ما يزال الإنسان يضيق به الوعي والتفكير حتى يقرأ، فيتعلم ثم يدرك في سبيل تفتح العقل وإعماره، ليتسنم نواصي المعرفة،. فقد كانت أول آية نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، "اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ"، وهذا دليل من الخالق جل وعلا على فضل القراءة وأهميتها وعظم منزلتها، فبها نهضت أمة العرب بعزم أهل العلم والعزم من القراء والمفكرين.
وفي كتاب الله نفحات قرآنية تكرر "أفلا تعقلون" و "أفلا تتفكرون" ذلك أن العقل يعي بالحواس وبه يدرك المعارف ويختزن المعرفة، أما الفكر فإنه يكون بإعمال العقل بهذه المعارف، حيث يرتبط العقل بالتفكير والتأمل بالمعارف والخبرات والأسباب وصولا إلى نتائج وابتكارات واختراعات.
لقد أدرك فيلسوف عصر التنوير الفرنسي "فولتير" هذه الحقيقة بمقولته "سُئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فأجبت : الذين يعرفون كيف يقرأون"، وفي موروثنا الحضاري قال عبدالله ابن المقفع ، "كُل مصحوبٍ ذي هفوات والكتاب مأمون العثرات"، أما الأديب عباس محمود العقاد فاستدرك ذلك في مقولته "يقول لك المُرشدون: اقرأ ما ينفعك ولكني أقول: بل اِنتفع بما تقرأ"، ولعل الفيلسوف الإغريقي أرسطو لخص أهمية القراءة برده على سؤال "كيف تحكم على الإنسان" بقوله "أسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ".
وتكمن أهمية القراءة وفوائدها للفرد والمجتمع ببناء جيل واعٍ ومثقف، يعمل على حماية نفسه ومجتمعه من الجهل والتخلف، كما أنها تسهم بتطوير الذات في النواحي المختلفة والتنمية البشرية وبالتالي تسهم بالنهوض والرقي الاقتصادي والاجتماعي، وبحسب العديد من الدراسات؛ تعمل على تحفيز العقل وتعزز مهارات الكتابة وكسب المعرفة والقدرة على التحليل والنقد علاوة على فوائد أخرى ترتبط بالصحة النفسية والعقلية.
في النصف الثاني من القرن العشرين انتشرت عربيا مقولة تفيد بأن مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ، وفي ضوء قرار مجلس الوزراء الاردني الذي صدر في 26 ايلول العام الماضي بإعلان وتحديد التاسع والعشرين من شهر أيلول من كل عام يوماً وطنياً للقراءة في كتاب وجهه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة استندت مقدمته إلى "ما تمثّله القراءة من رفع مستوى الوعي وإغناء المعارف"، كما تشير المقدمة إلى هدف محدد يتجسّد في "تشجيع الجميع على القراءة وتعزيزها في المجتمع وجعلها عادة يومية"، ووجه إعلانه إلى عدد من المؤسسات، في مقدّمتها وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والشباب وأمانة عمان الكبرى وغيرها.
ونحن نحتفل للعام الثاني باليوم الوطني للقراءة الذي يصادف غدا الجمعة، أضحى من الضروري تسليط الضوء على أهمية هذا اليوم خصوصا خطط ومشروعات بعض الجهات الرسمية التي خصها القرار وتهدف إلى تأسيس وتطوير فكرة القراءة والتعاطي مع الكتاب كمفتاح للمعرفة والوعي لإحداث نهضة فـي القـراءة عبـر جعلها عادة وثقافة لـدى مختلف فئات وشرائح المجتمع الاردني بغية تحقيق استدامة معرفية، لاسيما أن تكريس ثقافة وعادة القراءة تعد صناعة تتطلب تكاتف عناصر وعوامل متعددة، يحظى الاردن بالعديد منها خصوصا ونحن نعيش فعاليات معرض عمان الدولي للكتاب بدورته 22 في ظل انتشار دور النشر الاردنية وتبوئها موقعا متقدما في مشهدية النشر العربية.
