برزت اشكالية العلاقة القائمة بين السيادة القومية للدولة كفكرة دفاعية عن سلامة ترابها الوطني من التدخلات الخارجية وفكرة مسؤولية الحماية من جهة اخرى للحد من الانتهاكات الجسيمة بحق السكان المدنيين وتتجلى الاشكالية اليوم بعد تحول النظام العالمي الى القطبية الاحادية حيث عملت هيئة الامم المتحدة على ضمان وتنفيذ الحماية ازاء الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين لأن السيادة في جوهرها أداة لتنظيم العلاقات الدولية بين الدول وليس حق
الفرض الارادة المنفردة على الآخرين ولا برد الجرائم التي ترتكبها .
فأن موضوع التدخل الدولي بشكلية الشرعي وغير الشرعي وخاصة بعد مؤتمر الالفية لعام ۲۰۰۰ م اخذ مبدأ تنفيذ الحماية الدولية تحولا في منهج الامم المتحدة بالتعامل مع الازمات الدولية فأصحت حماية الانسان شرط لتحقيق الحماية الدولية والدول التي تهدر مقدراتها وثرواتها بالأنفاق على التسلح وعلى القمع فسوف يأتي اليوم الذي لا تجد فيه الشعب الذي
تدافع عنة وعندها تفقد الدولة اهم مقوماتها وهو الانسان .
حيث تطورت النظرة العامة الى الانسان وحقوقه وتطور مبدا التدخل لاعتبارات انسانية ولم يعد مقبولا من اي الدولة الاحتجاج بالاختصاص الداخلي فأصبحت حقوق الانسان تثار في اي
دولة معينة وتصبح ذريعة للتدخل الدولي .
ومن هذا المنطلق فقد جاء انعقاد الدورة الاستثنائية الثامنة والعشرون للجمعية العامة للأمم المتحدة في ١٤ كانون ثاني لعام ۲۰۰۵م بوصفها تاريخية ورمزية معا بسبب انعقادها للمرة الأولى لأحياء ذكرى تحرير معسكرات الموت الذي قتل فيها ملايين البشر بسبب اصولهم العرقية أو معتقداتهم الدينية أو التزاماتهم السياسية حيث تولد مفهوم مسؤولية تنفيذ الحماية
الدولية نتيجة جرائم الحروب وانتهاك حقوق الانسان حيث اصبح بالإمكان مساءلة الاشخاص
لمخالفتها الالتزامات الدولية .
وتتجلى اهداف تنفيذ الحماية في عدم تعارضها مع السيادة للدول باعتبارها واجبا محليا ودوليا ولا تناقض مبادئ القانون الدولي المقررة في المواثيق الدولية وهنا تم بيان القواعد التي تنص على مبدا تنفيذ الحماية وبيان حدودها وضوابطها و ابراز دور الامم المتحدة في
مسؤولية تنفيذ الحماية .
وهنا يمكن القول بتراجع مفهوم السيادة المطلقة الى السيادة النسبية للدول بحيث اصبح هذا المفهوم وسيلة وليس غاية يعمل على تحقيق الخير الداخلي والدولي باعتبار الانسان الهدف الاسمى ساعد ذلك بروز ومزاحمة شركاء فاعلين دوليين مثل المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات كانت من الاسباب الرئيسية لإبراز فكرة تنفيذ الحماية الدولية وخاصة عندما يعجز مجلس الأمن عندما تتعارض الاصوات فيه بسبب استخدام الفيتو يكون هناك سلطة للجمعية العامة التحرك بصورة عاجلة لاتخاذ قرارات لإعادة الأمن والسلم الدوليين .