إن ظاهرة إطلاق النار في الأعراس تعتبر قضية اجتماعية شائكة تطرح وجه العنف القبيح, وتجسد وبأ واضحاً في مجتمعنا مما يخلف جواً من الاضطراب والتفكك. وقد سَمت هذه الظاهرة في محافظة جرش قبل شهر تقريبا. حيث أصيب طفلة بعيارات نارية , وعلى اثر ذلك نقل إلى المستشفى. وحالته خطرة
إن إطلاق الرصاص في الأفراح ظاهرة خطيرة يعاني مجتمعنا العربي من تفشيها, هذه الظاهرة راح ضحيتها عدد غير قليل من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم شاركوا أصحاب الفرح فرحتهم, وقبل عدة أسابيع قتل شاب من مدينة معان في حفل زفافه عن طريق غير متعمد من صديقه , حيث انقلب العرس إلى مأتم.
العادات والتقاليد العربية تفرض على أفرادها واجبات اجتماعية متنوعة هدفها خلق جو الود الجميل لتوطيد علاقات الفرد بمن حوله من الناس, والمجاملة الاجتماعية تقوي الروابط وتدعم التوافق والأخوة . وذلك لقول رسولنا الكريم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” ويقول المنفلوطي:"حياة الإنسان في هذا العالم حياة ضمنيه متداخلة في حياة الآخرين”.
نحن لا نستطيع أن نعيش بمعزل عن المجتمع واجبنا كأفراد أن نشاركه أفراحه وأتراحه. نلتقي دائما في الأعراس, بيوت العزاء وغيرها من المناسبات والفعّاليات الإجتماعية.
في الأيام الأخيرة وتقريبا كل ليلة نسمع اصواتا صاخبة مرعبة من ازيز طلقات نارية ودوي مفرقعات تثير الفزع, الخوف, والإزعاج عند معظم المواطنين. بلا شك فلهذه الأمور اصداء سلبية تزيد من اننتشار ظواهر العنف بين شرائح المجتمع.
هل حقا إطلاق الرصاص يعتبر جزءً من ثقافتنا والتراث الشعبي!؟
هل حقا هذه الظاهرة تمكن من جلب السرور والبهجة, وتضفي البهجة على العرس والمشاركين؟
والجواب واضح ضمنيا "بالطبع لا ".
إن ديننا الإسلامي ومعاييرنا الثقافية تدعو إلي السلوكيات الفاضلة ونشر الأمن والأمان بين الناس. قال تعالى في كتابه العزيز: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب”. وقال الرسول (صلعم):” من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ".
ما حاجة مجتمعنا إلى السلاح الغير مرخص, وما الذي جناه ويجنيه مجتمعنا من هذا السلاح, سوى الضحايا التي أثقلت كاهل الجميع وملأت قلوبهم لوعة وحسرة. إن الذي يسهل عليه حمل السلاح في الأفراح يسهل عليه استعماله والتصويب نحو الناس.
إن التعبير عن البهجة والفرحة حق لكل فرد في هذا المجتمع شريطة أن لا يكون على حساب الغير .
إن مظاهر إزعاج الناس كثيرة في وطننا حيث أن الكثير من الناس لا يراعون حقوق الآخرين وتمكينهم من العيش الهادئ وذلك عن طريق استعمال أبواق السيارات, مكبرات الصوت في الأعراس حتى ساعة متأخرة من الليل,والقيام بإطلاق الرصاص الحي, أو إطلاق ألألعاب النارية والمفرقعات بشتى أنواعها, هذه الأمور مزعجة للنائم والمريض وطالب العلم ومخيفة للأطفال, وقال رسولنا الكريم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره”.
وإذا هذا الوضع الخطير الذي بات لا يسكت عليه ولا يحتمل, ومن اجل رقي مجتمعنا وصلاحه, وحرصا على أمن الأهل والأحباب في بلدنا العزيز, فإنني أدعو الجميع إلى الانسحاب من الأعراس التي يتم فيها إطلاق النار ومقاطعتها, أملاً أن تكون أفراحنا مزدهرة مفعمة بالحياة والسرور, خالية من الرصاصات الطائشة والغير طائشة. دمتم ودام الوطن. وقائد الوطن بكل خير.