تشرفت البارحة الثلاثاء بإستضافتي عبر إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية في برنامج الحوار المفتوح الذي يعِّدهُ ويقدمّهُ بإقتدار الكاتب والإعلامي والمحلل السياسي الأستاذ حمادة فراعنة، حيث خصص هذه الحلقة للحديث عن الأجواء الحزينة لعيد الميلاد المجيد في ظل الحرب الوحشية والمستعرة على غزة واستهداف المدنيين العُزّل والبنى التحتية والمدنية، حيث لم تسلم لا المدارس ولا الكنائس ولا المساجد ولا حتى الأماكن الأثرية من جراء هذا العدوان الذي استهدف كل شيء من بشر وحجر وحيوان ونبات.
وجوهر الحديث تركز حول معاني عيد الميلاد المجيد ورسالته الإنسانية للعالم أجمع في أجواء غير مسبوقة يمّر بها أهلنا وشعبنا في غزة من قتل ودمار وتشريد وحرمان من أدنى مقومات الحياة الكريمة، ويحتاج إلى من يغيثه وينصره ويقف إلى جانبه ويقدم له العون الإنساني والطبي والإغاثي اللازم والدفع بإتجاه وقف الحرب فوراً تجنُّباً للمزيد من الويلات والخسائر البشرية وترك مساحة للأفق السياسي الذي يعيد الأمن والإستقرار والسلام.
وفي هذا الإطار تم الحديث عن الدور الأردني في الجسر الجوي وتسيير قافلات الهيئة الخيرية الهاشمية للمساهمة في كسر الحصار للتخفيف عن أهلنا في غزة من بشاعة وفظاعة ما يمرّون به، حيث خُصص الإنزال الجوي الأخير السابع لإغاثة المنكوبين في كنيسة القديس بورفيروس في زمن الميلاد المجيد، فبالإضافة إلى الجهود السياسية والديبلوماسية التي يقوم بها الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، فإن الجيش العربي من خلال الخدمات الطبية الأردنية والمستشفيات الميدانية في غزة والضفة يقدم العناية الطبية اللازمة، وكذلك يتم تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية.
وإزدهى اللقاء بالحديث من ناصرة الجليل حيث بشارة العذراء المباركة مريم ابنة الناصرة من قبل سيادة المطران رياح أبو العسل، الذي قدم الشكر من أهل فلسطين للأردن ملكاً وحكومة وشعبا على الدعم الدائم والموصول للأشقاء الفلسطينيين وللقضية الفلسطينية، وأكد على أن مسحييي فلسطين ينتمون إلى شجرة الزيتون الفلسطينية الراسخة والمتجذرة في الأرض الفلسطينية، وأن الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه يقف صفا واحداً في الوقوف في وجه الإحتلال والتصدي له بكل الطرق والإمكانيات، وأنَّ موجةَ التطرفِ التي تجتاحُ بلادَنَا ما هي إلا سبب لفقدان إنسانيتنا، معلقا على ذلك باقتباسه جملة " كل مؤمن كافر حتى تثبت إنسانيته"، فلا تحدثني عن إيمانك لأن الله وحده يرى ما في قلب الإنسان، بل حدثني عن إنسانيتك، فإلإنسانية هي تجلّي الإيمان الذي يجب أن يتجسد في علاقات البشر مع بعضهم البعض، فمن يرى الإيمان في قلب المؤمن وحده هو الله سبحانه وتعالى، ولا يستقيم إيمان أحد أياً كان دينه إن لم يظهر من خلال إنسانيته، فرسالة الميلاد تحمل أعمق معاني الإنسانية التي وجب على العالم أجمع أن يرتقي لها ويتعامل بموجبها، ولا سلام ولا استقرار من غير أن يكون مرتكزاً على الحق وقائماً على العدل. ومن المرفوض جملة وتفصيلا تحويل الصراع من قضية وطنية إلى صراع ديني، وسنعمل جميعا بمقتضى رسالة الميلاد لهذا العام بأن يحل السلام في أرض السلام.