وفي ظل الوفرة الابداعية الثرية من الكتاب والأكاديميين الأردنيين الذين حلقوا في فضاءات الثقافة العربية، يأتي دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وجهودها في وضع الخطط والبرامج والمبادرات لتجسيد "القراءة" بخطوات ملموسة الى حالة مستدامة نصل فيها الى تجسيد حقيقي "لأردن يقرأ".
وزارة التربية والتعليم .. مبادرات تشاركية ورؤى تتبلور.
وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة الذي اعتبر في حديثه لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) في سياقات "اليوم الوطني للقراءة" ان "القراءة" يجب أن لا تتوقف عند المظهر الاحتفالي يوم 29 أيلول من كل عام، بل تتخطاها بأن تكون جميع أيامنا أيام قراءة لما لها من أهمية كبيرة جدا، أكد ان وزارة التربية والتعليم تولي ضمن استراتيجيتها وخططها "القراءة" أهمية مطلقة .
الدكتور المحافظة الذي استعرض أنواع القراءة ما بين المقروءة المطبوعة والمسموعة والإلكترونية، شدد على أن الوزارة تشجع جميع الأشكال القرائية، إلا انه لم يغفل الاشارة إلى ظاهرة ارتفاع معدل "فقر القراءة" التي تجتاح العديد من مجتمعات دول العالم ومنها الأردن، ليعود ويؤكد على استراتيجية الوزارة في محاربة هذه الظاهرة من خلال تطوير الاستراتيجية الوطنية للقراءة التي أُطلقت العام الماضي لتحسين المهارات اللغوية ومهارات القراءة والاستماع لدى الطلبة التي هي ضرورية لتمكينهم من القراءة والمطالعة بجميع أشكالها.
وفي هذا الإطار بين أن وزارة التربية لديها توجه لزيادة عدد المكتبات المفتوحة للطلبة وتدعم فتح مكتبات جديدة في المدارس، مشيرا إلى أن ما يقارب نصف عدد المدارس في المملكة لديها مكتبات.
وأشار وزير التربية الى العديد من المبادرات التشاركية بين الوزارة ومؤسسات أخرى تسهم في محاربة "فقر القراءة" ومنها مبادرة ماراثون القراءة بالتعاون مع مؤسسة عبدالحميد شومان والتي انطلقت اليوم الخميس الموافق 28 أيلول ويشارك فيها عدد كبير من الطلبة، ومبادرة "أقرأ لارتقي" بالتعاون مع أمانة عمان الكبرى.
وعلى المستوى الدولي، لفت الى مبادرة "تحدي القراءة" بالتعاون مع مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مشيرا إلى انه شارك فيها العام الماضي ما يزيد على مليوني طالب اردني من المرحلتين المدرسية والجامعية.وأشار كذلك إلى الاستراتيجية الوطنية لتحسين وتنمية المهارات القرائية في اللغة العربية، والتي جاءت بالتعاون مع مركز الملكة رانيا العبدالله لتكنولوجيا التعليم والمعلومات والمركز الوطني لتطوير المناهج، وبدعم من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والوكالة البريطانية للتنمية الدولية (UKAID)، والتي اطلقت العام الماضي، وتهدف إلى التوعية بأهمية الأسرة في تعزيز القراءة واستدامتها، كونها أساس الثقافة والزاد المعرفي، وتوجيه الجيل الجديد للاستفادة من التقنيات الحديثة والتفاعل معها بطريقة تمكنهم من اكتساب مهارات القراءة والاطلاع الثقافي.
واعتبر الدكتور المحافظة مبادرة سمو ولي العهد "ضاد" التي تهدف إلى الحفاظ على مكانة وألق اللغة العربيّة، والعمل على تطوير تقنيات تمكينها رقمياً وإثراء المحتوى العربي على الإنترنت، أهم المبادرات التي تتعاون معها الوزارة.
وأشار إلى مبادرات عديدة أخرى تتعاون فيها وزارة التربية مع جهات دولية ومنها الوكالة الألمانية للتنمية الدولية (GIZ) وتسعى الى زيادة الإقبال على القراءة وتنمية حب القراءة والمطالعة لدى الطلبة في المدارس، وهذا يستدعي تحسين لغتهم، لافتا الى أن الوزارة تعمل حاليا على تطوير مناهج اللغة العربية، بالتعاون مع المركز الوطني لتطوير المناهج وتأتي تحت عنوان "العربية لغتي".
