نيروز خاص ...العميد الركن المتقاعد عارف سليم الزبن
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
بالأمس تشرفت بزيارة العميد الركن احمد طلعت مدير شؤون الافراد ، في صُحبة رفيق العمر العميد المتقاعد كمال العودات ، من اجل واسطة لشاب يتيم يُعيل عائلة مكونة من اربع بنات والذي لا اعرفه شخصيا ، طالبا من شؤون الافراد مساعدة في التجنيد ، وقبل الدخول الى مكتب المدير ، وجدت اعداد بالعشرات ما بين رجال ونساء (امي وامك وابوي وابوك واخوي واختك) ، والذين تم تخصيص قاعة لهم مكيفة (مكندشة) بجانب مكتب المدير، كانوا يجلسون على مقاعد من جلد في انتظار دورهم للمقابلات واتمام معاملاتهم ، ( أي انهم لم يكون ينتظرون في الساحة الخارجية تحت لهيب الشمس ) ، وما ان سمح لنا مدير المكتب بالدخول، بعد خروج بعض المراجعين من الداخل ، دخلت لمكتب اتسع لأكثر من عشرين شخصا ما بين جالس و واقف . كان يجلس خلف مكتب المدير العميد فايز العجارمة، الذي لم تفارق الابتسامة وجهة الطيب السموح الطاهر وسعة صدره ، وهو يستمع لمواطن من جرش حول قبول ابنه في أحد الكليات، وبعد ان جلسنا ما يقارب ثلاث دقائق وذلك المواطن يبين للعميد فايز ما معه من أوراق، تناول العميد فايز الهاتف واتصل بأحد الضباط للاستفسار عن المعاملة، وقال "الي بعدة" عندها لاحظ وجودنا فترك المكتب للسلام علينا.
نعم لم يكن العميد فايز بجلس على ذلك المكتب ، الا ومعه كافة صلاحيات المدير في التجنيد والنظر باحتياجات المواطنين ( في شي لم اعهده طول خدمتي العسكرية لأكثر من ٣٢ عاما) ، وفجاءة دخل المدير بعد ان انهى اجتماع له بقاعة مجاورة ليقابلنا بنفس الابتسامة ، مبتدأ السلام من اليمين على جميع من كان بالمكتب من المراجعين ، ليطلب منا " تفضلوا ابشروا بالي انتم جئتم من اجله " ، فقمت بعرض الصور التي وصلتني على الواتس اب لذلك الشاب اليتيم ، فاخذ الرقم الوطني لذلك الشاب ورقم هاتفة ، لم ننتظر طويلا فخرجنا بصحبة العميد فايز ، ليكلمني صاحب الواسطة وقال الان اتصلت القيادة بالشاب لمراجعتهم للفحص الطبي .فلكم مني كل التحية والاحترام والتقدير ولهذا الجيش وهذه المديرية والمديريات الأخرى ،التي يقودها ويديرها اسود أبو الحسين ، الذين يعملون بأوامر وتوجيهات رئيس الأركان المشتركة، الذي امر في نهج هذه السياسة في استقبال المواطنين والوقوف على طلباتهم ، حتى ان القيادة تدرس حاليا وضع اليه لاستقبال الطلبات من كافة المحافظات دون مراجعة مقر القيادة .
ما جعلني اكتب؛ ما شعرت به اليوم من فخر واعتزاز في جيشنا العربي، وما اوجعني لاكتب هو للرد على الرسالة التي وجهت للفصيل الثالث قبل فترة ليست ببعيدة ، حين خاطب ناعق لا اعرفه، تناول في رسالة عن حقبة من الزمن في موضع الفصيل الثالث، ويقول في رسالة عن (حوطة من طوب مسقوفة ببعض الخشب، وعن شادر، وعن رينج روفر وعن ميه روديتر اللاندروفر، وسوالف قد مضى عليها الدهر في الستينات والسبعينيات والثمانينات)، التي قد أكون انا عشت جزء منها ،عندما كان الوضع الإداري للمفارز والفصائل التي تحرس الحدود بما كتب صاحب الرسالة . انا لست بسحيج ولا هزاز ذنب ولكن من كتب تلك الرسالة السامه في خفاياها ، فلقد كتب وهو يسرد عن عصر من الممكن انه عاش تلك الاحداث ، او قد سمع بها من جده او والده ، في ظروف كانت بها قواتنا المسلحة في غير هذه الأيام والظروف ، نعم اليوم الوضع تغير واختلف ، فلقد أصبحت منظومة النقل الإداري من الشمال والجنوب تشمل كافة افراد قواتنا المسلحة، واليوم أصبحت هناك طرق معبدة من الرمثا الى طريبيل على الشريط الحدودي تصل لكافة نقاط حرس الحدود ، وكذلك اليوم فان نشامى جيشنا العربي يسكنون في بناء اسمنتي او في بريفابات مكيفة ، واليوم هم مسلحين ومزودين بأحدث الأسلحة وأجهزة المراقبة والاتصال ، تحميهم صقور سلاح الجو الملكي على مدار ٢٤ ساعة ، مما جعل كل المتسللين والمهربين والارهابين والحاسدين يحسبون لهم الف حساب لتلك العيون الطاهرة والساهرة التي باتت تحرس في سبيل الله .
