ماهو نكران الجميل؟ هو كل تصرف يجبُّ ماقبله من مواقف طيبة وتصرفات نبيلة، وهو الجحود لمعروف الغير، ولاينكر المعروف إلا جاحد عديم التربية والأخلاق لا يردعه دين أو خلق سرعان مايتناسى العلاقات والمواقف الطيبة ويضرب بها عرض الحائط مستشهداً بل تابعاً لبعض السياسات في دولنا العربية والتي مزقت علاقات متينة وطدها رؤساؤهم السابقون واعتدت على حق الغير إرضاءً للنزوات والشهوات الشخصية، إن أول أسباب نكران الجميل هوالغيرة، فتجد الشخص الناكر غيورا لايعترف بما قدمه له الغير من صنائع المعروف وفعل الخير، لأنه لايريد أحداً أفضل منه وكأنه وصل إلى ما وصل إليه بنفسه دون دعم أحد من الأهل أوالأصدقاء في العمل، يصاب الناكر للجميل بغيرة تعميه عن غيره فتجده يقنع نفسه مرة بل مرات عدة أنَّه لافضل لأحد عليه وأنه يستحق كل شيء ولولا حنكته وحكمته لما بلغ المجد! والحقيقة مُرة بل مزعجة بالنسبة إليه لأنه يعلم جلياً أن ذلك غير صحيح ولقد ادّعاه ليقنع نفسه كل يوم بأنه فريد ومتميز وبهذا يتأصّل لديه نكران جميل الآخرين عليه، ثاني الأسباب المؤدية إلى نكران الجميل هو البيئة المحيطة بالناكر، فلو كان أعوانه وزبانيته ومحيطه الأسري يعينونه على هذا السلوك فلاأمل في إصلاحه؛ لأنه سيظل دائما يرى أنه على حق كما أن الناكر للجميل يصل إلى هذه النتيجة بالتدرج ثم التمرس على هذا العمل فإن لم يجد رادعاً يُصلحه سواء بتذكيره بالأخلاق الحميدة التي تنكر هذه التصرفات أو حتى بتقويمه فالنتيجة -حتماً- هي القناعة بأنه على حق وصواب، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( مَنْ رَأَىْ مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيّرْهُ بِيَدِه فِإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِه، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيْمَانْ ) إذاً البيئة تشكّل دوراً أساسياً في نكران الجميل من حيث تقويم الشخص وتربيته وتأكيد تصرفات الشخص بأنه على حق حتى وإن كانت خطأ، ثالث الأسباب هو الغرور والكبرياء وهما كفيلان بتدمير الصالح منا ويساعدان الشخص على أن يصبح منكراً للجميل فيظن أن الناس كأنهم خُلقوا من أجله وأنهم مطالبون بخدمته ومساعدته ونُصحه وهو مايعتبر خطأ جسيماً في تفكير المنكر، يقول الله تعالى في الحديث القدسي (الكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحداً مِنْهما قَذَفْتُه في النار) أيها المنكر للجميل اعلم أن ماأنت فيه وعليه فانٍ ولايبقى إلا رب العزة والجلال، الكبرياء يجعل المريض المنكر للجميل يطغى ويعتقد أنه لزاماً على الآخرين مساعدته وأنه يجب عليهم أن يُسخِّروا أنفسهم وطاقاتهم له فقط وأنهم عندما يساعدونه فإنهم يؤدون واجبهم وعملهم، لعلاج نكران الجميل طرق عديدة لعل أولها وأهمها هو تذكير النفس بأننا جميعا متساوون لافرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وهذا أمر يدعونا دائما إلى معرفة أن مساعدة الآخرين وتقديمهم للجميل والمعروف هو من باب الإخاء والمحبة لنا وهذا يجعلنا نذكّر أنفسنا في كل يوم وليلة بوجوب شكر الله وشكر الآخرين ورد الجميل بالجميل لا أن تكون عاقبة الإحسان والجميل النكران والجحود. ثانيا يجب علينا أن نعلم جلياً أن الله هو القادر والرازق والمدبر والأول والآخر والظاهر والباطن، فليس هناك شيء في الوجود ثابت فلاتغتر بمنصبك وكرسيك وعلاقاتك وشهاداتك فلست بأغنى من قارون ولست بأقوى من فرعون ولست بمحميٍّ من تقلبات القدر، ولك في مشاهير ورموز العرب العبرة والآية، ولقد قيل في نكران الجميل العديد من أبيات الشعر لعل أبرزها هذان البيتان: -