بعد أشهر طويلة من المفاوضات بين واشنطن وأنقرة، أعلن السفير الأميركي في تركيا، أمس الأحد، أن الكونغرس "وافق" رسمياً على بيع مقاتلات إف-16 لتركيا.
وأكد السفير جيف فليك في رسالة نشرتها السفارة الأميركية في أنقرة على منصة إكس، أن قرار الكونغرس بالموافقة على أن تحوز تركيا 40 مقاتلة إف-17 و79 مجموعة للتطوير يشكل تقدما كبيرا.تقدم كبير فماذا يعني هذا التقدّم الكبير الذي تحدّث عنه المسؤول الأميركي الرفيع؟
في السياق رأى الدكتور باسل الحاج جاسم، الباحث في العلاقات الروسية الأطلسية والقوقاز، أن عدم اعتراض الكونغرس أخيراً على طلب تركيا شراء طائرات تلك المقاتلات الأميركية، يأتي في إطار اختبار جديد للعلاقة بين أنقرة وواشنطن، خصوصاً وأن هناك خلافا بين البلدين العضوين أساساً في حلف شمال الأطلسي.
وأضاف في تصريح لـ"العربية.نت"، أن اللافت في موقف الكونغرس أنه جاء بعد إزالة الفيتو التركي على انضمام السويد للناتو، وهنا يمكن القول إن تغيير تركيا موقفها من انضمام السويد أتى بعدما ربط الاثنان دعم عضويتها بإعادة الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمامها للتكتل.
كما تابع أن هذا لم يكن مفاجأة، وإنما "مقايضة غير معلنة"، جاءت لضمان تزويد واشنطن أنقرة بطائرات F-16، ما يحسم ملفا خلافيا ساهم في تأزيم العلاقات بين البلدين سنوات طويلة.
كذلك لفت إلى أن زخم العلاقات الثنائية يسير في اتجاه إيجابي، لكن من غير الواضح ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرى هذا جزءا من تحوّل أوسع في السياسة الخارجية، أو مجرّد صفقة سياسية، في ظروفٍ تسعى فيها أنقرة إلى جذب المستثمرين الأجانب.
وأوضح أنه سبق أن أرسلت أنقرة مؤشّرات عديدة إيجابية لواشنطن، خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تركيا صيف العام الماضي، حيث سُمح له بالمغادرة مع مجموعة من مقاتلي كتيبة آزوف الذين نُقلوا إلى إسطنبول بموجب اتفاق لتبادل الأسرى مع موسكو، الأمر الذي أثار انزعاج الكرملين.
العلاقة مع موسكو
إلى ذلك، شدد على أنه رغم كل ما سبق، من الصعب الاعتقاد بحدوث تأثير على دفء العلاقات بين موسكو وأنقرة، خصوصاً في ملفي أوكرانيا وسوريا، بسبب اعتماد أنقرة على واردات النفط والغاز الروسي.
بالإضافة إلى أن موسكو طرف فاعل مهم في سوريا.
صفقة بـ23 مليار دولار
يشار إلى أن الحكومة الأميركية كانت وافقت في 26 كانون الثاني الفائت على هذه صفقة بيع مقاتلات إف-16 لتركيا البالغة قيمتها 23 مليار دولار، وذلك بعد ثلاثة أيام من مصادقة أنقرة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
وتم إبلاغ الكونغرس الأميركي في اليوم نفسه بالطلب التركي في شأن المقاتلات، حيث كان أمامه 15 يوما لإبداء رفضه، الأمر الذي لم يحصل.
كما أوضح مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة لم توافق على بيع المقاتلات إلا بعدما تلقت من تركيا في شكل ملموس أدوات مصادقتها على انضمام السويد إلى حلف الأطلسي، ما يعكس الطابع البالغ الحساسية للمفاوضات التي سبقت التوصل إلى الاتفاق.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عطل انضمام السويد إلى الحلف طوال عشرين شهرا، مشترطا موافقة أميركية "متزامنة" على بيع المقاتلات لبلاده