تبرز أصوات ليست قليلة سواء بيننا أو على الفضائيات أو على السوشيال ميديا تطرح وجهة نظر وتصل أحيانًا حدّ الاستنكار؛ عن فعل المقاومة والذي يجعل المحتلّ والمغتصب يرد عليه بالقوّة المفرطة والإبادة والقتل الذي بلا حساب.. ويقولون: كان بالإمكان تجنّب كل هذا وعدم فعله..!
وأنا معني هنا بالرد على أصحاب وجهة النظر النبيلة والتي يقلقها ويبكيها ما يجري لغزّة وبغزّة.. ولستُ معنيًّا أبدًا بأصحاب وجهات النظر المحمولة جوًّا وبحرًا وبرًّا وتركب مواصلات الغير لكي تصفّق له وتأكل من فتاته أو تتطلّع لكي يراها ولعلّه ينظر إليها نظرة رضا أو أولئك الذين لا همّ لهم سوى التشدّق وصناعة الشو والمخالفة ..
نعم؛ مطلوب من المقاومة أن تحسب وتتحسب.. وبعد أن تصل إلى قناعة أن حسابها وظرفها الزمكاني تمام التمام فإن الإقدام على الفعل صار واجبًا؛ بغض النظر عن التحوّلات والنتائج أثناء الفعل.. ولولا إقدام كل حركات التحرر الوطني على الفعل لما وجدنا أغلب الدول مستقلّة الآن؛ علما أن إمكانيات كل حركات المقاومة على مرّ العصور لا تساوي شيئًا مذكورًا مع إمكانيات المحتلّ.. وقد دفعت كل الشعوب أثمانًا باهظة في الأرواح والممتلكات العامّة والخاصة وأقرب مثال ما زلنا نتغنّى به للآن الجزائر التي دفعت مليون شهيد وهناك من يقول بأنها دفعت مليونًا ونصف المليون شهيد.. هل نقول لأشقائنا في الجزائر: كان من المفروض ألاّ تقاوموا الفرنسيين وألّا تدحروهم .. علمًا أن المقاومة الجزائرية ألهبت وألهمت كل أحرار العالم وصنعت فارقًا لدى كل الشعوب الأخرى..
المقاومة والتحرير تعنيان فقدان آلاف ومئات الآلاف من البشر.. تعنيان ألّا تتوقّف وأن تعيد الكرّة تلو الكرّة .. وإلّا "حطها واستريح" وقل للغاصب أرضك: تعال ؛ أنا عبدك وأنت سيدي.. وساعتها لن يرضى بك عبدًا أيضًا..
ورحم الله أحمد شوقي حين قال: وللحريّة الحمراء بابٌ.. بكلِّ يدٍ مُضرّجةٍ يُدَقُّ.. إذن: الحرية حمراء.. لا لابيضاء ولا صفراء وفوشي.. ورغم كلّ ما تشاهدون من موت وخراب في غزّة إلّا انه استحقاق طبيعيّ للخلاص وسؤتي أُكله ذات يومٍ؛ لعلّه قريب جدًّا.