ونحن نتبادل اليوم التهنئة بميلاد عام هجري جديد نتطلع فيه بالامنيات إلى تعزيز وعي الأمة الإسلامية في شتى اصقاع الأرض ، وتوحدهم في كلمة سواء للخروج من أوضاع الاستغلال والآلام ، وان تتخذ المواقف من قضاياها التي باتت في مفترق طرق بين زمن أكثر حساسية وآخر أكثر أمنا وسلاما وتحررا من كل القيود الجمود .
عام هجري سعيد ، لا بد ان تستوحي فيه قيم الهجرة الأولى في خُلقها التلاحم بين أبناء الديانات الإبراهيمية وتعميده بأفضل العلاقات الإنسانية الصادقة القائمة على الاحترام والعيش المشترك وهو ما ينبغي تمثله اليوم في وعينا ، وفي ممارساتنا ، وفي تأمين سبل عيش آمن يرفض ويدين كل أشكال العنف والرعب والترهيب بأشكاله المادية التصفوية الدموية والمعنوية بضغوطها الهمجية على وعي الناس ووضعهم كرها تحت فلسفة القطيع في مسيرة من الاقتتال والتدمير والتخريب...
ونحن نحتفل اليوم بسنة هجرية جديدة ، نهنئ انفسنا وجميع المسلمين ، ونتمنى فيها ان نصل إلى وعي ، يُعلي قيم التسامح والإخاء والتعايش السلمي ، كما يُعلي فلسفة احترام الآخر وقبول التعددية والتنوع ، سواء في الرؤى والمعالجات والاجتهادات أم في الوجود الإنساني ، ومن ثم يتحول بالامة الإسلامية من الفرقة والتشرذم بين طوائف منغلقة محتربة إلى تعددية مذهبية ، تجتهد لتسهيل النص وتطبيقاته وتتداخل متلاحمة في أعمق تجليات الاتحاد واللُحمة والخشوع الديني القويم في تبني القيم السمحاء لرسالة المهاجرين الأوائل في دين التسامح والسلام وإكرام الإنسان المستخلف على الأرض ، ليعمرها ولينهي الخراب والقوى الساعية في دروبه ، فقد جاءت الهجرة الأولى ببشائر الخير ، وابتدرت استقبال المهاجرين بأناشيد المحبة والوداد والتعاضد ، فلنتمسك بقيم دينية صحية صحيحة تتمثل في تحقيق أفضل عمار في وجودنا ، وليكن عامنا هذا عاماً نحيا فيه حياتنا بسعادة وهناء ، فالحق أن العمر لبارئه أُمِر الإنسان أن يملأه خيرا ومسرة بعيداً عن الشدائد القاسية الحزينة السوداء ، فلنسير في طريق الصواب والرشاد والفطنة .
ونحن نحتفل بسنة هجرية جديدة ، يجب ان نتوجه إلى صلاح الأنفس وناخذ قرارنا في العمل والبناء ، وفيما جاء في الحديث النبوي الشريف "فعامل يعمل خير من ألف عابد" ففي العمل والبناء سعادتكم ومسراتكم وميراث تتركونه لبناتكم وأبنائكم ، فلقد أُنْهِكت الأنفس من أجواء الفحشاء والمنكر وتعقب الكأداء ، وتاقت اليوم إلى مصالحة مع الذات وبناء جسور المحبة وتبادل أعمق مشاعر الثقة..
بقي ان أقول ، إنَّ الدين لله وكلُُ يعرف طريقه إلى ربه الذي لا يقبل وساطة في الوصول إليه ، أما بيوتنا أوطاننا فهي الأرض التي اُسْتُخلِف الإنسان عليها يعمرها فيجني ما يزرع وزرعكم الثقة والتسامح والمصالحة والوعي بصواب القرار هو أول تباشير عامكم الواعد خيرا..
واخيرا فلكم أجمل التهاني وأروع الأماني بعام هجري جديد ، وليكن عامكم هذا عام إعمار الذوات فتسكنوا أروع جنان تشيدها أيديكم ، أيدي البركة..
ويبارك الله عامكم ويعاد عليكم باليُمن والخير والبركات..