* مدارس البوادي والقصبات تتفوق بمسابقات القراءة على المدن الرئيسة.
الدكتور المحافظة الذي رفض مقولة أن مدارس العاصمة والمدن الكبرى تستحوذ على اهتمام أكبر، أكد اهتمام الوزارة بمدارس الأطراف والقصبات ومراكز المحافظات، مشيرا الى انه قام بزيارة مدارس في الأطراف والبوادي ووجد فيها إقبالا على القراءة.
وفي هذا الإطار قال وزير التربية، إن الطالبة التي حصلت على الجائزة الأولى بمبادرة جائزة "تحدي القراءة" مع مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دورتها الأخيرة والتي تشترط أن يقرا المشارك خمسين كتابا على الأقل، "كانت من البادية الشمالية الشرقية وليست من عمان، وهذا يدل على أن القراءة ليست مقتصرة على المدن الكبرى، بل يكون العكس هو الصحيح، لأن الطلبة في المدن الكبرى لديهم وسائل أخرى أكثر لقضاء الوقت والتسلية، ولكن في الأماكن البعيدة عن العاصمة ربما تكون القراءة هي السبيل لتغذية الروح وشغل الوقت، ويكون حافزا أكثر للقراءة لديهم".
ولفت وزير التربية الى أن هناك مسابقات للقراءة "على أكثر من مستوى سواء مستوى المديريات أو المدارس، أو مركز الوزارة، وهناك تعاون مع أطراف عديدة، وجهات وطنية مثل وزارة الثقافة، ومشروع مكتبة الأسرة، ومجمع اللغة العربية والجامعات".
وبين أن الوزارة تنظم مسابقات ثقافية بشكل كبير تشمل الشعر والمقالة والقصة والرواية والمناظرات ويشترك فيها أعداد كبيرة من الطلبة، موضحا ان كل هذه الأشكال تشجع على القراءة وتشكل مسابقات تراكمية، والوزارة تقوم بالتعاون مع جهات عديدة على تعزيز وزيادة المشاركة في هذه المسابقات.
ولتشجيع الطلبة على القراءة قال الدكتور المحافظة ان الوزارة تخصص من خلال إدارة النشاطات ومن خلال تعاونها مع جهات عديدة مسابقات تنتهي بجوائز مادية وعينية، لافتا الى ان الوزارة تشجع القراءة والكتابة والمواهب والاشتراك في المسابقات الثقافية.
وقال، إن الثقافة جزء من شخصية الطالب وجزء من بنيته الثقافية، وتعزز إمكانياته للتفوق والحصول على معدلات تحصيل علمي عالية وبالتالي توجه الطلبة الى القراءة لتمكينهم وتعزيز قدراتهم القرائية.
وحول تحفيز الطلبة من خلال المنهاج المدرسي بإضافة علامات معينة تسهم بتميز وتفوق الطلبة المطالعين، أوضح الدكتور المحافظة انه "قد يكون ذلك من خلال الغرف الصفية"، مؤكدا أن الوزارة تشجع القراءة بهدف تعزيز إمكانات الإبداع لدى الطلبة.
وأشار إلى أن الكتاب والشعراء والروائيين يبدأون ابداعتهم في المدارس من خلال مجلة الحائط في المدرسة، ومن خلال الكتابات الابداعية، والمشاركة في مسابقات محلية وعربية ودولية.
ونوه بمسابقة مجمع اللغة العربية الذي ينظم مسابقات كبيرة في هذا الشأن ويشترك فيها طلبة مدارس وطلاب الجامعات، ما يسهم بتعزيز الإمكانيات الثقافية لدى كل الطلبة بلا استثناء وتعمل على تعزيز رغبة القراءة لديهم لتصبح جزءا من الحياة اليومية لديهم.
* المحافظة: الوزارة تُعنى بتأثيث 1950 مكتبة مدرسية من حيث المكان والإنسان المكتبي المدرب والكتب التي تتناسب وتتماشى مع فلسفة الوزارة.
