احد اهم اسباب الفشل والفساد وعدم وجود المهنية في العمل.. هو الخلط بين مفهومي الامكانية والصلاحية.. فكثير من الموظفين يمتلكون الامكانية لعمل ما.. ولكنهم لا يمتلكون الصلاحية القانونية او الادارية التي تخولهم بالقيام به.. وتأخذهم الحمية احيانا.. او الاستعراض وفرد العضلات امام الاهل والاصدقاء احيانا اخرى.. فيقومون باعمال ليست من صلاحياتهم.. وهذه هي مداخل الفساد وانعدام المهنية..
من خلال مسيرتي العملية.. والتي ابتدأتها مهنيا في مجال الحاسوب.. وانهيتها اداريا في عدة مجالات على اختلاف مستويات المراكز الادارية.. اود ضرب مثال على الفرق بين المصطلحين..
فعلى سبيل المثال.. مدير قواعد البيانات في اي مؤسسة.. لديه الامكانية لتغيّر الكثير من البيانات المخزنة بشكل سهل ودون اخذٍ للاحتياطات والاعتبارات الامنية على الحاسوب.. ويستطيع تعديل الجزء الاخر من البيانات بشكل يحتاج الى اخذ الكثير من الاحتياطات والاعتبارات الامنية.. وتنظيف ما يمكن ان يثبت تلاعبه من ادلة.. ولكن بالمحصلة لديه الامكانية غير القانونية في الكثير من الاحيان للقيام بهكذا عمل..
في حين انه يوجد موظف بسيط يجلس على الكاونتر.. يمتلك الصلاحية للقيام بهذا الامر اذا استوفى الاجراء الشروط اللازمة.. ودون اي مساءلة وخروقات.. لانها سارت ضمن المسار القانوي السليم.. والصلاحية هو من يمتلكها..
كثير منا للاسف من يستغل الامكانات التي تكون بيده.. والتي تُعطى له بحكم طبيعة مركزه.. فلا يراعي المتطلبات القانونية للقيام بذلك الفعل الذي تسمح به امكانياته.. فيكون الاجراء غير صحيح.. او يشوبه الكثير من الفساد.. لا بل هو الفساد بعينه.. وقد يكون هذا الفعل الذي يتكرر في الكثير من المؤسسات -عامها وخاصها- تخريجا لمقولة.. يوجد عندنا فساد.. ولكن لا يوجد فاسدين..
في الختام اقول.. كم اتطلع لان يحترم المسؤول الذي هو في المراتب العليا اداريا الفرق بين قدراته وصلاحياته.. ولا يقوم باعمال تحتاج لصلاحيات موظفين يعملون تحت امرته.. فصاحب الصلاحية مسؤول عن انجاز العمل.. وعن حيثيات الاجراءات.. وعن متطلاباته.. فلا يقوم بالاجراء الا اذا اكتملت اركانه..
بينما صاحب الامكانية يستطيع القيام بالاجراء بحكم ما يمتلك من وسائل.. وبالتالي يمكنه ان يتخطى الكثير الكثير من المتطلبات.. وهنا تكمن الكارثة..