعقد القمة، هي "وحدة الصف الأوروبي إزاء العمليات العسكرية التي تقودها موسكو في أوكرانيا".
وهو ما أكدته الرئيسة المولدوفية مايا ساندو، بقولها: إن هذه القمة "هي تعبير واضح عن وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على العمل معاً كأسرة أوروبية واحدة لردع -ما أسمته- العدوان وتوطيد السلام في القارة".. بالإضافة إلى قرارها بفتح أرضي بلادها لأوكرانيا لمشاغلة روسيا في الإقليم الشرقي الذي تسيطر عليه.
ومع ازدياد منسوب التوتر بين روسيا ومولوفا في إقليم ترانسنيستريا فقد وعد المجتمعون بأنهم سيدعمون مولدوفا بكل الوسائل مؤكدين عزلة روسيا مع أن التضخم الذي أصاب الغرب، بسبب خسائر دعمه المفتوح لأوكرانيا جاء أضعاف ما حل بروسيا التي استعادت مكانتها في العالم، وأقامت شبكة علاقات دولية علنية ضمن مجموعة بريكس، وأخرى سرية في إطار السوق السوداء وحافظت على عملتها، الروبل،من الإنهيار.
وتذكروا كيف يعاد سيناريو الحرب الأوكرانية بكل تداعياته حتى يشبع الغرب شبقه ولو أدى الأمر إلى تدمير الحليف والخصم واستنفاذ طاقتيهما مع تغييب المنطق والعقل؛ ولكن هذه المرة سترسم خطوطه في مالدوفا.. إذ قالت رئيسة المفوضية في البيان الرسمي:
"رسالتي إلى شعب مولدوفا هي أننا نقف إلى جانبكم. نحن ندعمكم في كل خطوة على طريقكم إلى الاتحاد الأوروبي" .
هذا هو نفس السيناريو التحريضي الأوروبي الذي تسبب بدمار أوكرونيا دون ان تحلم بالقبول في حلف الناتو ما جعلها تغرق في مستنقع حرب طاحنة بالوكالة.
وقد اختلفت كلٌّ من ألمانيا وفرنسا على مبدأ قبول أوكرانيا في عضوية الناتو الذي لو تم لها ذلك، سيلزم الغرب بالدخول في حرب مباشرة مع روسيا، وألمانيا ستتكبد من جراء ذلك خسائر كبيرة بحكم قرب حدودها من روسيا.
إلا أن فرنسا في الجهة المقابلة، اقترحت قبول أوكرانيا في الناتو مستقبلاً ضمن مدة زمنية تقاس بالسنوات يتم تجديدها، على الأقل حتى يكون للقرار أصداء إعلامية ومردود معنوي في الصراع الراهن.
فهكذا يدمرون أوطانهم فيما العقل الأوروبي الجمعي في غيبوبة.. فهل أوكرانيا من أصله قادرة على التصدي للروس حتى تفتح على نفسها جبهة أخرى في إقليم ترانسينستيران الملدوفي؟
ثم ما هي الضمانات الأوروبية التي ستحظى بها دولة ضعيفة كمولدوفا إذا تورطت في حرب مفتوحة مع روسيا.. ألا تعتبر رئيستها بوعود الناتو لزلينسكي مع انت اوكرانيا هي الأهم جيوسياسياً بالنسبة لحلف الناتو!!
في المحصلة يريد المجتمعون في مولدوفا حسم الحرب الأوكرانية عسكرياً بالسلاح الغربي أو على طاولة المفاوضات، وفق الأجندة الغربية القائمة على ترتيب أوراق أي مفاوضات محتملة مع روسيا بمشاركة دولية (وخاصة الهند والصين والبرازيل) دون إشراك الدب الروسي في التحضيرات.. فقط ليتلقى الأخير الإملاءات دون مرونة !
مع أن المجتمعين يدركون بأنها رؤية استراتيجية ضيقة وعقيمة، إذْ لا تنسجم مع المنطق، لا بل فيها تأجيج للصراع وصبٌ للزيت على النيران المضرمة حتى لو أتت على عموم القارة العجوز.