رغم تنوع مفردات ثقافة المطبخ العماني وضمها الكثير من مسميات الأكلات الشعبية مثل "العرسية" و"المضبي" و"الهريس" و"الخبيصة" و"العوال" و"السحناة" و"السيداف" و"الفرفينة" وغيرها، فإن "الشواء العماني" يظل هو المفردة الأكثر خصوصية في تلك الثقافة.
وأبرز ما يميز هذا الشواء طريقة دفنه تحت الأرض ليوم أو يومين في حفرة عميقة أسفلها جمر من حطب "السمر" الصحراوي يتم إطفاؤه بمهارة، خصوصا طريقة إنزال "الخصفة" المصنوعة من سعف النخيل المحتوية على قطع اللحم الكبيرة لتستقر على الجمر، فينطفئ وهجه ويظل اللحم يمدد ببخاره المتخلخل لأوراق الموز الملفوف حول اللحم "المتبل تتبيلة" خاصة حتى ينضج على مدى يوم أو يومين.
طقوس وتحضيرات
وحول الاستعداد لإعداد الشواء العماني قال بائع أدوات التحضير للشواء في سوق السيب بالعاصمة مسقط هلال بن صالح الزدجالي للجزيرة نت، إن الاستعداد للشواء يبدأ بتجهيز "التبزيرة" قبل شهر من حلول العيد وهي بهارات "تتبيل" اللحم، وتتكون خلطتها من الخل العماني المصنوع من التمر المخلل بالإضافة إلى القرفة والزنجبيل والجلجلان أو "الكسبرة" والثوم والفلفل الأسود والأحمر و"السنوت" أو "الشمار" والملح، حيث تترك "التتبيلة" أو "التبزيرة" لشهر أو أسبوعين قبل استخدامها.
ويوضح هلال أنه باقتراب العيد يتم تجهيز الحفرة التي يصل عمقها إلى مترين مع تجهيز حطب "السمر" المعروف بقوة فحمه وبطء انطفائه.
وغالبا ما يكون لكل عائلة حفرتها الخاصة بها وأحيانا تتشارك مجموعة من العائلات المتجاورة في حفرة واحدة، حيث يطلى جدار الحفرة بالإسمنت أو الطين وتوقد النار داخلها حتى يتحول الحطب إلى جمر قبل إنزال اللحم المراد شواؤه داخل "الخصفة". وتغطى الحفرة عند الشواء بغطاء حديدي يمنع تسرب التراب إلى اللحم.
الخصفة
كما يتم شراء الخصفة المصنوعة من السعف والتي يصل طولها إلى متر ونصف.
وفي أول أيام العيد "يتبل" لحم الماعز أو الضأن أو البقر بخلطة "التبزيرة" وتوضع أغصان الموز في عمق الخصفة، ثم توضع قطع اللحم وتليها طبقة أخرى من ورق الموز أو ورق الليمون ثم قطع أخرى من اللحم وهكذا، وتقفل الخصفة بخيوط من السعف ويتم إنزالها بسرعة فائقة وبمهارة عالية أسفل الحفرة وتغطى بالحديد ويتم الدفن لينضج اللحم بالبخار.
وحول عدد الأيام التي يمكثها الشواء تحت الأرض أوضح هلال أن هذه يحددها نوع اللحم، فإن كان لحم ماعز -وهو المفضل لدى العمانيين- أو ضأن يترك في الحفرة ليوم وليلة، أي من صباح أول أيام العيد ليستخرج اللحم صباح اليوم الثاني لحما مستويا طيب الطعم.
أما لحم البقر الذي تذبحه العائلات الكبيرة فهو يحتاج في الغالب إلى يومين داخل الحفرة العميقة لينضج جيداً.
ونوه هلال بأن الشواء يسبقه تناول "المشاكيك" في اليوم الأول عند الذبيح، لأن الشواء لا يكون جاهزاً للأكل إلا في اليوم الثاني أو الثالث.
والمشاكيك معروفة في معظم دول الخليج وليست ذات خصوصية عمانية كما هو الحال مع الشواء العماني، غير أن المشاكيك العمانية تشوى باستخدام أعواد رقيقة من النخيل بدلا من "السيخ"، وتوضع على الجمر المكشوف دون دفنها وتؤكل أول أيام العيد...المصدر : الجزيرة