ولفت الدكتور المحافظة الى ان لدى الوزارة ومدارسها نحو 1950 مكتبة، ولديها قسم للمكتبات يتبع لإدارة المناهج والكتب المدرسية حيث يتم التخطيط وتخصيص المبالغ اللازمة للمدارس بمختلف مراحلها لشراء الكتب، واختيار المواد الإثرائية من الكتب التي تناسب المرحلة النمائية من خلال تخصيص مبالغ معينة للمرحلة الثانوية وكذلك الأساسية، كما تخصص مدارس نسبة 15 بالمئة من موازنتها لشراء الكتب، وهذه الكتب تتشارك الصفوف كلها في قراءتها .
كما تعنى الوزارة، بحسب الدكتور المحافظة، بتعيين وتدريب أمناء المكتبات وتنمية قدراتهم، وتجهيز المكتبة، من حيث الأثاث والمكان الملائم للقراءة وتزويدها وتغذيتها بالكتب الجديدة بشكل مستمر ودائم بما هو جديد وما هو مناسب وبما يتماشى مع فلسفة وزارة التربية والتعليم، كي تقوم مكتبات المدارس بدورها على أكمل وجه.
وأكد ان مكتبات المدارس موجودة كي يدخلها الطلبة بشكل دائم ومستمر، ويجب أن تنظم لها المدارس زيارات بشكل مستمر ، لافتا الى انه ضمن المبادرات التي تتعاون مع الوزارة هناك مكتبة متنقلة تنفذها جهة تطوعية تزور المدارس توفر للطلبة إمكانيات القراءة والمطالعة.
* وزيرة الثقافة: نعمل بالتشاركية مع مختلف المؤسسات لتكريس القراءة حالة وطنية.
من جهتها أكدت وزيرة الثقافة هيفاء النجار في حديثها لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الحكومة تعمل بتشاركية كاملة وتولي كل الدعم ليكون اليوم الوطني للقراءة حركة وطنية، لافتة الى أن الوزارة لا تعمل بمعزل عن وزارة التربية والتعليم أو أي وزارة أخرى وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص من اجل أن تكون القراءة على طاولة الأردنيين.
وأكدت النجار أن الوزارة لديها توجه بأن يكون في كل مركز ثقافي يتبع لها مكتبة عامة، مبينة أن المراكز الثقافية في مختلف المحافظات هي مراكز عامة للمجتمعات المحلية كما أنها مراكز تنمية مجتمعية محلية، لافتة الى أن الوزارة تنظر الى الثقافة في بعدها الشمولي؛ التنموي الاقتصادي والاجتماعي.
وقالت، "أينما تذهب في المملكة نجد لدينا موروث الاهتمام بالقراءة والاحتفاء بالكتاب والتعلم، والحكاية، ولدينا سردية وطنية جميلة هي سردية الاردن".
ونوهت بأن الوزارة لديها دائما مشاريع واضحة مبنية على إنجاز تراكمي، ودائما لديها مشروع "قراءة" ومنها مشروعات؛ مركز الدراسات والنشر، ومكتبة الأسرة التي يكون لها معارض كتب في كل المراكز الثقافية التابعة للوزارة.
ولفتت الى شراكة وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى مع اتحاد الناشرين الأردنيين في معرض عمان الدولي للكتاب الذي انطلق في 21 أيلول الحالي برعاية ملكية سامية وهو مؤشر على اهتمام الدولة في الاحتفاء باليوم الوطني للقراءة، مؤكدة أن الاحتفاء باليوم الوطني للقراءة في قلب البرنامج الثقافي للمعرض.
وقالت النجار، "ونحن نحتفي بهذا اليوم نؤكد على أهمية الكتاب ونعزز وجود كتاب لدى الأسرة الأردنية بأسعار مناسبة"، مشيرة الى أن مشروع مكتبة الأسرة يراكم الإنجازات التي تحققها الدولة في بناء حالة ثقافية سعيا لتأسيس مكتبة في كل بيت أردني، حيث قامت الوزارة خلال دورة عام 2022 ضمن مشروع "مكتبة الأسرة" بدعم إعادة إصدار 50 عنوانا.
