بداية لابد أن نتعرف علي الأسباب التي دفعتني إلي الكتابة عن هذا الموضوع.
السبب الرئيس واقع البحث العلمي الذي نعيشه،وتدني مستويات البحوث العلمية والرسائل العلمية التي تعج بها ارفف المكتبات دون فائدة ولا طائل من وراءها اللهم إلا إهدار الجهد والوقت.
لا أعمم ولا أصدر أحكاما علي عواهنها ولكن من واقع ملموس معيش يحياه استاذ أكاديمي متخصص يعتلي منصات المناقشات العلمية منذ سنوات طويلة،كذلك من شكاية كثير من الأساتذة من تدني مستويات البحوث التي يشرفون عليها،ليست هذه الشكاية من أساتذة الكليات النظرية وحدهم ولكن لنا زملاء في كليات عملية مثل الطب والصيدلية والهندسة يشكون من عدم قدرة بعض الدارسين علي الإبداع في هذه المجالات وأن رسائلهم العلمية تحصيل حاصل لا تأتي بجديد.
والنتيجة الحتمية ليس ثمة تقدم وليس ثمة ابتكارات ولا استفادة من هذه البحوث في واقعنا المعيش ودليلي علي ذلك لو أخذنا مثالا علي إنتاج العقاقير الجديدة لعلاج بعض الأمراض المستعصية،لا نجد جديد اللهم إلا استيراد هذه العقاقير الطبية من الخارج،هذا بالنسبة للكليات العملية.
أما بالنسبة للكليات النظرية فما الجديد الذي ستضيفه وستثري به حياتنا ما الذي ستضيفه البحوث التي تقدم في الأقسام النظرية،صحيح هذه البحوث إثراء للعقل وتنمية ملكات التفكير وقد تفيد في مجالات علم النفس،والاثار وأقسام اللغات،لكن متي،،اذا تم التخديم عليها جيدا بحيث لاتكون تحصيل حاصل،اي لا نأخذ من هناك ونضع هنا،أي لا نأخذ من مجلدات ونضع في مجلدات،والنتيجة صفر لاشيئ.
خطابي هذا ليس موجها للجامعات فقط،وانما موجه لكل مراكز البحوث العلمية،من مراكز بحوث زراعية ،وجيوفيزيقية ومعاهد ومراكز التحليلات النفسية وغيرها،ايضا خطابي هذا موجه لكل من هو مهتم بالبحث العلمي في الوطن العربي، ويريد رفعته والنهوض به.
حقيقة لايمكن إنكارها أو تجاهلها ومن يفعل ذلك سيكون اما واما،اما مكابر وأما معاند.،لاينبغي علينا أن ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام أو نتلون كالحرباء إرضاء لفلان او علان،الكل الي زوال والذي يبقي هو الإنسان المكون الأصيل للوطن وهدفنا النهوض بهذا الوطن النهوض به من كبوته وإقالة عثرته.
ومن ثم لابد أن تتضافر كل الجهود والوقوف صفا واحدا في خندق واحد نضع أيدينا في أيدي بعضنا ونلتف بكل ما أوتينا من قوة خلف قيادتنا التي لا تألوا جهدا مواصلة للعمل ليلا ونهارا من أجل رفعة هذا الوطن.
لانثبط ولا نهبط الهمم وانما نتحد قدر استطاعتنا من أجل أن نبني وطنا قادرا علي المواكبة ومسايرة ركب التقدم العلمي والتقني علي كافة الأصعدة والمستويات،فلا يجوز بحال من الأحوال أن دولة بحجم بلدنا مصر الغالية أن تتوقف عن الإبداع والابتكار والمواكبة،من لايكون لديه غيرة علي بلده وحمية وحماس لنهضة هذا البلد فلا يحق له أن يحيي ويستظل بسمائها ولا يشرب من نيلها.
تحدياتنا كبيرة والمتربصون بنا كثر،فلابد أن نشمر سواعد الجد ونضع أعيننا وسط رؤوسنا لا بالكلام ولكن بالعلم والعمل الجاد .