وما جعلني اكتب ايضا؛ انني تذكرت عندما كنت اخدم في الكتيبة الخاصة / ١٠١ وفي احد التمارين المشتركة مع قوات اجنبية في منطقة وادي رم ، طلب احد جنود تلك الدولة ، سيجارة من احد الجنود الأردنيين الذي رفض ان يعطيه سيجارة ، فما كان من ذلك الجندي الأجنبي الا ان طلب على جهاز الاتصال من طائرة C130 ان ترسل له كروز مارلبور ، وبالفعل بعد فترة قصيرة حلقت الطائرة على ارتفاع منخفض لتسقط له من الجو كروز دخان ، عندها دار كلام حول ما حدث بين الجنود فالموضوع ليس بطلب السيجارة، انما ما هو بعد السيجارة وهي معنوياتنا ونفسياتنا .
واليوم الموضوع ليست رسالة للفصيل الثالث في طياتها وباطنها ، حين نعق ذلك الناعق عن ١١٠٠ منسف ، في مناسبة لوالد واب مثله مثل كل الأردنيين، أراد ان يحتفل بابنه الوحيد (حفظة الله).
نعم ان يوسف باشا هو رجل طعّام زاد ،اكرم ضيوفه من الأردنيين وغير الأردنيين (علما انني لم ادعى للعرس) ، محتفلا في عرس ابنه يشاركه بهذه المناسبة رفاق السلاح من العاملين والمتقاعدين ومن المواطنين المحبين له ، فلو انه لم يقدم (يُقلط) هذا العدد من المناسف ، لنسفه البعض قائلين " الله واكبر مش مقدم لعرس ابنه شي "، وقال البعض " الرز ني (غير مستوي) " او " ان اللحم بالغاري (مجفف)" او "المناسف لم تكفينا (لم يشرب علينا احد)" وما لقينا احد يستقبلنا وووووو ) على أي حال ، ذكرتني رسالة هالناعق للفصيل الثالث بكروز المارلبورو ، فهو مثل من يدس السم بالزاد ، لم يكن يستهدف في رسالة المُبطنة الا ظاهرا وهو العِرس (الفرح) . منتقدا في عهد هذا الرجل الطيب الذي تغيرت فيه احوال الجيش مستمدا العزيمة والتوجيه من القائد الأعلى للقوات المسلحة ، فلقد عرفت من بعض الزملاء خلال زيارتي للأردن ، في هذا الوقت (مش زمن الروفر) ان قائد الكتيبة لديه مبلغ عشرة الاف دينار بصلاحية، يستطيع ان يصرفه كجزء من مساعدة الافراد (وليس فقط الفصيل الثالث) وعلى كافة الأمور الإدارية (ليس فقط مراوح وثلاجة وغيرها ) ، وكذلك الامر بمبلغ اكبر لقائد اللواء وقائد المنطقة.
ان رسالتي للفصيل الثالث الذين خصهم الرسول الكريم ﷺ في الحديث أعلاه " وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله " لا تستمعوا لكل ما يقال، فمن كتب الرسالة ما هو الا شخص انتهازي وحاقد وفتان وناعق، يحاول ان يلعب في نفسياتكم ومعنوياتكم ، انا لست فيما اكتب مدافعا عن رئيس الأركان ولكني مدافعا عن جيشنا العربي، الذي لم يعد فيه من يسكن في حوطه ، وسيارات الدفع الرباعي لم يبقى منها الرنج روفر ، وارتداء النظارات الشمسية ظاهرة صحية ، ولا اعرف كيف ان من كتب تلك الرسالة للفصيل الثالث ، كيف عرف ان تلك النظارة من النوع الفاخر ، واللاندروفر الذي يقول عنها كاتب الرسالة " لان المياه التي نشربه اشبه ما تكون بمية رديتر اللاندروفر من شدة حرارتها " يعرف جيدا ان اللاندروفر كانت قد خرجت من الخدمة قبل اكثر من عشرة سنوات .
اخواني جنود الفصيل الثالث رفاق السلاح ، تذكروا كروز المارلبورا ولتبقى عيونكم تبكي من خشية الله، تبيت في سبيل الله ، فالوطن غالي وانتم تؤجرون على حماية هذا الوطن ورئيس الأركان لم ولن يستخسر بكم شراء مروحة او ثلاجة.