وبخصوص تطوير مشروع مكتبة الأسرة من حيث الكم والنوع، بينت وزيرة الثقافة ان الوزارة عملت على وضع نظام جديد للمشروع الذي يعد من اهم برامج الوزارة، من خلال إعادة المراجعة التي أفضت الى "إعادة النظر بالأنظمة ووضع تعليمات جديدة لمكتبة الأسرة التي تدفعنا لنكون أكثر حرصا على نوعية الكتاب الذي تدعمه الوزارة وتقدمه على مائدة العائلة الأردنية من كافة النواحي؛ نوعية ومفردات وقيما ورؤية وإبداعا وابتكارا، من خلال لجنة على أعلى مستوى تقوم على مراجعة الكتب ولجنة أخرى، ليست لمزيد من الرقابة وإنما لتأكيد جودة نوعية الكتاب وبتشاركية كاملة مع كتاب وباحثين ومفكرين أردنيين".
وأكدت على التشاركية مع وزارة التربية والتعليم في موضوع زرع القيم الإيجابية، مشيرة الى مشروع كتاب "زيتون بلادي"، لما يحمل من مضامين وقيم تنبع من الموروث التاريخي والثقافي والاجتماعي الاردني، والذي سيكون موجودا في المدارس ولدى العائلة الأردنية، وسيخلق حالة من الحوار تشترك فيه أطراف عديدة.
النجار التي أقرت بضآلة حجم إصدارات الكتب الموجهة لفئة اليافعين، زادت على ذلك بالتأكيد على ضرورة توفير دعم اكبر لكتاب الطفل ومرحلة الطفولة المبكرة رغم وجود حركة إصدارات ودور نشر وترجمة مميزة تعنى بهذه المرحلة، على عكس الكتب الموجهة لليافعين التي تحظى بنسب اقل.
وفي هذا الإطار بينت أن الوزارة في دورة هذا العام من مكتبة الأسرة الشهر المقبل، ركزت أكثر على كتب اليافعين؛ الأدبية والفكرية وحتى ما يتصل بالتكنولوجيا والإعلام، لافتة الى ان هناك طرح لكتب اليافعين بطريقة مختلفة.
وزيرة الثقافة التي أعربت عن استعداد الوزارة لدعم مشروعات كتابية للشباب والاستعداد لدعم الفئات القادرة على الكتابة لليافعين، لفتت الى مشروع ستطلقه الوزارة العام المقبل يتمثل باستكتاب كتاب وشعراء ومفكرين ومتخصصين على كافة المستويات ومختلف الحقول والفنون ومنها الكتاب الورقي، والإعلام والكتاب الإلكتروني، والشعر وأهميته في حياة اليافعين.
ونوهت النجار بالإنجاز التراكمي الذي قدمه وزراء الثقافة السابقون لاسيما في التحول الإلكتروني واستحداث العديد من المنصات الرقمية والإلكترونية للوزارة وإطلاق الاستراتيجية الثقافية، ومكتبة الأسرة.
وكشفت عن أن الوزارة ستطلق قريبا منصة رقمنة تفاعلية كاملة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ستطل على الوزارات كافة، وتضم كل برامج الوزارة ومديرياتها في مختلف أنحاء الوطن وبحيث تكون متاحة لأي مواطن يمتلك حالة إبداعية للتسجيل عليها، لا سيما الجيل الجديد من الكتاب والفنانين والمتخصصين في الصناعات الثقافية الابداعية وحقول التراث الاردني اللامادي، ممن يمتلكون حالة ابداعية ضمن معايير مسبقة ومحددة موجودة في هذه المنصة.
امين عمان الكبرى الدكتور يوسف الشواربة بيّن في تصريح خاص لـ (بترا) أن لدى الأمانة ميزانية جيدة للتزويد، وعلى صعيد الشراء تتابع معارض الكتاب الدولية والمحلية وتخصص حصة وافرة لمكتباتها المنتشرة في العاصمة، إضافة إلى أن "الأمانة" بالأساس ناشر وعضو باتحاد الناشرين الأردنيين وتقوم بتقديم كامل الدعم للكتاب الأردنيين وتقديم النتاج الفكري للمواطنين على اختلاف فئاتهم العمرية وهذا يعزز تواجد الكتاب الورقي في مكتباتها أيضاً .