فإنه لايمكن لأمة أن تنهض وان تقوم وان تستمر إلا بالعلم،ما علمنا أن أمة قامت علي الجهل والجهلاء واعي مااقول ليس عيبا أن نكون جهلاء ونعترف بذلك لكن العيب أن نظل هكذا ولانتعلم وننتظر من يفكر لنا ويبدع لنا نحن لسنا إمعة تابعين لأحد وانما نحن مصر،نحن حاضرة العلم والثقافة ،نحن أهل الإبداع ولنا في علمائنا الذين سبقونا الي الله الاسوة والقدوة في كافة المجالات في الطب في الصيدلية في الكيمياء النووية والذرية والطاقة،في الزراعة والصناعة والتجارة،في الفلسفة وعلم النفس والاجتماع والتاريخ في الفن التشكيلي وما يحتويه هذا الفن من ابداعات،في الموسيقي،في فنون الزخارف،لماذا لا نسير علي درب هؤلاء يا سادة هذا هو الداء الذي من الممكن أن نجد له دواء فنتحول به من داء عضال إلي داء له دواء،فليس ثم داء دون دواء الا الهرم،ونحن دولة فتية لم ولن تهرم دولة بها ثروة بشرية خطيرة إذا قدمنا لهم دواء ناجعا أعتقد أننا سنتعافي بسرعة كبيرة.
أما الدواء فيمكن وضع ورقة علاجية أعتقد لو طبقت تطبيقا دقيقا سنشفي في وقت قصير.
الإهتمام بالبحث العلمي في الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية علي كافة مستوياتها وتخصصاتها.ويحمل سبعة ابعاد الأول تخريج باحث متميز دون مجاملة لأحد بمعني أنه علي الأستاذ دور فاعل في هذا الأمر من حيث توجيه الدارس إلي إختيار موضوعات حيوية تخدم الواقع المعيش دون مجاملة لأحد إذا وجدنا بحثا معتبرا نجيزه والعكس وهذا دور منوط به الأستاذ المشرف علي الرسالة أو البحوث.
البعد الثاني معالجة مشكلة احجام كثير من الدارسين عن الالتحاق ببرامج الدراسات العليا،نتيجة المغالاة في المصروفات الدراسية،والتعقيدات الإدارية الروتينية مما يصيب بعض الدارسين بالاحباط.
البعد الثالث،اعطاء فرصة للدارسين في إختيار مشرفيهم،بمعني لماذا يفرض بعض الأساتذة سيطرتهم وهيمنتهم علي الدارسين وإجبارهم جبرا علي التسجيل معهم،دعوهم يختاروا ولا تجبروهم جبرا،دعوهم يقبلون علي البحث العلمي بحب دون قيد،دون تهديد،دون تعقيد.
البعد الرابع،علي الدارس أن يفكر جيدا في ما هو مقدم عليه هل هو علي قدر المسؤولية هل حقا يريد أن يقدم جديدا ام يأتي للتسلية لا نمتلك رفاهية الوقت وفراغه للتسلية أن كنت حقا تريد فمرحبا بكم وسنقفوا خلفلكم حتي تحققوا مرادكم كفانا تسلية كفانا لعب.
البعدالخامس،علي الدولة توفير الإمكانيات اللازمة وإمداد الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية بكل ما يحتاجونه من توفير معامل وأدوات معينة لإنجاح هذه المسألة.
البعد السادس علي الدول توفير حياة كريمة للاساتذة حياة يستطيعوا معها الإبداع والابتكار حياة مادية بالإضافة إلي المعنوية من تكريم ربنا تعالي في علاه للعلم والعلماء فالاساتذة لديهم أعباء معيشية فلابد من النظر الي هؤلاء حتي لا يغادروا بلادنا سعيا وراء المال الذي يحقق طموحات أسرهم المعيشية.
البعد السابع احتواء الدول للدارسين من الشباب الذين يقدمون علي البحث العلمي فهم عصب الأمة وثرواتها الحقيقية ويكون ذلك عن طريق تخفيض المصروفات الدراسية للالتحاق ببرامج الدراسات العليا فنعلم طلاب بحث جادييين اوقفتهم الظروف المادية عن إكمال دراساتهم علي الرغم من أنهم مشاريع لدارسين وباحثين جاديين ستستفيد منهم البلد وترقي وتتقدم الي الأمام.
اعتقد أننا لو أخذنا هذا الكلام بعين الاعتبار ستتحقق المعادلة التي ليست صعبة،معادلة رموزها واضحة وشفراتها معلومة.