جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعوته للقوات المسلحة بضرورة تسريع بناء التحصينات في القطاعات الرئيسية التي تتعرض لضغط من القوات الروسية، خاصة في شرق البلاد.
ويسعى كلا الطرفين إلى تحقيق مكاسب على الأرض قبل توغل الشتاء القارس، مع العمل على إعادة حشد قواتهما في النزاع الذي لم يشهد أي تغيير يذكر على الخطوط الأمامية في الأشهر الأخيرة من الحرب المستمرة لقرابة العامين.
وكانت لعبة التحصينات التي يسعى زيلينسكي، إلى تنفيذها قامت بها القوات الروسية بالفعل في خطوة استباقية حيث قامت ببناء تحصينات قوية، وزرعت ألغاما في المناطق التي سيطرت عليها منذ تدفقها عبر الحدود في فبراير 2022؛ وكانت تلك الدفاعات عاملا رئيسيا في عرقلة الهجوم المضاد الأوكراني المستمر منذ يونيو الماضي.
التحصينات.. وانتظار الدعم
يقول مدير مركز "جي سي إم" للدراسات ومقره موسكو آصف ملحم إن أوكرانيا الآن تعيش حالة من التخبط لمعظم الوقت.
ويوصي العديد من الخبراء العسكريين في كييف بالتراجع إلى الخطوط الخلفية وبناء تحصينات قوية، في الشرق الأوكراني بمقابلة الهجوم الروسي، لا سيما أن الطبيعة الجوية وسوء أحوال الطقس تفرض حالة من شبه الثبات القتالي على الأرض مع صعوبة حركة الدبابات والآليات العسكرية وناقلات الجنود.
ويُضيف ملحم، خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أوكرانيا باتت معتمدة بشكل أساسي في استراتيجيتها القتالية المقبلة على "الانتظار"، ومواصلة الدعم الغربي قوافله صوب كييف، يأتي ذلك في ظل حاجة أوكرانيا الماسة إلى طائرات (إف 16) وذخائر صاروخية وكلها لن تتم قبل العام الجديد 2024.
ويستعرض ملحم عوامل تجبر أوكرانيا على بناء تحصينات قوية في مناطق الشرق:
قوة التحركات الروسية في مناطق الشرق وحصار أفدييفكا كمنطقة صناعية استراتيجية لأوروبا كلها كونها تحتوي أكبر مناجم فحك الكوك قد يعبد الطريق أمام سقوط مناطق جديدة بيد الروس.
انشغال القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة بحرب غزة وتوجيه مسارات الدعم إلى إسرائيل.
الانسحاب إلى خطوط خلفية وبناء التحصينات القوية سياسة تظنها أوكرانيا رادعة أمام الروس في ظل سوء الطقس بالشتاء وصعوبة التحركات.
تعديل قوانين الجندية في أوكرانيا وسن الاحتياط يجبر كييف على اللجوء إلى تحصينات في مواجهة روسيا على طول المواجهات مع تراجع في عدد القوات المحاربة.
تشير تقارير إلى أن مشكلة أوكرانيا الأساسية (الموارد البشرية) تكمن في أن متوسط عمر المحاربين بالجيش الأوكراني، 40 عامًا، وتوصي دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الطرف الأوكراني بإشراك الأقل عمرًا من الشباب إلى الحرب وهو أمر غير متوفر، حيث تنص القوانين الأوكرانية على عدم إشراك الأقل من 27 عامًا بالحرب.
القدرة القتالية
يرى الباحث في العلاقات الدولية لدى معهد البحوث والدراسات العربية، يسري عبيد، أن أوكرانيا لجأت إلى بناء التحصينات والخنادق بطول خطوط المواجهة في مناطق الشرق اتقاءً للهجمات الروسية في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل افتقاد كييف إلى قوة جوية مماثلة أو تستطيع مواجهة نظيرتها الروسية الجبارة؛ فأوكرانيا تنتظر على أحر من الجمر وصول مقاتلات (إف 16)، التي تشير تقارير إلى أنها قد تكون عديمة النفع في ظل قدرة روسيا على بناء وتحريك خطوط قواعد الصواريخ من بينها طراز (إس 400) المعدلة للتعامل مع أي تهديد جوي مهما بلغ وقته ومداه.
وقال يسري عبيد، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن أوكرانيا بشكل عام لا تملك القدرة على الدخول في حرب قتالية مباشرة أمام الجيش الروسي لعدة عوامل من بينها وجود حالة من الخلافات الشديدة بين القيادتتين العسكرية والسياسية في الدولة.
هناك تباين واضح في القدرات القتالية الجوية والصاروخية بين روسيا وأوكرانيا ومع تراجع مسيرات الدعم الغربي انكشفت الغطاء الأوكراني.
الجبهة الأوكرانية على الأرض لا سيما الشرق بات في مهب الريح أمام الهجمات الروسية وبات الشتاء منقذا لأوكرانيا من سقوط مدن جديدة.
تتبنى كييف نظرية حرب المناوشات بعبور مجموعات نهر دنيبرو في خيرسون لتوجيه ضربات نوعية والقتال في أفدييفكا وكلها أمور لإثبات الذات أمام روسيا.
بناء التحصينات يفيد أوكرانيا أيضًا لإشعار القوى الغربية بأنها لا تزال قادرة على التواجد عسكريا على الأرض لاستحقاق الدعم.