وأشار الدكتور الشواربة إلى أن الأمانة تقوم بالشراء الشخصي من كتاب أردنيين وغير أردنيين وبشكل مباشر، وترفد مكتباتها أيضا، إضافة إلى الشراكات مع الجامعات والمؤسسات الثقافية كمؤسسة عبد الحميد شومان وغيرها من خلال تبادل معلوماتها ومصادرها مع تلك الجهات .
* شراكات مع بلديات المملكة وتقديم إهداءات من الكتب لمكتباتها.
ولفت أمين عمان إلى أن لدى الأمانة شراكات مع جميع المحافظات ومختلف البلديات في العديد من المبادرات والفعاليات، مبينا أنها تقوم بتقديم آلاف الاهداءات من الكتب من خلال نشاطات وفعاليات ثقافية تقوم بتنفيذها في تلك المحافظات.
وأشار في هذا الإطار الى مبادرة "كتابنا حضارتنا" التي جابت جميع المحافظات حيث نالت كل محافظة حصتها بواقع أربعة آلاف كتاب لكل محافظة إلى جانب الإهداءات المستمرة من الكتب لجميع الجمعيات والمدارس والمراكز الثقافية والجامعات وغيرها في تلك المحافظات وعلى مدار السنة، لافتا إلى تواجد فروع لمركز زها الذي يتبع للأمانة في جميع المحافظات والتي بالتالي تشكل مراكز ثقافية متكاملة في تلك المحافظات.
وبحسب إحصائيات 2022 بين أمين عمان أن عدد العناوين التي تم شراؤها بلغت (1508) عناوين بواقع (7184) نسخة، فيما بلغت الكتب المعارة (85591) كتابا وعدد رواد مكتبات الامانة بلغ (99841) شخصا، وعدد المنتسبين الجدد للمكتبات (7909) أشخاص، وعدد الكتب المهداة (47948)، وبلغ عدد النشاطات الثقافية التي نفذتها الامانة 255.
* الدكتور صلاح جرار: القراءة وسيلة بالغة الأهمية لاكتساب المعرفة.
بدوره قال وزير الثقافة الأسبق والأكاديمي والأديب الدكتور صلاح جرار في حديثه لـ (بترا)؛ إن القراءة واحد من أهم مفاتيح النهضة والتقدم والتحضر، لأنها السبيل إلى اكتساب المعرفة التي هي بدورها سر القوة والتفوق، وأيما مجتمع يتطلع إلى النهضة والتقدم والتفوق لا بد له من إيلاء القراءة أهمية بالغة بل أن يجعل من القراءة واحدة من أهم أولوياته .
وأضاف الدكتور جرار، إن وزارة الثقافة في الأردن تنبهت إلى أهمية القراءة في توسيع دائرة المعرفة وتحصين الوعي والفكر، فوضعت مجموعة من البرامج والمشاريع لتحقيق هذا الهدف ومنها مشروع مكتبة الأسرة الذي يهدف إلى توفير كتب منتقاة بعناية للمواطن الأردني وبأسعار رمزية، وما تقوم به دائرة المكتبة الوطنية التابعة للوزارة من تزويد المدارس والجمعيات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني بكميات من الكتب على سبيل الإهداء، بالإضافة إلى ما تقوم به الوزارة من دعم الكاتب والمؤلف الأردني في نشر الأعمال الإبداعية والمؤلفات النوعية المتميزة.
والدكتور جرار الذي اعتبر انه مع كل هذه الجهود وغيرها من الجهود التي تبذلها الجامعات والبلديات خاصة أمانة عمان الكبرى ومؤسسة عبد الحميد شومان، رأى انه "ما زلنا بحاجة إلى العمل لتصبح القراءة عادة مجتمعية وممارسة محببة للنفس".
https://petra.gov.jo/upload/Files/77.jpg
وفي هذا الإطار قال، "لا أخفي قلقي من بعض التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الناشئة والخوف من أن تسهم هذه الوسائل بصرف الأطفال والطلبة عن الكتاب وحرمانهم من القراءة تحت ذريعة أن هذه الوسائل توفر لهم من المعلومات والمواد القرائية أكثر مما يوفره لهم الكتاب الورقي.
"وكي يجعل الأردن من القراءة أولوية متقدمة"، اقترح الدكتور جرار، تكثيف مسابقات القراءة ومنح مكافآت مجزية للفائزين، ودعم المكتبات المدرسية والمكتبات المنزلية، وإلزام المؤسسات الرسمية والخاصة بأن لا تخلو أي منها من مكتبة تخدم المراجعين في أوقات انتظارهم، وأهمية إلزام الهيئات الثقافية خاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الشبابية والرياضية والمجتمعية والخيرية بأن يكون في كل منها مكتبة تخدم أعضاءها".
ولفت الى أن الأهم من ذلك كله أن تحرص دور النشر الوطنية على أن تقدم للقراء كل ما فيه جاذبية ومتعة وفائدة وتشجيع على القراءة، وأن تتجنب نشر الأعمال التي لا تخدم القارئ ولا ترقى بذائقته، داعيا اتحاد الناشرين الأردنيين الى أن يكون له دور فاعل في المحافظة على مستوى ما ينشر والارتقاء به .
وأكد الدكتور جرار أهمية دور الإعلام في تشجيع القراءة، لا سيما القنوات الفضائية التي يمكنها أن تستضيف المؤلفين للتعريف بإصداراتهم وإبراز قيمة كل منها ما يدفع المشاهد إلى شرائها والإقبال على قراءتها .
* المؤرخة أبو الشعر: دعوة المؤسسات لتأصيل عادة القراءة كي لا يكون يوم القراءة "ديكورا".
وترى شخصية معرض عمان الدولي للكتاب بدورته 22 المؤرخة والأكاديمية الدكتورة هند أبو الشعر في حديثها لـ (بترا)، أن جميع فئات المثقفين وأصحاب القلم والفكر، يجمعون على أهمية إفراد يوم خاص للاحتفاء بالقراءة، بإعتبارها تعني التجدد، واستمرارية المعرفة وتنوعها، وكونها أيضاً تجدد الفكر وتغذي العقل وتواكب عصر المعرفة.
وتجد الدكتورة أبو الشعر أن دور المثقف في اليوم الوطني للقراءة، يعتمد على موقعه، فهو إنْ كان معلماً أو أستاذاً جامعياً أم مذيعاً في مؤسسة إعلامية أم صحفياً، فكل هذه الفئات تلعب دور التحفيز في الحث على القراءة، وجعلها عادة لدى الجيل الجديد.
وتقول، "أرى الثقافة بيد المؤسسات كافة وهي ليست محصورة بفئة بعينها، ومن هنا أدعو إلى التكامل بين هذه المؤسسات لتأصيل هذه العادة، لئلا يكون الاحتفال بيوم القراءة مجرد ديكور، وليصل إلى كل الفئات المستهدفة بعمق".
وحول وجود أفكار أو مبادرات يمكن تقديمها لجعل القراءة عادة طوعية في عصر التكنولوجيا، تحيل الدكتورة أبو الشعر الجواب إلى ضرورة أن تنحو المؤسسات الوطنية جميعها، نحو التكنولوجيا الفائقة في ظل العصر الرقمي ومتطلباته، وترى أن القراءة لم تعد ترتبط فقط بالكتاب الورقي، بل تتعداه إلى أدوات تقنية تحتوي الكتاب.
وتقول: "أنا شخصياً أقرأ بعض الكتب إلكترونياً، وأجدها حالة مريحة، لهذا فالتحفيز يجب أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، لأننا نتحدث عن جيل عصر الصورة والتقنيات الفائقة، وأظن أن هذا يحتاج لخطة إستراتيجية مدروسة متكاملة من جميع المؤسسات".
وللوصول إلى حالة صحية من القراءة يمكن تعميمها على جميع الناس في الأردن، تجد الدكتورة أبو الشعر أن عادة القراءة تبدأ من البيت وتنتقل مع الإنسان إلى المدرسة والجامعة تالياً، إلا أنها تلفت في الوقت ذاته الى ان من "المؤسف أن الأردن الذي يضم عشرات الجامعات والمعاهد، وآلاف الطلاب في الدراسات العليا، لا يحقق السبق في تأصيل عادة القراءة".
وفي هذا الإطار تعود لتؤكد أن عادة القراءة لا تتحقق إلا بإستراتيجية مدروسة ومتكاملة من جميع مؤسسات الوطن، قائلة، "إنه حلم جميل أن نصل إلى (أردن يقرأ)، لأن لدينا أردناً يكتب ويتطور بلا توقف في مجال الإبداع والتأليف".
وزارة الإدارة المحلية: 71 مكتبة عامة في البلديات والعمل على زيادتها.
مستشار الاتصال والإعلام والناطق الإعلامي بوزارة الإدارة المحلية الزميل الصحفي محمد الملكاوي قال في تصريح لـ (بترا)، إن هناك 71 مكتبة عامة في 71 بلدية من بلديات المملكة، تضم ما يزيد على 350 ألف كتاب، بما فيها مكتبات للأطفال، مشيرا إلى أن هناك بلديات تعمل حالياً على رفد مكتباتها بكتب إضافية، وبلديات لا يوجد فيها مكتبات تعمل على استحداث مكتبات عامة.
وأكد الزميل الملكاوي أن وزارة الإدارة المحلية حريصة على دعم الدور الثقافي للبلديات، والاهتمام بقطاع الثقافة والمكتبات في البلديات.
رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين يؤكد: لدينا جيل ناشئ يقرأ.
رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين جبر أبو فارس الذي عزا تراجع مبيعات الكتب الورقية التي تقوم على طباعتها دور النشر، إلى القرصنة الإلكترونية التي تقوم بها بعض دور النشر غير المرخصة، والتي تقوم بتصوير الكتب المطروحة في الأسواق، ومن ثم إعادة بيعها بثمن أقل، أرجع في حديثه لـ(بترا) انخفاض مبيعات الكتاب لعام 2022 إلى الظروف الاقتصادية التي يمر بها الناس، فضلاً عن تأثير الكتاب الإلكتروني الذي أصبح منافساً رئيساً للكتاب الورقي.
وأبو فارس الذي يرى أن لدينا جيلا ناشئا يقرأ من خلال ما يلمسه شخصياً عبر حضوره لمعارض الكتب سواءً في الأردن او العالم العربي، يؤكد من جانب آخر التأثير الكبير للعصر الرقمي على اتجاهات التفكير لدى الجيل الجديد، إلا انه يعبر عن تفاؤله بهذا الجيل "الذي يعبر عن نفسه أيضاً من خلال القراءة والكتابة في شتى الحقول الأدبية".
وقال، "أنا ألمس جدية من الشباب المبدعين الباحثين عن مظلات ثقافية ترعى إبداعاتهم، وأرى أن هذا هو دور وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الكبرى المعنية بالثقافة، بأن تقدم لهم الرعاية اللازمة لإبراز إبداعاتهم".
"شومان" تنظم "ماراثون القراءة" بمناسبة اليوم الوطني للقراءة.
انطلقت صباح اليوم الخميس وبالتزامن مع اليوم الوطني للقراءة الذي يصادف غدا الجمعة في 29 أيلول من كل عام، فعاليات ماراثون القراءة الذي تنظمه مؤسسة عبد الحميد شومان في أكثر من 40 موقعا بجميع محافظات المملكة، بالتعاون والشراكة مع أكثر من أربعين جهة معنية بالشأن الثقافي والأدبي، بهدف تشجيع القراءة، ومن خلال توفير الأجواء المناسبة لإقامة الماراثون بحسب المعايير المعتمدة لتنفيذ مثل تلك الفعاليات عالميا.
كما جهزت "شومان" المكتبة بطريقة مشابهة لسباق الماراثون الرياضي، فهناك خط بداية ونهاية ومسار للمشاركين في الماراثون، وذلك يساعد على تعريف المشتركين بجميع أقسام المكتبة وكتبها، وبالتالي توسيع مداركهم المعرفية في الكتب.
وتقوم فكرة الماراثون على الترويج لممارسة القراءة بطريقة تفاعلية حيث يقرأ فيه مجموعة من الرواد خلال ساعات محددة عددا معينا من صفحات الكتب.